اتصل بنا
 

اللغة العربية في الإعلام العربي: فخ الفصاحة أم سحر البساطة؟

نيسان ـ الدستور ـ نشر في 2025-05-07 الساعة 11:15

x
نيسان ـ بسوس محمد ملحم
اللغة ليست مجرد أداة، بل هي وجه الأمة وهويتها. والإعلام، بقدر ما هو ناقل للخبر، فهو ناقل للهوية أيضًا. لذلك، لا بد من لغة تتسم بالوضوح، وتحمل في طياتها جمال العربية دون أن تكون ثقيلة أو بعيدة. بين فخ الفصاحة وسحر البساطة، تكمن مسؤولية الإعلامي العربي... أن يختار بعناية، ويُبدع بوعي. في خضم ثورة الإعلام الحديث، وتحول المتلقي إلى مستهلك سريع للمعلومة، باتت اللغة العربية في وسائل الإعلام أمام تحدٍ حقيقي: هل تتمسك بفصاحتها وجمالها التراثي، أم تواكب العصر بلغة أبسط، وأكثر قربًا من الشارع؟ بين فخ الفصاحة وسحر البساطة، يقف الإعلام العربي حائرًا، يتأرجح بين الرصانة والمرونة، بين الجمال والدلالة.
فخ الفصاحة: عندما تُصبح اللغة حاجزًا
لطالما تغنّى الإعلام العربي، لاسيما الرسمي، بفصاحة لغته وبلاغة مذيعيه. إلا أن هذه الفصاحة – رغم قيمتها العالية – قد تتحوّل إلى عبء إذا ابتعدت عن لغة المتلقي. فالخطابات المليئة بالمصطلحات الثقيلة، والجمل الطويلة المترفة، قد تخلق فجوة بين المتحدث والجمهور، خاصة في زمن السرعة والانتباه المحدود.
كثير من البرامج الإخبارية أو الثقافية، رغم محتواها الثري، تفقد جمهورها بسبب «اللغة العالية»، التي تُشعر البعض بالتهميش أو «اللاتخصيص». فهل أصبحت الفصحى – بشكلها التقليدي – تفتقر للمرونة التي يتطلبها الإعلام الحديث؟ سحر البساطة: الوصول إلى القلب قبل العقل من جهة أخرى، يظهر اتجاه جديد في الإعلام العربي، يعتمد على لغة خفيفة، قريبة من العامية، لكنها لا تفرّط في الفصحى كليًا. هذا النهج جعل كثيرًا من البرامج على منصات التواصل تحقق انتشارًا واسعًا، لأنها «تُكلم الناس بلغتهم».
إن البساطة هنا ليست ضعفًا، بل مهارة، الإعلامي الناجح ليس من يحفظ القواعد، بل من يوصل المعنى دون عناء. وقد نجحت بعض المؤسسات الإعلامية في خلق «لغة وسطى» بين الفصحى والعامية، تحقق التوازن بين الدقة والدفء، بين المعنى والإيقاع.
بين الفصاحة والسطحية: توازن لا بد منه ، الخطورة في تبني البساطة المطلقة، تكمن في الانزلاق نحو السطحية أو التهكم أو فقدان المصداقية. فليس كل تبسيط محمودًا. الإعلام ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أداة تنوير وتوجيه. لذا، ينبغي على الإعلامي أن يُحسن استخدام اللغة، بحيث يراعي مستوى جمهوره دون أن يُفرّط في المعايير اللغوية والمهنية.

نيسان ـ الدستور ـ نشر في 2025-05-07 الساعة 11:15

الكلمات الأكثر بحثاً