حتى الخمور لها نصيب من الفساد..
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2025-07-02 الساعة 08:53
نيسان ـ الفساد ما عاد خبراً غريبا بل صار وجبة يومية. نشتم رائحته ونتذوق طعمته بطريقة جديدة كل يوم ..
نسمع عن فساد الخضار، فساد اللحوم، فساد التعليم حتى الهواء الذي نستنشقه بات فاسدا وأخشى ان يصل الفساد الى الملح.. هنا نصل الى طريق اللاعودة. والله يستر.
فلم يعد الفساد في بلادنا يقتصر على صدور الدجاج المنتفخة أو الخضار المغسولة بمياه الصرف الصحي. لقد تطور، بل حصل على ترقية، وارتدى ثوبا جديدا... هذه المرة وصلنا فساد الكحول، يعني الفساد طاله الفساد.
فما بين قنينة خمر مسمومة وقصة "صحة وسلامة" على رفوف المولات، بات المواطن الأردني بحاجة لفحص مخبري قبل كل رشفة، لا لشيء، سوى للتأكد أنه لن يقتل على يد زجاجة مستوردة قانونيا وقد تكون صنعها متنفذون يحملون صفة قانونية.وينعمون بحصانات وبوليصات تأمين لا يعلم مصادرها الا الضالعون في أروقة مصانع القرار..
وبما ان ذاكرة الأردنية لا تموت، أعادتنا هذه حكاية فساد الكحولية مباشرة إلى ثورة وزير الصحة الأسبق إبراهيم ملحس – الرجل الذي قالها قبل ثلاثين عاما بلا لف او دوران: السلطة والبزنس تزوجا زواجا غير شرعي..
ملحس الذي كانت صرخته مدوية في زمن الصمت، وعندما كانت الرؤوس تنحني والكراسي تلمع، وقال إننا نأكل ونشرب نفايات الشعوب. يومها لم نأخذ كلامه على محمل الجد، فها نحن اليوم نشربها فعلًا – لكن بسعر أعلى!
في الحقيقة، مأساة الفساد في الأردن لم تعد مجرد حالات فردية، بل تحوّلت إلى نظام اجتماعي متكامل.
نظام بواجهات مختلفة: سياسي، اقتصادي، طبي، إعلامي، تربوي، حتى الهواء لم يسلم من الرشوة.
لكن الأخطر، كما كان دائما، هو الفساد السياسي؛ لأنه يمنح الرخص القانونية لباقي أنواع الفساد.
يجعل من اللص محترما، ومن المهرب رجل أعمال، ومن مرتكب الجريمة موظفًا لا يسأل عمّا يفعل!
نحن نعيش مرحلة باتت فيها الواسطة شرفا، والمحسوبية وجها من وجوه الذكاء الاجتماعي.
المواطن لا يقاس بما يقدمه لوطنه، بل بعدد "الجهات العليا" التي يملك أرقامها على الهاتف.
تخيل معي أن الشرف بات يقاس بقدرتك على إنهاء معاملة بلا طابور.
أما من لا يعرف أحدًا فهو مشروع حالة تسمم بانتظار دوره في الطوارئ... إذا وصله الدور أصلًا.
فساد الخمور ليس البداية، ولن يكون النهاية.
إنها حلقة جديدة في مسلسل قديم، كنا نتابعه ونحن نضحك، ثم أصبحنا نعيشه ونحن نختنق.
متى نصحو من السكر الوطني الجماعي؟ متى نغلق الشاشة متى نغير الموضوع، وننتقل الى التنمية وازدهار لمواجهة التحديات والمخاطر التي تستوطن بقربنا..
نسمع عن فساد الخضار، فساد اللحوم، فساد التعليم حتى الهواء الذي نستنشقه بات فاسدا وأخشى ان يصل الفساد الى الملح.. هنا نصل الى طريق اللاعودة. والله يستر.
فلم يعد الفساد في بلادنا يقتصر على صدور الدجاج المنتفخة أو الخضار المغسولة بمياه الصرف الصحي. لقد تطور، بل حصل على ترقية، وارتدى ثوبا جديدا... هذه المرة وصلنا فساد الكحول، يعني الفساد طاله الفساد.
فما بين قنينة خمر مسمومة وقصة "صحة وسلامة" على رفوف المولات، بات المواطن الأردني بحاجة لفحص مخبري قبل كل رشفة، لا لشيء، سوى للتأكد أنه لن يقتل على يد زجاجة مستوردة قانونيا وقد تكون صنعها متنفذون يحملون صفة قانونية.وينعمون بحصانات وبوليصات تأمين لا يعلم مصادرها الا الضالعون في أروقة مصانع القرار..
وبما ان ذاكرة الأردنية لا تموت، أعادتنا هذه حكاية فساد الكحولية مباشرة إلى ثورة وزير الصحة الأسبق إبراهيم ملحس – الرجل الذي قالها قبل ثلاثين عاما بلا لف او دوران: السلطة والبزنس تزوجا زواجا غير شرعي..
ملحس الذي كانت صرخته مدوية في زمن الصمت، وعندما كانت الرؤوس تنحني والكراسي تلمع، وقال إننا نأكل ونشرب نفايات الشعوب. يومها لم نأخذ كلامه على محمل الجد، فها نحن اليوم نشربها فعلًا – لكن بسعر أعلى!
في الحقيقة، مأساة الفساد في الأردن لم تعد مجرد حالات فردية، بل تحوّلت إلى نظام اجتماعي متكامل.
نظام بواجهات مختلفة: سياسي، اقتصادي، طبي، إعلامي، تربوي، حتى الهواء لم يسلم من الرشوة.
لكن الأخطر، كما كان دائما، هو الفساد السياسي؛ لأنه يمنح الرخص القانونية لباقي أنواع الفساد.
يجعل من اللص محترما، ومن المهرب رجل أعمال، ومن مرتكب الجريمة موظفًا لا يسأل عمّا يفعل!
نحن نعيش مرحلة باتت فيها الواسطة شرفا، والمحسوبية وجها من وجوه الذكاء الاجتماعي.
المواطن لا يقاس بما يقدمه لوطنه، بل بعدد "الجهات العليا" التي يملك أرقامها على الهاتف.
تخيل معي أن الشرف بات يقاس بقدرتك على إنهاء معاملة بلا طابور.
أما من لا يعرف أحدًا فهو مشروع حالة تسمم بانتظار دوره في الطوارئ... إذا وصله الدور أصلًا.
فساد الخمور ليس البداية، ولن يكون النهاية.
إنها حلقة جديدة في مسلسل قديم، كنا نتابعه ونحن نضحك، ثم أصبحنا نعيشه ونحن نختنق.
متى نصحو من السكر الوطني الجماعي؟ متى نغلق الشاشة متى نغير الموضوع، وننتقل الى التنمية وازدهار لمواجهة التحديات والمخاطر التي تستوطن بقربنا..
نيسان ـ نشر في 2025-07-02 الساعة 08:53
رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني