بياع البُكَس
حسام إبراهيم مياس
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2015-12-16 الساعة 09:28
لا أدري لماذا كلما شاهَدتُ لقاءً مباشراً أو مُسجلاً لأصحاب الدولةِ و المَعالي على التلفزيون فإنَ أولَ ما يتبادر الى ذِهني هو بَيَاع بُكًس الفَلِين. أراه مُمسِكاً بالبُكسِة في جميع الظروف الجوية بنفس قبضتِه القَوية سواءً كان الجَو عاصفاً أَم لا فلا سَبِيلَ لإِنقاذِ البُكسَةِ من بين يديه إلا بِكَسرِها.
أرى بياع البُكَس مُمسكا بيديه المُلوثتين ببقايا بُكسَةِ الفَلِين بعد انتِشَالِ اَمعَاءئها بِحُجَة تنظيفها وذلك حسب المُواصفات المطلوبةِ منه لِيَتِم بَيعها بشكلٍ أسرع و أسهل.
لا يَهُم بياع البُكَس مَاهِيَة الصِنف الذي كَانت تَحتَوِيه البُكسِة سابقاً سواءً كان خيارا أو بندورة أو باذنجان أو حتى قَرِع فَكُلُها في نَظَرِه سَواسِية، و في النهاية هي بِنَظَره بُكسِة فَلِين يجمعها و ينظفها حسب طريقته مُتجَاهِلا مُحتوى البُكسَةِ الأصلي قبل وقوعها بين يديه العفنتين.
في ظلِ هذه الأجواء العفنة ترى أبن بياع البُكَس مُرافِقَاً والدهُ المُبَجَل ليتعلم منه سر الصَنعَة نظراً لأهميتها فهي سبب رزقه الوحيد فلولا هذه البُكَس لما أصبح هنالِكَ بياع بُكَس, تَرَى أبن بياع البُكَس يُفَتِت البُكَس غير الصالحة للبيع الواحدة تلو الأخرى ليَصنَع مِنهَا مُسَدَس فَلِين فقد تَعَلم من والده أهمية هذه البُكسِة كيفما كانت، فَقد أخبره والده ذات يوم " يا ولد هالبُكسِه إن ما انبَاعَت مَعَاك إِشلَع مِعلاقهَا شَلِع و اتسَلَ بيها لانها النا واحنا حُرٍين بيها " فالبُكسَة في نَظَرِهم وسيلة للرِبح المادي أو للتسلية.
عزيزي بياع البُكَس,,, المُواطن الأُردني مِش بُكسِة و الوَطَن مِش حِسبِة و سلامة فهمك – إِن وُجد -.


