اتصل بنا
 

الصبر إللي ولّى وراح

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2025-05-28

نيسان ـ الناس زمان كانوا يصبروا على كل إشي، من الانتظار عند الطابون لطابور الرز التمويني. كانوا يصبروا على ابن الجيران اللي بيدق على الطنجرة طول النهار، أما اليوم؟ الواحد إذا تأخرت القهوة ثلاث ثواني بيحس إنه دخل في نفق وجودي، وإذا شبكة الإنترنت علّقت لحظة، بتحس إنه راح يكسر الراوتر ويرجع يكتب رسائل دخانية من البلكونة.
فقدنا الصبر، يا صديقي، حتى على أنفسنا. بدنا نتغيّر بس بسرعة، ننحف بأيام، نحفظ لغة جديدة في أسبوع، ونصير أغنياء من فيديو تيك توك. كل إشي بدنا ياه الآن حالًا فورًا وإلا بنعتبر الحياة ظالمة وناوين ننتقم منها بأننا نشتري جهاز إلكتروني جديد أو نصرّح تصريح ناري على فيسبوك. حتى الحب ما عاد يحتمل الصبر، بدنا الشريك يفهمنا من أول نظرة، وإذا ما فهم، بنعمل بلوك وبنكتب شعر كئيب.
المصيبة إننا بنحاول نغطي قلة صبرنا بعبارات فلسفية من نوع: «أنا مش بفقد صبري، بس بحب الأمور تمشي بسرعة»، أو «الزمن تغير»، أو الجملة المفضلة: «أنا برج ناري». لا يا حبيبي، انت مش برج ناري، انت بدون صبر، واللي بدون صبر بيصير متوتر، واللي متوتر بيزعج، واللي بيزعج بينحظر! الصبر مش ضعف، الصبر فنّ بس واضح إنه هالفن اندثر مع فنّ الطهي البطيء، وفن الانتظار على الراديو، وفن إنك تسكت شوي وتستنى قبل ما تنفجر من لا شيء!

نيسان ـ نشر في 2025-05-28


رأي: كامل نصيرات كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً