اتصل بنا
 

مفتي الأحذية

نيسان ـ نشر في 2025-07-03 الساعة 10:54

نيسان ـ الغابة التي لا يستجاب الدعاء فيها(3)
مفتي الأحذية
في أعالي الأشجار حيث تبني الغربان أعشاشها من أوراق القوانين المهترئة، عاش غرابٌ عجوز يُلقَّب بـمفتي الأحذية. لم يكن اسمه معروفًا، لكنه اشتهر بأنه لا يصدر فتوى إلا بعد النظر إلى الحذاء الذي يرتديه الحاكم.
كان هذا الغراب يظهر في مواسم الحريق الكبرى، يصرخ من أعلى المنبر الخشبي: الدعاء واجب والصبر فضيلة والمقاومة مفسدة، ومن نطق فقد خان!
كان يرفرف بجناحيه ويتظاهر بالخشوع وتنساب من عينيه دموع كثيفة لا رائحة لها. وإذا ما انتهى من خطبته، عاد مسرعًا إلى جحره المخملي، حيث تنتظره مكافآت محشوة بالدُّهن المسروق من بطون اليرابيع.
كل الغابات استنسخت نسخًا من هذا المفتي. فصار في كل غابةٍ عشرات الغربان تختلف ألوانها لكنّ نعيقها واحد.
وكان المفتي الأصلي يكرر: "المنسية قضية معقدة لا يجوز أن نخوض فيها بغير إذن. لننتظر الحكمة العليا!
وبين فتوى وفتوى
كانت أشجار المنسية تتهاوى.
وفي إحدى الليالي اقترب منه غراب صغير وسأله: يا سيدي، لماذا لا تُفتي لنجدة الغابة المنسية؟ فابتسم العجوز ابتسامة صفراء وقال: لأن النُصرة تحتاج إذنًا... ومرآة نظيفة ونحن لا نملك سوى مرآة الحذاء.
ومنذ ذلك اليوم صار يُعرف رسميًا باسم: مفتي الأحذية.

نيسان ـ نشر في 2025-07-03 الساعة 10:54


رأي: د. وليد العريض

الكلمات الأكثر بحثاً