هَـذي الـمَــدائِـن / بكر السواعدة
نيسان ـ بكر السواعدة / شاعر أردني ـ نشر في 2015-04-26
عَجِزَ القَصــيدُ وجفَّــــــــــــــــــــــتِ الأدْواءُ** وخَبـــا عـلـى هـامِ البُـــدورِ سَنــــــــــــاءُ
وتَبدّلتْ بَعدَ انْبِلاجِ صَباحِهــــــــــــــــــــــا** غُــــرَرٌ لها وانْهَــدَّتِ الأسْـــــــــــــــــــــماء
هذيْ المَدائِنُ لمْ تَعُدْ تِلْكَ التــــــــــــــــــي** بُنِيتْ لديــهـــا في التُّـــــرابِ سَـــــــــماءُ
بَغدادُ أضْحَــتْ لا تُرى أركانُهـــــــــــــــــــا** فَكَأنّها بَعدَ الشُّموخِ هَبَــــــــــــــــــــــاءُ
أعْيَا الهِلالَ سَحابُها حينَ امْتَطــــــــــــى** قِمَمَ الضِّيــــاءِ فَغـــــــارتِ الأضْـــــــواءُ
دَمُــهـــا غَــــدا زادَ الفُـــــراتِ وَمَـــــــدَّهُ** مِنْ بَعــــدِ أنْ قُتِلَــــتْ بِهـــــــــا الأنْواءُ
فَمَضى لِدِجْلَــــــــــــــةَ يَـــستغيثُ رُواءَهُ** فَسقاهُ حُزنًا ليـسَ فيــــــــــــــــــهِ رُواءُ
ودِمَشْقُ أفْضَتْ لِلحَمـائِمِ قَلبَهـــــــــــــــا** فَمَضتْ تَنوحُ بِجـــوِّها الورْقــــــــــــاءُ
حُزْنَ المَآذنِ شَفّها شَــــــــــــــــــــوقٌ إلى** صَوتِ المُؤذّنِ بَحَّــــــــهُ الإعيـــــــــــاءُ
مَدّتْ إلى الآفاقِ دَمعَ عُيــــــــــــونِــــهــــا** تبغيْ الــضّــِياءَ وليسَ ثَمَّ ضِــيــــــاءُ
وَجَعي عَليكِ دِمشقُ أدْمــــى أحــــــــرُفي** أحْيا جُروحًا ما لهنّ شِفـــــــــــــــــــاءُ
وَمَضَتْ تُشاطِرُكِ الأَســـى وَتَصوغُــــــهُ** ألمًا يُفتِّتُ قَلبَها صَنـــــــــــــــــــــــعاءُ
هَتَفَ النَّحيــــــــــبُ مُــــــدوّيًا بجِنانِـــهــا** دَمعًا تَقــــودُ رِكــــــابَــــــــــــــــه الأرْزاءُ
فَكَأنّها الصَّحراءُ أرْهَقَــــــــها الظَّـــمـــــا** تَبكي السنينَ وخَطوُهــــــا عَـجــفـاءُ
وَعَلى طَرابُلُسَ المَنايا حَــــــــــــــــوَّمتْ** تَقتادُ جَذْوَتَها يدٌ عَسْــــــــــــــــــــــراءُ
ألْقَى عليها الليلُ ثَوبَ سَــــــــــــــــــوادِهِ** وَتَبختَرتْ في أُفْقِها الظَّلْمـــــــــــــــاءُ
باللهِ مَنْ لِلقُدسِ إذْ صَرَخَـــــــــــــــتْ بِنَا** وَقُلوبُنا عنْ هَمِّها صَمّــــــــــــــــــــــاءُ
مَنْ ذا يُداويهــــا وَيَجْبـُـــــرُ كَسْــــــرَها** وَعُيونُنا عنْ جُرحِها عَمْيـــــــــــــــــــاءُ
هذيْ المَــــدائِنُ، آهِ كيـــــفَ تَـــبَدَّلـــتْ** وَغَدا يَقودُ شُموسَها الأعْـــــــــــــــداءُ
قد فُــــرِّقَتْ كَالعِقْدِ يُنثَرُ حَبُّـــــــــــــــــهُ** فَتَبَعْثَرتْ في أرضِها الأشْــــــــــــــلاءُ
لا حَوْلَ تَملِكُ كَي تُرَى مَنظومـــــــــــةً** بَعدَ التَّفرُّقِ والهَوى أهْــــــــــــــــــواءُ
فاللهَ نَرجُــــــو أنْ يَلُــــمَّ شَـــــتاتَــهـــــا** وتَحلَّ فيها الشَّمسُ وهْيَ رَخَــــــــــاءُ
حتّى تَعودَ وقــــــد تَنَفَّسَ صُبْحُـــــــها** وَتَخيطَ أنْجُمَهــــــــــــا يــــدٌ بيــضــاءُ
وإذا اسْتَبدَّ بِيَ الأَســـــى وشُجـــونُـــــه** أحيا فُؤادي مِنْ يديكِ عَـــــــــــــــــزاءُ
عمّانُ، حِضْنَ الرُّوحِ مَوْئِلَ أضْلُـعـــــي** إذْ تَســـــــــتبيحُ شِغافَها الرَّمْـــضــاءُ
فَعَلى ثَراكِ تَنَفَّســـــــتْ أحلامُنـــــــــا** وَعَلـــــى ذُراكِ تَهــــــــــادتِ الأنْــداءُ
يا مَلجَأَ المَكلومِ جـــــاءَكِ راجــــــــيًا** يا مَنهلاً ما غِيضَ فيـــــــهِ الــمَــــاءُ
مِنْ فَيْضِهِ تُروَى قُلوبُ الظَّامِئِيــــــــ** ــــنَ وَفيهِ لِلأسْـــــــــــــــقامِ ثَمَّ دَواءُ
فَإذا انْبَرى صَوْتُ العُروبـــــةِ هـــاتفًا** سُمِعَتْ بِقَلْــبِ جِبـــالِكِ الأصْـــــــداءُ
فَحَماكِ ربّي واحــــةَ الأَمْـــــنِ التــي** ما خابَ فيها للضَّــعيـفِ رَجـــــــــاءُ