اتصل بنا
 

تجارة الزواج والطلاق... متى يُرفع الظلم عن الرجل؟

كاتب

نيسان ـ نشر في 2025-06-02 الساعة 20:24

نيسان ـ عندما تتحول النفقة إلى أداة انتقام ومساومة طبقية
في زمنٍ يختلط فيه الحق بالباطل، وتُخلط فيه المفاهيم بين المساواة والاستغلال، تُطلّ علينا بعض النماذج التي تختصر قبح المشهد، وتفضح زيف ما يُرفع من شعارات براقة تحت مظلة "حقوق المرأة"، بينما هي في الحقيقة سكاكين في خاصرة العدالة الاجتماعية. وآخر تلك الصيحات دكتورة محترفة، ذات دخل، ووجاهة، ودرجة أكاديمية مرموقة، تقف أمام القضاء الأردني تطعن بحكم شرعي أقر لها أربعة آلاف دينار نفقة، لا لأنها ترى الحكم عادلاً، بل لأنها تريد المزيد... تريد أن يُصرف لها بدل خادمة أيضًا!
خادمة؟ هل باتت النفقة الشرعية وسيلة لتأمين خدمات الرفاهية؟ هل أصبح الزواج عقد إذعان يدفع فيه الرجل ثمن كل شيء حتى بعد الطلاق، بينما تقف المرأة على أطلال المساواة تُلوّح بورقة “حقوقها” دون أن ترفّ لها عين على مسؤولياتها؟ لا بارك الله كل من استغلت القانون لتقايض به كرامة الرجل، وتعلّق مشنقة فوق رقاب الأزواج والمطلقين باسم الإنصاف وهي لا تعرف من العدل شيئًا، تقايض بنفقة او تحترم الرجل من الابناء!
أي فجور هذا الذي يُدفع إليه الرجل باسم "الواجب الشرعي"؟ وأي عقل يمكنه أن يستوعب أن امرأة عاملة، مستقلة، ذات دخل ثابت، وربما أعلى من دخل طليقها، تُطالب أن تُعطى خادمة من نفقات الرجل بحكم قضائي؟ هذه ليست عدالة، بل مهزلة مكتملة الأركان، ونموذج صارخ على من يردن من الزواج فقط صفقة استثمارية طويلة الأمد. لا حب، لا مودة، لا رحمة. فقط دفتر شيكات يفتح باسم "نفقة مطلقة"، ويُطالب فيه الرجل بكل شيء، حتى ولو كان لا يملك شيئًا.
ما يجري اليوم في بعض أروقة المحاكم، وما يُفرض على الرجل تحت عنوان النفقة، تجاوز حدود الفطرة والعدالة الشرعية، وتحول إلى إذلال ممنهج، تُمارسه نساء مقتدرات، خرجن للعمل، وطالبن بالمساواة، واحتلين أكثر من 40% من سوق العمل، ثم عدن إلى قاعات المحاكم يطالبن بالنفقة كأنهن عاجزات! فأين المساواة التي نادين بها؟ أم أنها انتقائية، تؤخذ حين تنفع، وتُترك حين تتطلب تضحية أو مشاركة في المسؤولية؟
إن قانون الأحوال الشخصية بصيغته الحالية يحتاج إلى مراجعة عميقة، لا لتقويض حقوق النساء، بل لاستعادة التوازن المفقود. يجب أن يُعاد تعريف النفقة وفقًا للقدرة المالية، لا وفقًا للجنس. الرجل المقتدر ينفق، والمرأة المقتدرة أيضًا تنفق، فالمساواة لا تكون على الورق فقط، بل على المائدة، في الفاتورة، وفي بيت الزوجية أيضًا. أمّا أن تبقى المرأة تعمل وتكسب وتدّخر، بينما يُفرض على الرجل العاطل أو المغلوب أن يُسجن لأنه لا يستطيع تأمين نفقة لطليقة ذات دخل، فهذه هي قمة الجور الذي لا يمكن قبوله.
نحن بحاجة إلى تأسيس جمعية لحقوق الرجل والأسرة، جمعية تُعيد للعقل سلطته فوق الغرائز، وللعدالة مكانها فوق الصراخ الإعلامي النسوي المستورد، الذي لا يعبأ إلا بإرضاء أجندات غربية لا تعرف شيئًا عن تركيبة مجتمعاتنا ولا عن أوضاع رجالنا. نعم، لقد آن الأوان لإيقاظ الرجال من سباتهم الطويل، ليفهموا أن ما يجري من عبث بالقوانين الشرعية لا يخدم المرأة ولا الرجل، بل يهدد الأسرة كلها بالتفكك، ويحوّل العلاقة الزوجية إلى ساحة حرب، وقاعة المحكمة إلى ميدان كسر عظم.
فأي مجتمع هذا الذي تُطالب فيه الدكتورة بنفقة خادمة، ويُحبس فيه الشاب العاطل لأنه لم يستطع دفع نفقة؟ وأي مساواة تلك التي تنحاز للمرأة فقط حين تكون في موقع المطالبة؟ نحن في زمن قلبت فيه المعايير حتى باتت الأنثى هي من تهيمن اقتصاديًا وتشريعيًا وإعلاميًا، بينما الرجل يُحاصر بالمطالب والتكاليف والقيود، فلا يُسمح له حتى بالاعتراض.
كفانا صمتًا. كفانا تجميلاً لقوانين أعطت البعض فرصة استغلال مقدرات الآخرين تحت غطاء الشرعية. ولتكن البداية من هذه النماذج الوقحة التي لا تخجل من المطالبة بخادمة في ظل أزمة معيشية خانقة يعيشها الرجال والنساء معًا. هذه ليست ديمقراطية ولا عدالة. هذا إفساد للعلاقات الإنسانية، وتحويل الزواج إلى كمين مالي، وطعنة في خاصرة الرجولة التي تتآكل أمام غطرسة من يُردن أخذ كل شيء، بلا مقابل.
فليعلم الجميع أن مرحلة جديدة قادمة، ستُطرح فيها هذه الأسئلة بقوة، وسيُعاد فيها النظر بكل حرف في قانون الأحوال الشخصية. لا نريد أن يُظلم أحد، لكننا نرفض أن يبقى الرجل وحده في ساحة الدفع والمحاسبة، بينما تفرّغ النساء لشعارات مستوردة لا تصمد أمام واقع الحياة.
ومن هنا نبدأ... لا بالعداء للمرأة، بل بالعدالة للجميع.

نيسان ـ نشر في 2025-06-02 الساعة 20:24


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً