هناك ما اتفقت عليه واشنطن وموسكو حول مصير الأسد
د. عبدالله الطوالبة
أكاديمي وسياسي وكاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2015-12-19 الساعة 14:42
القراءة الأولية لقرار مجلس الأمن بخصوص المقتلة السورية، تشير بل وتؤكد اجماع الدول الكبرى على أن سوريا لن تعود الى ما كانت عليه قبل 15 آذار 2011، على مستوى النظام السياسي وطريقة الحكم. لكن ثمة مسكوتا عنه في القرار، ربما لعدم الاتفاق بشأنه بعد بين عواصم القرار الدولي، أو للاعلان عنه وفرضه في الوقت المناسب لاحقا، وترك المجال لأطراف النزاع ليظن أو يتوهم- لا فرق- كل منهم أن القرار لصالحه. ولتلمس هذا المسكوت عنه، يمكن الاستعانة بمنهج الرياضيات في التحليل، كون السياسة أيضا معادلات ومصالح.
الجزء المهم في المعادلة الذي نرى أنه البداية الأصح للقراءة الأشمل، هو صدور القرار بالاجماع، وهذا يعني التوافق بشأنه بين الدول الكبرى وبخاصة الدول الخمس صاحبة حق النقض الفيتو. لكن رئيس الدولة الأعظم، باراك حسين أوباما لم يتأخر كثيرا في التصريح بعد صدور قرار المنتظم الدولي بأن الأسد فقد شرعيته وعليه الرحيل.
بالمقابل أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقائه وزير خارجية الولايات المتحدة بأن روسيا لن تقبل أن يفرض أحد عليها من سيحكم سوريا أو أي بلد آخر. بين التصريحين ثمة ثالث، وان كان بخف الريشة مقارنة بالأول والثاني، الا أنه لا يجوز اسقاطه من المعادلة، ويعود الى فصائل المعارضة السورية التي اجتمعت في الرياض قبل اسبوع وأعلنت على لسان رياض حجاب: نريد مرحلة انتقالية بدون بشار الأسد.
سؤال منطقي يفرض نفسه: كيف صدر قرار مجلس الأمن بالاجماع ومواقف واشنطن وموسكو بخصوص مصير الأسد على هذه الدرجة من التناقض كما يبدو واضحا في تصريحي رئيسي الدولتين العظميين المومأ اليهما فوق؟!
ربما من الأفضل، ترك الاجابة للشهور القليلة القادمة، ولكن كاضاءة أظنها مهمة ولا بأس من التذكير بها، وفحواها أن الدول وبخاصة الكبرى ليست جمعيات خيرية، فالمصالح هي التي تحدد مواقفها وتقرر سياساتها عندما يجد الجد.
تأسيسا على ما سبق، يمكن الاستنتاج بأن اتفاقا تم التوصل اليه حول مصير الأسد، لكنه بقي طي الكتمان حاليا، وأن تنازلات قد تمت بهذا الخصوص من أكثر من طرف وفي أكثر من اتجاه.