تأنيث التعليم المبكر في الأردن: قرار يهدد التوازن التربوي والاجتماعي
فراس عوض
كاتب
نيسان ـ نشر في 2025-04-27 الساعة 14:29
نيسان ـ اتجهت وزارة التربية والتعليم في الأردن نحو تأنيث التعليم حتى الصف السادس الأساسي، بفرار اصدره الوزير اليوم، تحت ذريعة تحسين التحصيل الدراسي ودعم البيئة العاطفية للطلبة في المراحل المبكرة. غير أن هذا التوجه، رغم نواياه الظاهرة، يحمل في طياته آثارًا تربوية واجتماعية خطيرة لا يمكن تجاهلها، بل ويتعارض مع أبسط مبادئ التوازن التنموي، ويهدد بإحداث اختلال عميق في بنية المجتمع على المدى البعيد.
الدراسات العالمية لم تحسم على الإطلاق أن وجود المعلمات الإناث في الصفوف الأولى يؤدي إلى ارتفاع كبير أو مستدام في التحصيل الدراسي. على العكس من ذلك، كشفت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج على أكثر من 1000 تلميذ أن الأطفال الذين تعلموا على يد معلمات أو معلمين لم يظهروا فروقًا جوهرية في التحصيل، مع ملاحظة أن معلمات الإناث عززن الشعور بالأمان العاطفي لدى الطلبة، لا أكثر. أما تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2019 فقد أوضح أن الدول التي حافظت على تنوع بين الجنسين في تدريس الصفوف الأولى، مثل النرويج وفنلندا، حققت مستويات أفضل في التوازن النفسي والاجتماعي للطلبة من الدول التي فرطت في تأنيث التعليم. هذا يعني أن وجود المعلمين الذكور إلى جانب المعلمات ليس ترفًا، بل ضرورة تربوية لبناء شخصيات متوازنة للذكور والإناث معًا.
الأخطر من ذلك أن تأنيث التعليم في هذه المرحلة المبكرة يرسخ أدوارًا نمطية خطيرة في أذهان الطلبة حول العمل والتعليم كوظائف أنثوية بطبيعتها، ويضعف النموذج الذكوري الإيجابي الذي يحتاجه الأطفال، خصوصًا الذكور منهم، لبناء هوية سليمة ومتوازنة. فقد أظهرت دراسة أجراها مركز أبحاث التعليم الأمريكي أن 70% من التلاميذ الذكور يفضلون وجود معلم ذكر كقدوة في حياتهم المدرسية المبكرة، وأن غياب هذه القدوة قد يؤدي إلى شعور بالنقص أو الغربة عن البيئة التعليمية، مما ينعكس سلبًا على التفاعل الأكاديمي والسلوكي مع المدرسة.
فوق كل هذا، يفاقم قرار تأنيث التعليم مشكلة بطالة الذكور التي باتت تؤرق المجتمع الأردني، وتتناقض مع المسؤولية القانونية والشرعية المناطة بالرجل في الإعالة والإنفاق. ففي ظل أرقام متزايدة للبطالة بين الشباب الذكور، يبدو من غير المنطقي أن تغلق وزارة التربية والتعليم أبواب التوظيف أمام المعلمين الذكور في أهم مراحل التعليم، حيث يمكن لهم أن يكونوا قدوات، وأن يساهموا في دعم التنمية الوطنية الشاملة. تأنيث التعليم في الصفوف الأولى يعني بالضرورة حرمان آلاف الخريجين المؤهلين من فرص العمل، وإضعاف الدور الاقتصادي للرجل في وقت هو بأمس الحاجة فيه إلى الدعم والتمكين، لا الإقصاء تحت ذرائع واهية.
إن الأصل في إعداد المعلمين للصفوف الأولى لا يقوم على جنس المعلم بل على كفاءته العلمية والتربوية وقدرته على التعامل مع الأطفال بمرونة واقتدار. تأهيل المعلمين وتدريبهم بشكل جيد يجب أن يكون هو المحور الأساسي للسياسات التربوية، بدلًا من فرض معايير جندرية مسبقة تفترض أن النساء فقط قادرات على التعامل مع الأطفال. الواقع يثبت أن كثيرًا من المعلمين الذكور أظهروا تفوقًا واضحًا في إدارة الصفوف الأولى وتحقيق إنجازات تعليمية وسلوكية مذهلة حين أتيحت لهم الفرصة لذلك، مما يجعل من قرار تأنيث التعليم سياسة عرجاء تفتقر إلى الرؤية العميقة.
إن إصلاح التعليم يبدأ بتعزيز التنوع لا بقمعه. يبدأ بإعداد كوادر قادرة على استيعاب حاجات الأطفال النفسية والعقلية على حد سواء، سواء أكانوا رجالًا أو نساءً. يبدأ بسياسات توظيف عادلة تُعلي من شأن الكفاءة فوق الاعتبارات الجندرية، وتعيد للرجل دوره الطبيعي كقدوة وصانع أجيال، لا كمُبعد عن ساحات التربية بحجج عاطفية لا تسندها الدراسات العلمية الجادة. تأنيث التعليم حتى الصف السادس هو رهان خاسر تربويًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وهو خطوة نحو مزيد من التفكك بدلًا من بناء مجتمع متوازن، يحترم التنوع ويحمي تكامل الأدواربينالجنسين.
الدراسات العالمية لم تحسم على الإطلاق أن وجود المعلمات الإناث في الصفوف الأولى يؤدي إلى ارتفاع كبير أو مستدام في التحصيل الدراسي. على العكس من ذلك، كشفت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج على أكثر من 1000 تلميذ أن الأطفال الذين تعلموا على يد معلمات أو معلمين لم يظهروا فروقًا جوهرية في التحصيل، مع ملاحظة أن معلمات الإناث عززن الشعور بالأمان العاطفي لدى الطلبة، لا أكثر. أما تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) لعام 2019 فقد أوضح أن الدول التي حافظت على تنوع بين الجنسين في تدريس الصفوف الأولى، مثل النرويج وفنلندا، حققت مستويات أفضل في التوازن النفسي والاجتماعي للطلبة من الدول التي فرطت في تأنيث التعليم. هذا يعني أن وجود المعلمين الذكور إلى جانب المعلمات ليس ترفًا، بل ضرورة تربوية لبناء شخصيات متوازنة للذكور والإناث معًا.
الأخطر من ذلك أن تأنيث التعليم في هذه المرحلة المبكرة يرسخ أدوارًا نمطية خطيرة في أذهان الطلبة حول العمل والتعليم كوظائف أنثوية بطبيعتها، ويضعف النموذج الذكوري الإيجابي الذي يحتاجه الأطفال، خصوصًا الذكور منهم، لبناء هوية سليمة ومتوازنة. فقد أظهرت دراسة أجراها مركز أبحاث التعليم الأمريكي أن 70% من التلاميذ الذكور يفضلون وجود معلم ذكر كقدوة في حياتهم المدرسية المبكرة، وأن غياب هذه القدوة قد يؤدي إلى شعور بالنقص أو الغربة عن البيئة التعليمية، مما ينعكس سلبًا على التفاعل الأكاديمي والسلوكي مع المدرسة.
فوق كل هذا، يفاقم قرار تأنيث التعليم مشكلة بطالة الذكور التي باتت تؤرق المجتمع الأردني، وتتناقض مع المسؤولية القانونية والشرعية المناطة بالرجل في الإعالة والإنفاق. ففي ظل أرقام متزايدة للبطالة بين الشباب الذكور، يبدو من غير المنطقي أن تغلق وزارة التربية والتعليم أبواب التوظيف أمام المعلمين الذكور في أهم مراحل التعليم، حيث يمكن لهم أن يكونوا قدوات، وأن يساهموا في دعم التنمية الوطنية الشاملة. تأنيث التعليم في الصفوف الأولى يعني بالضرورة حرمان آلاف الخريجين المؤهلين من فرص العمل، وإضعاف الدور الاقتصادي للرجل في وقت هو بأمس الحاجة فيه إلى الدعم والتمكين، لا الإقصاء تحت ذرائع واهية.
إن الأصل في إعداد المعلمين للصفوف الأولى لا يقوم على جنس المعلم بل على كفاءته العلمية والتربوية وقدرته على التعامل مع الأطفال بمرونة واقتدار. تأهيل المعلمين وتدريبهم بشكل جيد يجب أن يكون هو المحور الأساسي للسياسات التربوية، بدلًا من فرض معايير جندرية مسبقة تفترض أن النساء فقط قادرات على التعامل مع الأطفال. الواقع يثبت أن كثيرًا من المعلمين الذكور أظهروا تفوقًا واضحًا في إدارة الصفوف الأولى وتحقيق إنجازات تعليمية وسلوكية مذهلة حين أتيحت لهم الفرصة لذلك، مما يجعل من قرار تأنيث التعليم سياسة عرجاء تفتقر إلى الرؤية العميقة.
إن إصلاح التعليم يبدأ بتعزيز التنوع لا بقمعه. يبدأ بإعداد كوادر قادرة على استيعاب حاجات الأطفال النفسية والعقلية على حد سواء، سواء أكانوا رجالًا أو نساءً. يبدأ بسياسات توظيف عادلة تُعلي من شأن الكفاءة فوق الاعتبارات الجندرية، وتعيد للرجل دوره الطبيعي كقدوة وصانع أجيال، لا كمُبعد عن ساحات التربية بحجج عاطفية لا تسندها الدراسات العلمية الجادة. تأنيث التعليم حتى الصف السادس هو رهان خاسر تربويًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وهو خطوة نحو مزيد من التفكك بدلًا من بناء مجتمع متوازن، يحترم التنوع ويحمي تكامل الأدواربينالجنسين.
نيسان ـ نشر في 2025-04-27 الساعة 14:29
رأي: فراس عوض كاتب