اتصل بنا
 

عندما تتحول حلوى العيد الى قنابل

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2025-04-02 الساعة 09:34

نيسان ـ لم يعد الموروث العربي الذي لطالما تغنى برمضان والأعياد مناسبات للفرح والتسامح والتجمعات العائلية جميلا كما كان، بعد ان تحول سحور الصائمين وحلوى العيد في غزة والضفة الغربية الى قنابل متفجرة.
والذين أفطروا طوال أيام الصوم على الدم النازف من أنوفهم وخواصر أطفالهم لم يعودوا آبيهن بمعارك الورق و"الفطبول" ولا حتى بتصريحات السياسيين الحميدة والمجيدة او تلك المجترة والمستنسخة عشرات المرات؟
لم يعد للموروث العربي ذلك البريق الذي كان يشع به في مواسم الفرح والاحتفال، بعدما تحولت ليالي رمضان في غزة إلى ظلام تقطّعه أضواء الانفجارات، وحلّت أصوات القصف محل التراتيل والأناشيد. لم تعد موائد الإفطار عامرةً بالبهجة، بل باتت تجمع الأحزان والآلام، حيث يفطر الصائمون على مرارة الفقد، ويستقبلون العيد بأكفان أطفالهم بدلًا من ثياب العيد الجديدة.
ولم يعد سكان غزة يكترثون بمعارك مواقع التواصل الاجتماعي، ولا حتى بفتاوي بعض المشايخ وحتى الشعراء التي تأتي مغلّفة بالأمل الزائف أو بعبارات الصمود المكررة. فكيف لمن فقد بيته وعائلته أن يهتم بخطابات لا تقيه برد الليل، ولا تشبع جوع الصغار؟
فلا داعي لنسج القصائد فيك ولا تطريز المقالات عنك فالصورة التي تعكس الواقع وتنقله الكاميرات أبلغ من أي قصيدة أو مقال..
وعلى مرمى رصاصة أو صرخة واحدة، ثمة بشر لا يجدون جمرة تحميهم من قشعريرة هذا الصقيع غير تلك الجمرة الطيبة التي قبضوا عليها وتشبثوا بها حتى حولت أصابعهم إلى شموع.
وسط هذا الدمار، لم يتبق للغزيين إلا الإرادة، تلك التي لا تستطيع القذائف اختراقها، ولا يمكن للحصار أن يخنقها. ففي كل بيت يُهدم، تُبنى ذاكرة مقاومة، وفي كل شهيد يُزف، يولد وعد بالثبات. فربما سرق الاحتلال منهم الأعياد، لكنه لن يسرق منهم الإيمان بأن الفجر سيأتي مهما طال الليل.

نيسان ـ نشر في 2025-04-02 الساعة 09:34


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً