اتصل بنا
 

محادثات مسقط.. غاية أمريكية ووسيلة إيرانية

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2025-04-13 الساعة 15:01

نيسان ـ انطلقت يوم أمس محادثات بين إيران وأمريكا في العاصمة العمانية مسقط. ومن الجدير ذكره أن مسقط استضافت المحادثات الأولى بين البلدين عام 2011 وتوجت باتفاق حول ملف إيران النووي في 2015.
تصريحات أمريكية فوقية ولهجة تحذيرية
لهجة التحذير في الخطاب الرسمي الأمريكي قبل بدأ المحادثات عكست مزاج الإدارة الأمريكية الذي ترجح فيه الكفة لفائدة استعمال القوة ضد إيران. وهناك حديث عن معسكر كامل من داخل الحزب الجمهوري وفي إدارة ترامب، وفي غيرهما يقدّم استعمال القوة على النهج الديبلوماسي.
ومن بين أكثر المؤيدين لخيار القوة في فريق ترامب وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز. ويعتقد رموز هذا المعسكر بأهمية القوة التي تتراوح بين استعراضها واستعمالها. وفي هذا السياق يأتي تحشيد القوة الأمريكية في المنطقة، العمليات المتواصلة ضد الحوثيين. وقد يُفهم بأنّ المفاوضات كأنها تتم لأول مرة "تحت التهديد".
ترامب بدوره قال: أتمنى للإيرانيين أن تكون دولتهم عظيمة وسعيدة لكن دون سلاح نووي. كذلك بدا تصريح الناطقة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس بذات الفوقية التي تحدث بها ترامب ومما جاء في كلمتها "إن ما يجري اليوم في سلطنة عمان بين بين الإيرانيين والإدارة الأمريكية مجرّد اجتماع وليس مفاوضات. والهدف منه هو تحديد ما إذا كان الإيرانيون جادين برغبتهم في إحداث التغيير. لم نصل بعد إلى مرحلة نتحدث فيها عن تفاصيل المفاوضات. وإنما في مرحلة استكشاف ما إذا كان النظام الإيراني "الإرهابي" مستعدا لمحاولة فعل شيء ما لشعبه، ولضمان استمرار وجوده. فالإيرانيون حاليا ليسوا في وضع يسمح لهم بوضع أي قواعد أو تقديم أي مطالب".
في الجهة المقابلة قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني يعقوب رضا زادة: أن المحادثات سوف تقتصر على الملف النووي ولن تتطرق إلى قوة إيران العسكرية. ورأى إسماعيل بقائي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن طهران عازمة في هذه المفاوضات على توظيف كافة القدرات لصيانة المصالح الوطنية الإيرانية.
المجال السني
وردت عبارة "المجال السني" بالاستراتيجية الأمريكية في أتون أحداث 11 سبتمبر 2001 على معنى أنّه مجال مستبعد باعتباره مصدرا للإرهاب بالنظر لمرتكبي الأحداث ومن خلفهم من طالبان والقاعدة. مما حدا بأصحاب هذه الاستراتيجية الاقتراب من إيران والتقاطع معها في العراق وفي افعانستان.
مؤشرات الاستنتاجات داخل الإدارة الأمريكية تفيد في إعادة التعريفات أو التصنيفات بحيث جعلت من المجال السني أقل خطرا بالنظر إلى العلاقة بمستقبل دولة الكيان الوظيفية. وحال المجال العربي الذي لا يزال منطقة فراغ للتدخل الإقليمي والدولي. وفي ذلك تم استهداف حزب الله باعتباره خطرا على الكيان وبنفس الوقت هو قاعدة التوسع الإيراني في المجال نفسه. وسقوط النظام السوري وقيام حكم جديد تتقاطع إيران والإدارة الأمريكية والكيان في اعتباره قاعدة للتوسع التركي. ويرى فيه ترامب وفريقه من منظور "الجغرافيا السياسية" بروزا متصاعدا لمعطى استراتيجي يحمل اسم "المجال السني".
صفقة سريعة أم مفاوصات طويلة؟
في بداية الحديث عن المفاوضات أرادت الإدارة الأمريكية أن تكون المفاوضات مباشرة وفي دولة الإمارات، ولكن طهران أصرت على أن تتم بعُمان وتكون غير مباشرة وهذا ما نجحت به بداية.
إيران ترى أن "نفوذها الإقليمي وقوتها العسكرية" لن يكونا ضمن محاور المباحثات. وتعتقد أن ما انطلق يوم أمس هو عملية جس نبض، وتدرك جيدا وضعها بعد سقوط نظام بشار وخروجها من سورية، وهو حال يذكرها نوعا ما بوضعها الاستراتيجي عشية إيقاف حرب الثماني سنوات. لذلك بدت مصرة ربما أكثر من قبل على ألا تكون المفاوضات مباشرة. فالمفاوضات عبر وسيط تمنحها قدرة أكثر على المناورة. وتمكنها من مد حبل المفاوضات والمراهنة على عامل الوقت الكفيل بالتأثير في شروط التفاوض وربما تغييرها، الأمر الذي لم تغفل عنه الإدارة الأمريكية حين طالب ترامب بأن تنتهي المفاوضات خلال شهرين.
الإيرانيون ماهرون في الصفقات هكذا يقال.. لكن الإدارة الأمريكية تدرك الخلخلة التي أصابت نقاط الارتكاز في المنطقة، لذلك هي تسعى لجرّ إيران، الخاسر الأكبر، إلى صفقة على المقاس الأمريكي.. فأيهما يجر الآخر الغاية الأمريكية بعقد صفقة أم الوسيلة الإيرانية في إدامةالمفاوضات؟.

نيسان ـ نشر في 2025-04-13 الساعة 15:01


رأي: محمود أبو هلال كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً