قصة المثل:"تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا'.
نيسان ـ نشر في 2025-05-28 الساعة 10:34
x
نيسان ـ في عصر العروبة الجاهلي، حيث كانت الكرامة ميزان المرء، وكان الإنسان يُقدَّر بمروءته لا بماله، نزل القحط بأرضٍ من نجد، فجفَّت العيون، ويبست المراعي، وهلك الزرع والضرع، حتى بات الناس يقتاتون على الكفاف، إن وجدوه.
وفي طرف القبيلة، عاشت امرأةٌ تعول صغارًا يتضوّرون جوعًا.
قُتل زوجها في غزوةٍ منذ سنين، ولم يترك لها إلا خيمةً من وبر، وسمعةً لا يُمسُّ شرفها، فقد عُرفت بين قومها بسترها، وعفافها.
وذات مساء، أتاها رجلٌ غريب من أهل التجارة، ممن يعرفون كيف تضعف النفوس إذا اشتدّ بها الضيق.
وقف على باب خيمتها، وهمس بصوتٍ خفيض وقد أمال بصره:
> "أعلم ما أنتم عليه من شدة، وعندي ما يسدّ جوعكم.
وقد بلغني عنك ما يُفرح النظر.
فما رأيك لو أعطيتني من جسدك، وأعطيتك ما يغنيك؟
الذهب كثير، ولن يعلم أحد."
لم تعلُ نبرتها، لكنها رمقته بنظرةٍ فيها من الكبرياء ما يهدم سوقه، ثم قالت بثبات:
> "اخرج.
لا يُشترى الجسد ممن لم يبع النفس.
تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا.
خذ ذهبك، وألقِه في صحرائك، فما عندنا يُغني عنك."
غادر الرجل صامتًا، يطأ الرمل بقدمٍ مثقلةٍ بالخذلان، وقد أدرك أن ليس كل جائعٍ يُساوَم.
أما هي، فعادت إلى صغارها، خلعت من على رأسها ما كانت تستر به شعرها لا لتكشفه، بل لتشقّه وتخيط به ثوب الاطفال الممزق، تُدفئهم وتعلّمهم أن الكرامة لا تُشترى، وأن الفقر ليس عيبًا، إنما العيب أن يبيع المرء ذاته من أجل كسرة خبز.
المصادر: ????
مجمع الأمثال للميداني. ????
لسان العرب لابن منظور. ????
كتاب نوادر العرب. ????
وفي طرف القبيلة، عاشت امرأةٌ تعول صغارًا يتضوّرون جوعًا.
قُتل زوجها في غزوةٍ منذ سنين، ولم يترك لها إلا خيمةً من وبر، وسمعةً لا يُمسُّ شرفها، فقد عُرفت بين قومها بسترها، وعفافها.
وذات مساء، أتاها رجلٌ غريب من أهل التجارة، ممن يعرفون كيف تضعف النفوس إذا اشتدّ بها الضيق.
وقف على باب خيمتها، وهمس بصوتٍ خفيض وقد أمال بصره:
> "أعلم ما أنتم عليه من شدة، وعندي ما يسدّ جوعكم.
وقد بلغني عنك ما يُفرح النظر.
فما رأيك لو أعطيتني من جسدك، وأعطيتك ما يغنيك؟
الذهب كثير، ولن يعلم أحد."
لم تعلُ نبرتها، لكنها رمقته بنظرةٍ فيها من الكبرياء ما يهدم سوقه، ثم قالت بثبات:
> "اخرج.
لا يُشترى الجسد ممن لم يبع النفس.
تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا.
خذ ذهبك، وألقِه في صحرائك، فما عندنا يُغني عنك."
غادر الرجل صامتًا، يطأ الرمل بقدمٍ مثقلةٍ بالخذلان، وقد أدرك أن ليس كل جائعٍ يُساوَم.
أما هي، فعادت إلى صغارها، خلعت من على رأسها ما كانت تستر به شعرها لا لتكشفه، بل لتشقّه وتخيط به ثوب الاطفال الممزق، تُدفئهم وتعلّمهم أن الكرامة لا تُشترى، وأن الفقر ليس عيبًا، إنما العيب أن يبيع المرء ذاته من أجل كسرة خبز.
المصادر: ????
مجمع الأمثال للميداني. ????
لسان العرب لابن منظور. ????
كتاب نوادر العرب. ????