إربد .. الطريق إلى دمشق

نيسان ـ منذ ان كنت صغيرا كان الاهل في الجنوب يسمون كل ما هو شمال عمان باللواء الشمالي ويقصدون بذلك اربد وجرش وعجلون والمفرق . هذا اللواء الذي نما بسرعة وتحول الى أربعة محافظات وعدد كبير من الالوية ..
اربد التي نغازلها بوصف عروس الشمال هي هذه المدينة الرحبة المنبسطة التي تكاد ان تنطق لتقول شيئا ما و لتشعرك دوما بانها فخورة بقدرتها على انتاج غذاءها .
ما ان تدخل حدود اربد الكبرى حتى تشعر بالونس والسعادة فيمر ببالك صور الرجالات االاوائل الذين ارتبطت اسماؤهم بالأرض وعرفوا بعمق صلتهم بالناس والحياة فأصبحت بيوتهم وقراهم مراكز ومعالم وشواهد على ما قاموا به . كانوا يتداعون بصدق كلما داهمت اوطاننا الأخطار للتواصل مع أهل البلاد وشيوخها فيفعلوا كل ما قالوا انهم سيفعلوا . في هذه البلاد الحية وفي طرفة عين كان الاردنيون يتداعون لنصرة قضايا امتهم والحفاظ على وجودهم فتتناوب رجالات البلاد على الدعوة لاجتماع هنا او طرح تصور لجمع الصف هناك فتتناوب حرثا والوسطية وام قيس ودير ابو سعيد وكفرنجه والرمثا وسوف على استضافة مؤتمرات ولقاءات حضرها الجنوبي والشمالي والبدوي والبلقاوي ليجددوا معا التزامهم بحبهم للارض وعروبتهم واستعدادهم للوقوف صفا واحدا من اجل رفعة بلادهم وحفظ كرامة اهلها و لبذل الغالي والنفيس من اجل ان تبقى مرآة لكل القيم والأخلاق والمعاني التي ورثوها عن اباءهم واجدادهم.
لا اعرف سر التعلق الذي يشدني الى اسماء المئات من الرجالات الاوائل الذين ما غابوا عن قضايا امتهم .اتذكر وعلى سبيل المثال لا الحصر ناجي العزام وعبدالمهدي الروسان والعبيدات ومصطفى وهبي التل وضيف الله الحمود وكليب الشريدة ورجالات الرشيدات وحجازي وعشائر الخرزات السبعة وشيوخ البلدات المجاورة وكل الرجال الذين يعيشون على ارض الويتها العشرة.
لا يزال الاردنيون يتغنون يوصفي التل الذي رسم لهم اجمل صور الحب والعطاء والمواطنة والتفاني . ويرددوا اشعار عرار التي ما تركت مكانا في الاردن الا واقسمت به او رسمت صورة له...
في اقدم بلديات الاردن كنت اليوم استمع الى صدى الذكريات وحديث ابناء المدينة عن الرجال الذين خدموا بلدية اربد من عبدالقادر التل الى الكوفحي مرورا على الاسماء التي احبها الناس . تذكرنا معا عبدالرزاق طبيشات وعبدالرؤوف التل ووليد المصري وحسن المومني وحسين بني هاني وما قدمه هؤلاء البناة لهذه المدينة الفسيحة.
في اربد تتوقف عن التفكير ويستحوذ عليك المكان واسئلة الاصدقاء .لا اعرف هل هي السهول التي تتربع عليها المدينة وجاراتها ام هي اللهفة والرغبة في التركيز والانتباه لتحيط بجوانب المكان المترامي الاطراف ..
كنت سعيدا هذا اليوم الاثنين ٥ ايار ٢٠٢٥ ان لبيت دعوة الاصدقاء والصديقات للمشاركة في اللقاء الذي نظمه ملتقى المرأة وجمعية العناية بمرضى السرطان تحت عنوان ثقافة الحوار...
كنت حريصا على المشاركة لا لأحاضر بل لالتقي بالاهل واستمع الى ما يقولون ..لقد كانت مداخلتي قصيرة ومختصرة وواحدة من عشرات المداخلات التي قدمها الزملاء والزميلات الاكاديميين والمختصين في مجالات الإعلام والقانون والسياسة وقد امضيت سحابة اليوم في التفاعل والاستماع والحوار ...
بهذه المناسبة اود ان أتقدم بخالص الشكر للمنظمين والرعاة وفي مقدمتهم السيدة الجليلة فايزة الزعبي (ام رائد ) والاستاذ خلدون العزام وكل الذين شاركوا في تقديم الأوراق وادارة الحوار