الاقتصاد الأمريكي يعيش حالة من 'وهم الاستقرار'
نيسان ـ نشر في 2025-05-02 الساعة 13:48
x
نيسان ـ بينما يركز العالم المالي بشدة على أزمة جيوسياسية هي الحرب التجارية، تتصاعد أزمتان أخريان في آسيا؛ تزايد التوترات بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، وتفاقم الأوضاع بين الهند وباكستان. ورغم ميلنا لتقليل تأثير الجغرافيا السياسية على الأسواق، فإن تزامن هذه التطورات سيئ للغاية على أقل تقدير.
في ظل كل هذه التقلبات والاضطرابات التي شهدتها الأسابيع الثلاثة والنصف الماضية ما مدى قوة الاقتصاد الأمريكي حالياً استناداً للمؤشرات الأساسية؟ وما الأزمات المستقبلية التي يمكن أن تسعرها الأسواق؟ والمهم أنه حتى الآن لم يحدث الكثير للغاية من الأمور السيئة، كما أن الأسواق تتوقع ألا يحدث الكثير من هذه الأشياء.
بداية يعد سوق العمل مستقراً، فقد بلغت مطالبات إعانة البطالة الأولية، التي تم الإبلاغ عنها الأسبوع الماضي، 220 ألف مطالبة، وهو رقم يقع في الحد الأدنى للنطاق المعتاد خلال السنوات القليلة الماضية. ومبيعات التجزئة تسير في اتجاه تصاعدي بالقيمة الحقيقية.
وكذلك الدخل الشخصي. القراءات الاقتصادية الكبيرة متأخرة، والصدمة التجارية لم تتح لها الفرصة للظهور في الأرقام، وهناك بعض الضوضاء المقلقة على الهامش، على سبيل المثال في قطاع الإسكان، إلا أن الأسواق تظهر أن الأخبار السيئة ليست وشيكة.
وماذا عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»؟ لا يزال المؤشر ضمن نطاق 10 % من أعلى مستوى قياسي مذهل سجله في فبراير. ويتوقع الإجماع نمواً بنسبة 10 % في الأرباح هذا العام، فيما يبلغ السعر إلى الأرباح الآجلة للمؤشر 21، وهو مستوى مرتفع ومبهج، واتسعت فروق الائتمان بعض الشيء لكن في الأيام الأخيرة انخفضت مرة أخرى.
بالنسبة للبعض فإن الصورة التي تتبادر إلى الذهن إزاء كل هذا هي صورة وايل إي. كايوتي الكرتونية: معلق في الهواء بعد تجاوزه حافة الجرف، وساقاه لا تزالان تدوران، طالما أنه لا ينظر إلى الأسفل، ولا أعتقد أن هذا التشبيه دقيق تماماً.
وعلى الرغم من تقلب السوق وتشتته وحيرته فإن تقييمات الأصول عالية المخاطر تشير إلى إجماع أساسي على أن مقترحات التعريفة الجمركية الأكثر ضرراً، التي قدمتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك الرسوم الجمركية، التي تكاد تصل إلى حد الحظر على الصين، لن تدوم طويلاً.
وربما يعود ذلك، كما تأمل الإدارة، إلى أن الدول الأخرى ستجلس إلى طاولة المفاوضات وستبرم اتفاقات بسرعة؛ أو ربما تنهار هذه الرسوم تحت ضغط الأسواق والمستهلكين الغاضبين، ولن يمانع السوق في كلتا الحالتين.
هذا الإجماع المتفائل لا يتجاهل الجاذبية بشكل أعمى، فقد أظهرت الإدارة بالفعل ميلاً واضحاً للتراجع: سواء في ملف الإلكترونيات الصينية، أو الرسوم الجمركية «المتبادلة» على الدول غير الصينية التي تجاوزت 10 %، أو في تعاملها مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بالتالي يقع على عاتق المتشائمين من إدارة ترامب تفسير سبب وجوب توقع تغير هذا النمط.
إن هذا التحليل يستند إلى بيانات الاقتصاد الكلي ومراقبة سلوك البيت الأبيض، لكن من المفيد أيضاً الانتقال من هذه الرؤية المجردة إلى معاينة بعض التفاصيل.
على وجه الخصوص أعلنت العديد من الشركات المواد الاستهلاكية المهمة نتائجها الأسبوع الماضي، وكان لديها أيضاً بعض الأشياء المثيرة للاهتمام لتقولها عن الأسر الأمريكية.
فقد صرح الرئيس التنفيذي لشركة «كولجيت»، التي شهدت تراجعاً في حجم الوحدات المباعة في أمريكا الشمالية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، قائلاً، إن «حالة عدم اليقين الاقتصادية والاستهلاكية التي شهدناها في الربع الأول، ليس فقط في الولايات المتحدة.
بل أيضاً في دول أخرى حول العالم، أثرت سلباً على نمو حجم المبيعات»، كما كان متوقعاً. ومع ذلك أشار إلى تحسن طفيف في الأداء خلال شهري مارس وأبريل، معرباً عن تفاؤله بالفترة المقبلة.
وأضاف: «سيعود المستهلكون. لقد استهلكوا جزءاً من مخزونهم، وهذه منتجات تستخدم يومياً. لدينا توقع، ولقد أدرجنا في توجيهاتنا المستقبلي أن هذه الفئات ستعود للنمو على المدى المتوسط.
والإشارات المبكرة التي نراها في أبريل على الأقل تمنحنا بعض الثقة بأن هذه الفئات ستعود ببطء مع استقرار المستهلكين وتحسن حالة عدم اليقين الاقتصادي المحيطة بالأسواق العالمية».
أما شركة «بروكتر آند جامبل» فقد سجلت نمواً في حجم المبيعات بنسبة 1 % في أمريكا الشمالية، مقارنة بمعدل نمو بلغ 4 % خلال الفصول الخمسة السابقة. وأرجعت الشركة التباطؤ لضعف القوة الشرائية للمستهلكين وانخفاض مستويات المخزون.
وقال المدير المالي للشركة: «لقد تلقى المستهلكون ضربات عديدة، وهو أمر يتطلب الكثير لاستيعابه، لذا، فإن ما نراه، حسب ما أعتقد، هو استجابة منطقية من المستهلك بالتوقف مؤقتاً.
هذا التريث ينعكس في تراجع حركة المرور في متاجر التجزئة، وأيضاً في تحول أنماط التسوق بحثاً عن أفضل قيمة، سواء بالاتجاه نحو الشراء عبر الإنترنت، أو التوجه إلى متاجر التجزئة الكبرى، أو إلى قنوات البيع بالجملة، خصوصاً في الولايات المتحدة. وعند جمع كل هذه العوامل،نرى أن مستويات الاستهلاك قد تراجعت في كل من أوروبا والولايات المتحدة».
كلمة «تريث» هنا تحمل دلالة مهمة، وتتماشى مع وجهة نظر «كولجيت»، التي تتوقع أن يستقر الوضع الاقتصادي قريباً. وقد تبنت شركات استهلاكية أخرى وجهة النظر نفسها بأن المستهلكين سيتحملون الظروف الصعبة.
فعلى سبيل المثال تحدثت شركة «كيمبرلي-كلارك»، التي تنتج المناشف الورقية وحفاضات الأطفال وما شابه، عن «طلب مرن» رغم أن «القدرة على تحمل التكاليف أصبحت أولوية قصوى»، أما الرئيس التنفيذي لشركة «أوريلي لقطع غيار السيارات» فقد شدد على أن استبدال قطعة غيار يظل أقل كلفة بكثير من شراء سيارة جديدة (تخضع لرسوم جمركية).
في ظل كل هذه التقلبات والاضطرابات التي شهدتها الأسابيع الثلاثة والنصف الماضية ما مدى قوة الاقتصاد الأمريكي حالياً استناداً للمؤشرات الأساسية؟ وما الأزمات المستقبلية التي يمكن أن تسعرها الأسواق؟ والمهم أنه حتى الآن لم يحدث الكثير للغاية من الأمور السيئة، كما أن الأسواق تتوقع ألا يحدث الكثير من هذه الأشياء.
بداية يعد سوق العمل مستقراً، فقد بلغت مطالبات إعانة البطالة الأولية، التي تم الإبلاغ عنها الأسبوع الماضي، 220 ألف مطالبة، وهو رقم يقع في الحد الأدنى للنطاق المعتاد خلال السنوات القليلة الماضية. ومبيعات التجزئة تسير في اتجاه تصاعدي بالقيمة الحقيقية.
وكذلك الدخل الشخصي. القراءات الاقتصادية الكبيرة متأخرة، والصدمة التجارية لم تتح لها الفرصة للظهور في الأرقام، وهناك بعض الضوضاء المقلقة على الهامش، على سبيل المثال في قطاع الإسكان، إلا أن الأسواق تظهر أن الأخبار السيئة ليست وشيكة.
وماذا عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»؟ لا يزال المؤشر ضمن نطاق 10 % من أعلى مستوى قياسي مذهل سجله في فبراير. ويتوقع الإجماع نمواً بنسبة 10 % في الأرباح هذا العام، فيما يبلغ السعر إلى الأرباح الآجلة للمؤشر 21، وهو مستوى مرتفع ومبهج، واتسعت فروق الائتمان بعض الشيء لكن في الأيام الأخيرة انخفضت مرة أخرى.
بالنسبة للبعض فإن الصورة التي تتبادر إلى الذهن إزاء كل هذا هي صورة وايل إي. كايوتي الكرتونية: معلق في الهواء بعد تجاوزه حافة الجرف، وساقاه لا تزالان تدوران، طالما أنه لا ينظر إلى الأسفل، ولا أعتقد أن هذا التشبيه دقيق تماماً.
وعلى الرغم من تقلب السوق وتشتته وحيرته فإن تقييمات الأصول عالية المخاطر تشير إلى إجماع أساسي على أن مقترحات التعريفة الجمركية الأكثر ضرراً، التي قدمتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك الرسوم الجمركية، التي تكاد تصل إلى حد الحظر على الصين، لن تدوم طويلاً.
وربما يعود ذلك، كما تأمل الإدارة، إلى أن الدول الأخرى ستجلس إلى طاولة المفاوضات وستبرم اتفاقات بسرعة؛ أو ربما تنهار هذه الرسوم تحت ضغط الأسواق والمستهلكين الغاضبين، ولن يمانع السوق في كلتا الحالتين.
هذا الإجماع المتفائل لا يتجاهل الجاذبية بشكل أعمى، فقد أظهرت الإدارة بالفعل ميلاً واضحاً للتراجع: سواء في ملف الإلكترونيات الصينية، أو الرسوم الجمركية «المتبادلة» على الدول غير الصينية التي تجاوزت 10 %، أو في تعاملها مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بالتالي يقع على عاتق المتشائمين من إدارة ترامب تفسير سبب وجوب توقع تغير هذا النمط.
إن هذا التحليل يستند إلى بيانات الاقتصاد الكلي ومراقبة سلوك البيت الأبيض، لكن من المفيد أيضاً الانتقال من هذه الرؤية المجردة إلى معاينة بعض التفاصيل.
على وجه الخصوص أعلنت العديد من الشركات المواد الاستهلاكية المهمة نتائجها الأسبوع الماضي، وكان لديها أيضاً بعض الأشياء المثيرة للاهتمام لتقولها عن الأسر الأمريكية.
فقد صرح الرئيس التنفيذي لشركة «كولجيت»، التي شهدت تراجعاً في حجم الوحدات المباعة في أمريكا الشمالية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، قائلاً، إن «حالة عدم اليقين الاقتصادية والاستهلاكية التي شهدناها في الربع الأول، ليس فقط في الولايات المتحدة.
بل أيضاً في دول أخرى حول العالم، أثرت سلباً على نمو حجم المبيعات»، كما كان متوقعاً. ومع ذلك أشار إلى تحسن طفيف في الأداء خلال شهري مارس وأبريل، معرباً عن تفاؤله بالفترة المقبلة.
وأضاف: «سيعود المستهلكون. لقد استهلكوا جزءاً من مخزونهم، وهذه منتجات تستخدم يومياً. لدينا توقع، ولقد أدرجنا في توجيهاتنا المستقبلي أن هذه الفئات ستعود للنمو على المدى المتوسط.
والإشارات المبكرة التي نراها في أبريل على الأقل تمنحنا بعض الثقة بأن هذه الفئات ستعود ببطء مع استقرار المستهلكين وتحسن حالة عدم اليقين الاقتصادي المحيطة بالأسواق العالمية».
أما شركة «بروكتر آند جامبل» فقد سجلت نمواً في حجم المبيعات بنسبة 1 % في أمريكا الشمالية، مقارنة بمعدل نمو بلغ 4 % خلال الفصول الخمسة السابقة. وأرجعت الشركة التباطؤ لضعف القوة الشرائية للمستهلكين وانخفاض مستويات المخزون.
وقال المدير المالي للشركة: «لقد تلقى المستهلكون ضربات عديدة، وهو أمر يتطلب الكثير لاستيعابه، لذا، فإن ما نراه، حسب ما أعتقد، هو استجابة منطقية من المستهلك بالتوقف مؤقتاً.
هذا التريث ينعكس في تراجع حركة المرور في متاجر التجزئة، وأيضاً في تحول أنماط التسوق بحثاً عن أفضل قيمة، سواء بالاتجاه نحو الشراء عبر الإنترنت، أو التوجه إلى متاجر التجزئة الكبرى، أو إلى قنوات البيع بالجملة، خصوصاً في الولايات المتحدة. وعند جمع كل هذه العوامل،نرى أن مستويات الاستهلاك قد تراجعت في كل من أوروبا والولايات المتحدة».
كلمة «تريث» هنا تحمل دلالة مهمة، وتتماشى مع وجهة نظر «كولجيت»، التي تتوقع أن يستقر الوضع الاقتصادي قريباً. وقد تبنت شركات استهلاكية أخرى وجهة النظر نفسها بأن المستهلكين سيتحملون الظروف الصعبة.
فعلى سبيل المثال تحدثت شركة «كيمبرلي-كلارك»، التي تنتج المناشف الورقية وحفاضات الأطفال وما شابه، عن «طلب مرن» رغم أن «القدرة على تحمل التكاليف أصبحت أولوية قصوى»، أما الرئيس التنفيذي لشركة «أوريلي لقطع غيار السيارات» فقد شدد على أن استبدال قطعة غيار يظل أقل كلفة بكثير من شراء سيارة جديدة (تخضع لرسوم جمركية).