حزب الجبهة الأردني بعد 'يتم الأم': أوقات عصيبة واختبارات معقدة… ما الوظيفة المهمة المتبقية؟
نيسان ـ نشر في 2025-04-24 الساعة 23:20
x
نيسان ـ تنتظر حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني «أوقات صعبة وعصيبة» تتضمن «خيارات ومسارات معقدة» كل منها مكلف ولها فاتورته بعد «الحظر» الشامل لمرجعيته في الحركة الإسلامية وتحوله إلى «حزب وحيد» سيراقب الجميع كل صغيرة وكبيرة تخصه.
حزب المعارضة الوحيد في البلاد عملياً «فصلته» الدولة بذراعها القانونية عن «الأم» التنظيمية بعد قرارات حظر «الإخوان المسلمين»، الأمر الذي كان يمكن طبعاً للحزب تجنبه لو استجابت قيادته من سنوات طويلة لدعوات داخلية كانت تقترح العمل باستقلالية.
الحزب عملياً «يتيم الآن»، لكن الدولة -نسبياً- عندما تحركت ضد «المرجع الأم» حررت الحزب ضمناً من قيود العلاقة التنظيمية، وأمامه اليوم مساحة حرة في التحرك أكثر إن استطاع المشي أو الهرولة.
حتى تعريف «المعارضة» أصبح مثاراً للنقاش؛ فقد تقدم رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الإثنين الماضي، بمداخلة قال فيها إنه «لا توجد معارضة في مجلس النواب» بل «كتل تمثل أحزاباً تراقب الحكومة»، إلزامي للجميع.
عبارة الصفدي هنا كانت «رسالة ملغزة» تلفت النظر وتنصح في آن واحد دون توفر أي آلية لتفحص إمكانية تعاطي الحزب نفسه بإيجابية مع مثل هذا الطرح الذي يحكمه النص الدستوري.
الدستور ينظم بوضوح العلاقة بين السلطتين تحت قبة البرلمان، والأمر الذي تعود عليه الأردنيون هو أن المعارضة للحكومات فقط.
قبل التصعيد الأخير مع التيار الإسلامي، كان الصفدي -وقد بقي مقرباً من رموز كتلة حزب الجبهة وناصحاً لهم- يتذمر بحضور «القدس العربي» من الطريقة التي يدير بها الإسلاميون أداءهم البرلماني عند التوقف مع التفاصيل الرقابية والتشريعية.
«لقد أصابهم الغرور في الاشتباك التشريعي»، هذا ما قاله برلماني بارز فيما استمعت «القدس العربي» من الصفدي وآخرين إلى ملاحظات مسجلة على «الأداء» على شكل أسئلة: «ما مبرر العودة إلى الزج بعبارة «بما يتناسب مع أحكام الشريعة الإسلامية» في تعديل على نص قانوني يختص بـ «حقوق المرأة»؟
كانت تلك، تشريعياً، عودة غريبة لا يفسرها أن نواب الكتلة الإسلاميون يعبرون عن «هويتهم»، فقد علم أهم رموز الكتلة خلف الستائر بأن ملف «شؤون المرأة» استحقاق والتزام يخص «الدولة» ولا مبرر للتحرش بالنص في بلد ينص دستوره على ان «دين الدولة: الإسلام».
ما هو مبرر الزج بعبارة «باستثناء العدو الإسرائيلي» في تعديل يخص الاستثمار والآن؛ في عهد الرئيس دونالد ترامب؟ سؤال آخر طرحه مطبخ الحكومة التشريعي حيث التحرش هنا يخص قوانين عابرة للحكومات في الواقع.
حصة كتلة الأغلبية الإسلامية من «الملاحظات» لا تقف عند حدود التشريعات، فقد تغيب نواب الكتلة الأساسيون عن «استقبالات مهمة» وغردوا خارج النص والسرب في المزاحمة على «مناصب التشريع العليا».
خاضت الكتلة سلسلة معارك «وخسرت معظمها» عملياً تحت القبة.
لاحقاً، تصدر نبأ البيان الأمني الخاص بـ «خلية تصنيع الأسلحة» ثم مذكرة الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات لإلقاء «عبء» جديد على كتلة الحزب البرلمانية التي تحتفظ بـ 31 مقعداً.
الهيئة استوضحت عن 3 أسماء من متهمي التصنيع، أسماؤهم مسجلة في كشوفات الحزب… وورد ذلك في خطاب رسمي لرئيس الهيئة الوزير موسى معايطة «نبأ غير سار» سياسياً، والإيحاء بأن بعض المتهمين من أبناء الحزب الذي أرسل كشوفات بأسمائهم للهيئة.
معايطة قال إن «الهيئة ستحقق أكثر» في انتظار قرار المحكمة.
الأمين العام للحزب المهندس وائل السقا، كان يتجاوب ببطء شديد وفي وقت متأخر.
ومع بداية تكهنات حظر الحركة الإخوانية، تجاهل «نصائح» بـ «فصل الأعضاء المتهمين» كبادرة «حسن نية»، على قاعدة أن الحزب أهم من أفراده. لاحقاً، عقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء، لإعلان قرار الحزب «تجميد عضوية» المتهمين الـ 3، فيما «الهيئة المستقلة» تتحفز للحفر في التفاصيل.
قبل ذلك، هوجمت كتلة الحزب بـ «ضراوة»، ونهشتها في جلسة شهيرة وصاخبة بقية الكتل البرلمانية.
وبعد «الحظر وإجراءاته»، دخل الحزب كمؤسسة مرخصة في تعقيدات المشهد والاحتمالات الآن، حيث المطالب علنية من خارج الصف الرسمي ومن بعض المزايدين بـ «حل الحزب أيضاً» وإقصاء نوابه وتوزيع مقاعده البرلمانية على بقية الأحزاب الوسطية.
تلك أيضاً عملية معقدة للغاية تضعف «شرعية» واحدة من أهم فصول الانتخابات النزيهة منذ عام 1989 وفي وسط معادلة التحديث السياسي.
لذلك، فإن انعكاسات ما حصل في ملفي «التصنيع المسلح» و«الحظر الإخواني» على الحزب الأكبر في البلاد، تبدو مهمة وحساسة ودقيقة ومفتوحة الاحتمالات، ليس لأن «رسائل الدولة» لم تصل بعد لقادة ونواب الحزب- فقد وصلت بالتأكيد، ولكن لأن قيمة استراتيجية مؤثرة قد تتطلب بقاء الحزب كجسم قانوني ودستوري وبرلماني تتمثل في أن حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص اليوم والذي شارك في الانتخابات يمثل الحافلة الوحيدة المتاحة لأنصار التيار الإسلامي، ولأن وظيفة ما قد يلعبها الحزب مستقبلاً وتصبح ضرورية للغاية إذا ما قرر كوادر الجماعات المحظورة البحث عن «ملاذ حزبي» يحتويهم منعاً للتأزيم أو للخيارات الأسوأ.
وعليه، يمكن اعتبار الإصرار على توجيه ضربات للحزب بصفة مستعجلة يكشف عن «انتهازية متسرعة» نسبياً عند تيارات تخاصمه وتتصور بأنها سترث مقاعدة بكل يسر وسهولة، لأن الاستعجال اتجاه خاطئ هنا قد يسحب مشكلات عميقة يمكن الاستغناء عنها، فيما القضاء سيكون صاحبة الكلمة الفصل.
ذلك لا يعني أن الحزب وكتلته سيحظيان بالمزيد من «الدلال» بعد الآن، حيث الرسائل تقول بوضوح إن «الخيارات» عندما تخص «الدولة وليس الحكومة» ليس من الحكمة الاصطدام بها، ومن يتقدم لقيادة مؤسسة حزبية بالانتخاب الداخلي فعليه أن يحرص على تحمل مسؤولية ما يفعله الأعضاء، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بجنايات وجرائم.
الحزب في صف «الانتظار» الآن ويواجه «اختبارات معقدة»، وكتلته البرلمانية في «مهب ريح» قد يتصاعد دخانها، والحذر واجب. وقيادته الحالية البطيئة غير المبادرة هي من أهم أسباب الإخفاق.
وفي المقابل، على مجسات القرار ألا تستمع أكثر لدعاة «السحق والاجتثاث»؛ فوجود الحزب قد يكون مدخلاً لتحقيق قيمة أساسية مضافة في مجال «الاستقرار العام» وخدمة «التحديث».
القدس العربي
حزب المعارضة الوحيد في البلاد عملياً «فصلته» الدولة بذراعها القانونية عن «الأم» التنظيمية بعد قرارات حظر «الإخوان المسلمين»، الأمر الذي كان يمكن طبعاً للحزب تجنبه لو استجابت قيادته من سنوات طويلة لدعوات داخلية كانت تقترح العمل باستقلالية.
الحزب عملياً «يتيم الآن»، لكن الدولة -نسبياً- عندما تحركت ضد «المرجع الأم» حررت الحزب ضمناً من قيود العلاقة التنظيمية، وأمامه اليوم مساحة حرة في التحرك أكثر إن استطاع المشي أو الهرولة.
حتى تعريف «المعارضة» أصبح مثاراً للنقاش؛ فقد تقدم رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الإثنين الماضي، بمداخلة قال فيها إنه «لا توجد معارضة في مجلس النواب» بل «كتل تمثل أحزاباً تراقب الحكومة»، إلزامي للجميع.
عبارة الصفدي هنا كانت «رسالة ملغزة» تلفت النظر وتنصح في آن واحد دون توفر أي آلية لتفحص إمكانية تعاطي الحزب نفسه بإيجابية مع مثل هذا الطرح الذي يحكمه النص الدستوري.
الدستور ينظم بوضوح العلاقة بين السلطتين تحت قبة البرلمان، والأمر الذي تعود عليه الأردنيون هو أن المعارضة للحكومات فقط.
قبل التصعيد الأخير مع التيار الإسلامي، كان الصفدي -وقد بقي مقرباً من رموز كتلة حزب الجبهة وناصحاً لهم- يتذمر بحضور «القدس العربي» من الطريقة التي يدير بها الإسلاميون أداءهم البرلماني عند التوقف مع التفاصيل الرقابية والتشريعية.
«لقد أصابهم الغرور في الاشتباك التشريعي»، هذا ما قاله برلماني بارز فيما استمعت «القدس العربي» من الصفدي وآخرين إلى ملاحظات مسجلة على «الأداء» على شكل أسئلة: «ما مبرر العودة إلى الزج بعبارة «بما يتناسب مع أحكام الشريعة الإسلامية» في تعديل على نص قانوني يختص بـ «حقوق المرأة»؟
كانت تلك، تشريعياً، عودة غريبة لا يفسرها أن نواب الكتلة الإسلاميون يعبرون عن «هويتهم»، فقد علم أهم رموز الكتلة خلف الستائر بأن ملف «شؤون المرأة» استحقاق والتزام يخص «الدولة» ولا مبرر للتحرش بالنص في بلد ينص دستوره على ان «دين الدولة: الإسلام».
ما هو مبرر الزج بعبارة «باستثناء العدو الإسرائيلي» في تعديل يخص الاستثمار والآن؛ في عهد الرئيس دونالد ترامب؟ سؤال آخر طرحه مطبخ الحكومة التشريعي حيث التحرش هنا يخص قوانين عابرة للحكومات في الواقع.
حصة كتلة الأغلبية الإسلامية من «الملاحظات» لا تقف عند حدود التشريعات، فقد تغيب نواب الكتلة الأساسيون عن «استقبالات مهمة» وغردوا خارج النص والسرب في المزاحمة على «مناصب التشريع العليا».
خاضت الكتلة سلسلة معارك «وخسرت معظمها» عملياً تحت القبة.
لاحقاً، تصدر نبأ البيان الأمني الخاص بـ «خلية تصنيع الأسلحة» ثم مذكرة الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات لإلقاء «عبء» جديد على كتلة الحزب البرلمانية التي تحتفظ بـ 31 مقعداً.
الهيئة استوضحت عن 3 أسماء من متهمي التصنيع، أسماؤهم مسجلة في كشوفات الحزب… وورد ذلك في خطاب رسمي لرئيس الهيئة الوزير موسى معايطة «نبأ غير سار» سياسياً، والإيحاء بأن بعض المتهمين من أبناء الحزب الذي أرسل كشوفات بأسمائهم للهيئة.
معايطة قال إن «الهيئة ستحقق أكثر» في انتظار قرار المحكمة.
الأمين العام للحزب المهندس وائل السقا، كان يتجاوب ببطء شديد وفي وقت متأخر.
ومع بداية تكهنات حظر الحركة الإخوانية، تجاهل «نصائح» بـ «فصل الأعضاء المتهمين» كبادرة «حسن نية»، على قاعدة أن الحزب أهم من أفراده. لاحقاً، عقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء، لإعلان قرار الحزب «تجميد عضوية» المتهمين الـ 3، فيما «الهيئة المستقلة» تتحفز للحفر في التفاصيل.
قبل ذلك، هوجمت كتلة الحزب بـ «ضراوة»، ونهشتها في جلسة شهيرة وصاخبة بقية الكتل البرلمانية.
وبعد «الحظر وإجراءاته»، دخل الحزب كمؤسسة مرخصة في تعقيدات المشهد والاحتمالات الآن، حيث المطالب علنية من خارج الصف الرسمي ومن بعض المزايدين بـ «حل الحزب أيضاً» وإقصاء نوابه وتوزيع مقاعده البرلمانية على بقية الأحزاب الوسطية.
تلك أيضاً عملية معقدة للغاية تضعف «شرعية» واحدة من أهم فصول الانتخابات النزيهة منذ عام 1989 وفي وسط معادلة التحديث السياسي.
لذلك، فإن انعكاسات ما حصل في ملفي «التصنيع المسلح» و«الحظر الإخواني» على الحزب الأكبر في البلاد، تبدو مهمة وحساسة ودقيقة ومفتوحة الاحتمالات، ليس لأن «رسائل الدولة» لم تصل بعد لقادة ونواب الحزب- فقد وصلت بالتأكيد، ولكن لأن قيمة استراتيجية مؤثرة قد تتطلب بقاء الحزب كجسم قانوني ودستوري وبرلماني تتمثل في أن حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص اليوم والذي شارك في الانتخابات يمثل الحافلة الوحيدة المتاحة لأنصار التيار الإسلامي، ولأن وظيفة ما قد يلعبها الحزب مستقبلاً وتصبح ضرورية للغاية إذا ما قرر كوادر الجماعات المحظورة البحث عن «ملاذ حزبي» يحتويهم منعاً للتأزيم أو للخيارات الأسوأ.
وعليه، يمكن اعتبار الإصرار على توجيه ضربات للحزب بصفة مستعجلة يكشف عن «انتهازية متسرعة» نسبياً عند تيارات تخاصمه وتتصور بأنها سترث مقاعدة بكل يسر وسهولة، لأن الاستعجال اتجاه خاطئ هنا قد يسحب مشكلات عميقة يمكن الاستغناء عنها، فيما القضاء سيكون صاحبة الكلمة الفصل.
ذلك لا يعني أن الحزب وكتلته سيحظيان بالمزيد من «الدلال» بعد الآن، حيث الرسائل تقول بوضوح إن «الخيارات» عندما تخص «الدولة وليس الحكومة» ليس من الحكمة الاصطدام بها، ومن يتقدم لقيادة مؤسسة حزبية بالانتخاب الداخلي فعليه أن يحرص على تحمل مسؤولية ما يفعله الأعضاء، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بجنايات وجرائم.
الحزب في صف «الانتظار» الآن ويواجه «اختبارات معقدة»، وكتلته البرلمانية في «مهب ريح» قد يتصاعد دخانها، والحذر واجب. وقيادته الحالية البطيئة غير المبادرة هي من أهم أسباب الإخفاق.
وفي المقابل، على مجسات القرار ألا تستمع أكثر لدعاة «السحق والاجتثاث»؛ فوجود الحزب قد يكون مدخلاً لتحقيق قيمة أساسية مضافة في مجال «الاستقرار العام» وخدمة «التحديث».
القدس العربي