اتصل بنا
 

تقرير يكشف عن إخفاقات وراء الهجوم على قاعدة أميركية

نيسان ـ نشر في 2025-04-08 الساعة 15:07

x
نيسان ـ ترجمة - أظهر تحقيق عسكري نشرته صحيفة واشنطن بوست، أن الهجوم بطائرة مسيّرة، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين العام الماضي، كان من الممكن منعه على الأرجح، بعد أن كشف عن سلسلة من الإخفاقات الجسيمة — من التراخي والتردد إلى الإهمال الواضح — أدت إلى أعنف هجوم على القوات الأميركية منذ الانسحاب من أفغانستان.
وقع الحادث في موقع عسكري أميركي ناءٍ يُعرف باسم "تاور 22"، بالقرب من حدود الأردن مع سوريا والعراق. وكان هذا الموقع قد نجا سابقًا من الهجمات التي طالت مواقع أميركية أخرى في المنطقة من قِبل ميليشيات مدعومة من إيران، غاضبة من الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزة.
في صباح 28 يناير 2024، بينما كان معظم الجنود البالغ عددهم 350 في القاعدة نائمين، ظهرت مؤشرات على هجوم محتمل. وتوصل المحققون العسكريون إلى أن تحذيرًا وصل إلى القاعدة قبل نحو 90 دقيقة، يشير إلى مناقشات على وسائل التواصل الاجتماعي بين مجموعات مسلحة تتحدث عن نية استهداف القوات الأميركية في المنطقة.
وبحسب ما ترجمته عمون، طلب نائب قائد القاعدة من فريق الحراسة "التحلي باليقظة"، لكن عندما التقط الرادار جسماً طائراً غير معروف، لم يُقيّم أحد أنه يشكل تهديدًا، ولم تُصدر أي أوامر لاتخاذ إجراءات الحماية.
كانت من بين القتلى الرقيب كينيدي ساندرز، البالغة من العمر 24 عامًا. وقالت والدتها، أونيدا أوليفر-ساندرز، إن المسؤولين العسكريين كانوا صريحين مع العائلة بشأن الإخفاقات. وأعربت عن فخرها بالجنود الذين خاطروا لإنقاذ زملائهم، لكنها شعرت بالحزن لأن التحذير لم يُطلق في الوقت المناسب.
وأضافت: "كان لديهم الوقت لتحذيرهم، لكن قرارات سيئة منعت ذلك".
كما قُتل في الهجوم الرقيب أول ويليام جيروم ريفرز (46 عامًا)، والرقيب بريونا أليكسوندريا موفيت (23 عامًا). وأُصيب أكثر من 70 جنديًا آخرين، بعضهم إصابات خطيرة.
تستند هذه النتائج إلى تقرير شامل مكوَّن من 4,500 صفحة، بالإضافة إلى مقابلات مع أسر الضحايا وملخص رسمي قدمه الجيش. وقد تم حجب أكثر من نصف التقرير، مع تنقيح جزء كبير مما تم الإفراج عنه.
كانت "تاور 22"، التي تُستخدم لدعم قاعدة أميركية أخرى في سوريا، مصنفة على أنها هدف منخفض الخطورة، ولهذا السبب تم رفض طلب تعزيز أنظمة الدفاع الجوي فيها. وتم رفض طلب للحصول على نظام مضاد للطائرات المسيّرة قبل الهجوم بأربعة أشهر، بدعوى أن النظام الوحيد المتوفر كان مستخدمًا في تدريب داخل الولايات المتحدة. كما رُفض طلب آخر للحصول على رادار أكثر كفاءة في كشف الطائرات المسيّرة.
في وقت الهجوم، كانت الوسائل الدفاعية الوحيدة المتوفرة هي أنظمة حرب إلكترونية تعمل على تعطيل أو تشويش مسار الطائرات المسيّرة، دون القدرة على إسقاطها.
أُبلغت عائلة ساندرز بأن أربعة ضباط خضعوا لإجراءات تأديبية نتيجة للهجوم، لكن أسماؤهم والعقوبات التي فُرضت عليهم لم تُكشف.
خلال الأشهر السابقة للهجوم، شعر الجنود في القاعدة بتزايد التهديدات. ففي أكتوبر، تم إسقاط طائرة مسيّرة خارج محيط القاعدة، ولاحقًا شوهدت طائرات استطلاعية صغيرة دون أن تتمكن القوات من التعامل معها.
كان ساندرز، موفيت، وريفرز جزءًا من وحدة هندسية مسؤولة عن تعزيز تحصينات القاعدة. كان ريفرز ضابط صف خبيرًا بالأعمال الكهربائية، بينما كانت موفيت وساندرز تعملان بمعدات ثقيلة مثل الجرافات والحفارات.
في الليلة التي سبقت الهجوم، قضت ساندرز وموفيت وقتًا بلعب لعبة الفيديو "Call of Duty" في خيمتهما، كنوع من الترفيه النادر في مهمات الشرق الأوسط. ثم عادتا إلى وحدة السكن البسيطة التي كانتا تتشاركانها.
في نحو الساعة 5:30 صباحًا، كان الفريق المكلّف بمتابعة الأوضاع يراقب طائرة أميركية صديقة تنهي مهمتها الاستطلاعية. بعد دقيقة، أظهر الرادار جسمًا مجهولًا يقترب من الجنوب، لكن الفريق كان منشغلًا بمراقبة الطائرة الصديقة وهي تهبط، وفقًا للتقرير.
بحلول الساعة 5:35 صباحًا، سُمع صوت خافت يشبه صوت جزازة العشب — ثم دوى انفجار هائل.
دخل أحد القادة (لم يُذكر اسمه في التقرير) غرفة العمليات وهو يصرخ: "كيف لم تروها؟" وأُطلقت صفارات الإنذار تدعو الجميع للاتجاه إلى المخابئ، بينما كانت الشظايا والحطام تتساقط.
بعد رفع حالة التأهب، سارع الجنود إلى مكان الحطام بحثًا عن ناجين، متجاوزين إصاباتهم، رغم احتمال وجود طائرات مهاجمة إضافية.
قُتل ريفرز فورًا ودُفن تحت الأنقاض. وألقت قوة الانفجار بساندرز على سطح سكنها. نُقلت هي وموفيت إلى مركز الإسعاف، لكن المركز كان مكتظًا بالمصابين. حاول الأطباء إنعاش موفيت، لكن بسبب كثرة الجرحى، اضطروا للتركيز على من لديهم فرصة أكبر للنجاة.
أُعلن نداء تبرع بالدم عبر مكبرات الصوت، واصطف الجنود للتبرع. وبعد مدة قصيرة، تم رصد طائرة مسيّرة أخرى وإسقاطها بواسطة نظام دفاع جوي في قاعدة التنف الأميركية، على بعد 13 ميلاً في سوريا.
قدم قس القاعدة الطقوس الدينية الأخيرة للجنود الثلاثة، بينما وقف زملاؤهم لحراسة جثثهم حتى وصول المروحية لنقلهم.
الإخفاقات التي كُشفت
حمّل التحقيق الجيش مسؤولية كبيرة، وركّز على فشل قيادة غرفة العمليات في تقييم التهديد الذي ظهر على الرادار أو اتخاذ إجراءات فورية.
قال الجنود المكلفون برصد التهديدات إنهم لم يروا الطائرة المسيّرة على شاشاتهم، بل رأوا جسمين اعتقدوا أنهما طيور أو بعيدان جدًا عن تشكيل خطر.
وجد التحقيق أيضًا أن طاقم غرفة العمليات لم يكن واضحًا بشأن الأدوار والمسؤوليات، خاصةً وأن نوبة الليل، الأكثر احتمالًا لوقوع هجمات، كان يديرها قائد صف وليس ضابطًا، ما جعل الطاقم غير واثق من اتخاذ قرارات مصيرية حتى في مواجهة تهديد وشيك.
كما فشلت قيادة القاعدة في تنفيذ تدريبات كافية، ووصفت خطط الطوارئ بأنها "غير كافية".
وقال المحققون إن متابعة الطائرة الصديقة لحظة هبوطها ربما شتّت انتباه الطاقم عن التهديد الحقيقي. ويُعتقد أن المهاجمين استغلوا هذا التوقيت المتعمد لتنفيذ الضربة.
من بين العوامل الأخرى: الإرهاق المتراكم لدى الطاقم الليلي، وعدم قدرة الرادارات على تحديد ما إذا كان الجسم طائرة مسيّرة أم لا. ونتيجة لذلك، خفّض الجيش ساعات نوبات الليل من 12 إلى 8 ساعات، وزاد من عدد القادة في الموقع، وعزّز من برامج التدريب.
قالت فرانسين موفيت، والدة بريونا، إنها شعرت ببعض الراحة حين علمت أن ابنتها تلقت الطقوس الدينية الأخيرة، لكنها ما زالت تعاني من فكرة عدم قدرتها على وداعها في لحظاتها الأخيرة.
وأضافت: "عندما يقولون لك اسمها ثم يقولون إنها توفيت، لا تسمع أي شيء بعد ذلك".
لكن إرث ابنتها ما زال حيًا. كانت بريونا جندية احتياطية، وتعمل في مركز لعلاج الشلل الدماغي، الذي أسس جائزة باسمها تكريمًا لها.
أما شون ساندرز، والد كينيدي، فقال إنه وزوجته قدّروا تفاني زملاء ابنتهما الذين حرصوا على حماية جثتها، لكنه اعترف بأن نتائج التحقيق كانت صعبة التقبّل.
وقال: "من المحبط جدًا أن نعرف أن أربع دقائق مضت، وأن خطأ بشري سمح بحدوث ذلك".
كانت ابنته مليئة بالطموحات، وكانت تخطط لدراسة علم الأشعة. وبعد وفاتها، اجتمع مجتمعهم في مدينة وايكروس، جورجيا، لدعم العائلة. اليوم، بات أحد شوارع الحي يحمل اسمها: طريق كينيدي إل. ساندرز.

نيسان ـ نشر في 2025-04-08 الساعة 15:07

الكلمات الأكثر بحثاً