اتصل بنا
 

كففى عبثًا بالمساواة.. دعوا الكفاءة تقود!

كاتب

نيسان ـ نشر في 2025-05-20 الساعة 17:59

نيسان ـ يوم أمس ، فازت الدكتورة آية الأسمر بموقع نقيب اطباء الأسنان، في سنة 1990، وصلت أديبة مسلم لموقع نقيبة الممرضين في الأردن. وكانت أول إمراة تفوز بذلك الموقع، نعم. لكن الأهم من ذلك: كانت كفؤًا. لم يكن هناك كوتا قسرية، ولا تصفيق "جندري"، و لا زغاريت "نسوية"ولا احتفالات صاخبة باسم “تمكين المرأة”. ببساطة، وصلن لانهن استحققن، تعبن، كدن، هناك من إقتنع بهن و دعمهن، دون حاجة لكوتات استبدادية ، دون حاجة لقضم المجالس المنتخبة وتخريب الديموقراطية ، وصلت أديبة و آية دون نواح النسويات ولطمهن ولعب دور الضحية واختلاق استبداد الكوتات ، كوتة سياسة، كوتة عمل، كوتة اقتصاد..الخ من كوتات لم تكن سوى أداة بيد الرأسمالية والسلطات المستبدة، بل ادوات اضعاف لأي قانون انتخاب، بل لا تلد الكوتات سوى نواب ونائبات مشهوهين بائسين ، باصوات قليلة لا يمتلكون رأيا ولا قرار ، ضعافء بعكس المنتخبة بقائمة وطنية . وليس هناك شيء اسمه تمييز ايجابي ، كما تروج النسوية لشرعنة هيمنتهن بذريعة تفصيل مفاهيم مجتزئة لا منطقية ، التمييز واحد، و الكوتات هي جور على حقوق الرجال والمجتمع وتمييز ضدهم، بل عنف سياسي حقيقي برعاية رسمية ضد الرجل ، ان المساواة الفعلية حصلت عليها النساء في العالم عندما اتيح لهن حق التصويت والترشح فقط لا غير ، وكل ما جاء بنواح النسويات ليس سوى ضرب من تعزيز الهيمنة لا المساواة، و ضرب من الرجعية والاستيداد ولعب دور الضحية. اذن، ما يهمنا ، وهو بيت القصيد: من يصلح للمكان، لا من ينتمي لجنس معين، ولا الكوتات تعزز مساواة بل هي ادوات هيمنة ، هي رجعية ظاهرة.
تكرار الاحتفاء بـ"أول امرأة تصل إلى كذا" لم يعد يعني شيئًا. الإنجاز لا يقاس بجنس من يحققه، بل بوزنه الحقيقي على الأرض. أن تكون امرأة أو رجلًا؟ لا يهم. الأهم: هل أنت الشخص المناسب في المكان المناسب؟ هذا ما يُفترض أن يكون المعيار الوحيد، لا تلك الهرطقات المسماة بالكوتا، ولا الهوس الليبرالي بالمساواة الشكلية.
ثم لماذا نُفترض أن كل مجتمع يجب أن يُعاد تشكيله ليشبه مجتمعًا آخر؟ بعض المجتمعات، بحكم ثقافتها وتاريخها وتركيبتها، يغلب فيها الرجال في مواقع القرار. وأخرى قد تغلب فيها النساء. ما المشكلة؟ من قال إن التوازن المثالي هو 50-50؟ من قال إن المساواة الشكلية هي الحل السحري لكل الأزمات؟
خذ اليابان مثلًا، او. كوريا الجنوبية، دول في مقدمة العالم اقتصاديًا وتكنولوجيًا، ومع ذلك تُصنّف من أقل الدول في مشاركة النساء سياسيًا وإداريًا. لا وزيرة خارجية، لا رئيسة وزراء، لا كوتا نسائية. ومع ذلك، لا أحد يشكك في تقدمها. لماذا؟ لأنهم هناك لا يشغلون المواقع بالحسابات الجندرية، بل بمنطق الإنجاز والكفاءة والانضباط.
على العكس، أنظر إلى الدول التي هرولت خلف المساواة كما لو كانت دينًا جديدًا. ضخت الأموال، فرضت النسب، ملأت المؤسسات بمبادرات “التمكين”، واحتفلت بأن المرأة أصبحت "كالرجل تمامًا"، ثم ماذا؟ بطالة مرتفعة. تفكك أسري. رجال مهمّشون. نساء تائهات بين أدوار مستنسخة لا تشبههن. ومجتمع ضائع بين هويته الأصلية وقالب مستورد لا يلائمه.
في الأردن – مثلًا – تُمارَس اليوم المساواة كأنها وصية مقدسة. كل شيء يجب أن يُعاد تقسيمه: المقاعد، المناصب، حتى الصور الرسمية! والنتيجة؟ مزيد من الفجوة، لا ردم لها. مزيد من الغضب المكبوت عند الرجال، ومزيد من الضغط المبالغ فيه على النساء، ومزيد من القرارات التي تُتخذ لا وفق الحاجة، بل وفق منطق “كيف سنبدو أمام المنظمات؟”.
الكوتات و المساواة القسرية وما يروح له على أساس تمييز ايجابي من قبل الليبرالية ليست تقدمًا، بل ارتباكًا. ليست عدالة، بل قوالب جامدة لا تحترم الفروق ولا تعترف بالتنوع. إن بناء المجتمع لا يتم بتوزيع الأدوار على أساس الجنس، بل بتمكين الأكفأ، أيًا كان. قد يكون الفريق كله من النساء، أو كله من الرجال، لا فرق. الفرق الحقيقي هو في الإنجاز، لا في الصورة.
نحن لا نحتاج إلى نساء يصلن لمجرد أنهن نساء، ولا إلى رجال يحمون مواقعهم لمجرد أنهم رجال. نحن بحاجة إلى من يفهم، ويخدم، وينجز. وكل ما عدا ذلك مجرد ديكور، لا يسمن ولا يغني من فشل.

نيسان ـ نشر في 2025-05-20 الساعة 17:59


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً