اتصل بنا
 

المركزية للشيوعي الأردني تعقد اجتماعا

نيسان ـ نشر في 2025-07-22

المركزية للشيوعي الأردني تعقد اجتماعا
نيسان ـ عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني اجتماعها الدوري يوم الجمعة 18 تموز 2025، في مقر الحزب بالعاصمة عمّان، بحضور واسع من أعضائها. ناقش الاجتماع التقرير السياسي، إلى جانب التقارير التنظيمية والوطنية والمالية، وأقرها. قدّم التقرير السياسي تحليلًا نقديًا للنظام الرأسمالي العالمي، مرصدًا أزمته البنيوية المتفاقمة، التي تتجلى في اتساع الفجوة الطبقية، تباطؤ النمو الاقتصادي، وفشل السياسات النيوليبرالية في تحقيق تنمية مستدامة. كما أشار إلى تحول النظام الدولي نحو تعددية قطبية، مع تراجع الهيمنة الأمريكية وصعود قوى مثل الصين وروسيا.
إقليميًا، حذر التقرير من تنامي التبعية العربية للمراكز الإمبريالية، خاصة عبر مشروع "الحل الإبراهيمي" الذي يسعى لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة على حساب الحقوق الفلسطينية. وأشاد بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، منتقدًا الصمت العربي والدولي إزاء الجرائم الصهيونية. على الصعيد الوطني، أبرز التقرير الاستهداف الصهيوني للأردن عبر مشاريع مثل "الوطن البديل" واتفاقيات التطبيع التي تهدد السيادة الوطنية. اقتصاديًا، حمّل السياسات النيوليبرالية مسؤولية تفاقم الفقر والبطالة وتهميش القطاعات الإنتاجية، داعيًا إلى استراتيجية اقتصادية وطنية تركز على الاعتماد على الذات وتنمية الصناعة والزراعة.
سياسيًا، عبّر الحزب عن قلقه من تراجع الحريات العامة وسياسات التضييق على الحراك الشعبي، خاصة عبر قوانين مثل قانون الجرائم الإلكترونية، الذي يُعد أداة لتقييد حرية التعبير. واختتم التقرير بتأكيد التزام الحزب بالنضال الوطني والديمقراطي، داعيًا إلى تشكيل جبهة وطنية تقدمية لمواجهة التحديات الصهيونية والإمبريالية، وإلغاء معاهدات التطبيع مثل وادي عربة، وإحياء مشروع عربي تحرري يقوم على الاستقلال السياسي والاقتصادي. وأكدت اللجنة المركزية أن التقرير يمثل وثيقة نضالية موجهة للوطنيين والتقدميين، تهدف إلى بناء بديل سياسي واجتماعي يعيد الاعتبار للحقوق الوطنية، خاصة القضية الفلسطينية.
وتايا نص التقرير السياسي:


يشهد العالم اليوم؛ مرحلة انتقالية غير مسبوقة، تتسم بصعود قوى دولية جديدة تسعى إلى كسر احتكار القرار العالمي. فبعد عقود من هيمنة القطب الأميركي منذ نهاية الحرب الباردة، يتجه النظام الدولي تدريجيًا نحو تعددية قطبية، في سياق يشهد تصاعدًا في المواجهات الإقليمية واتساعًا في رقعة الحروب. لقد دخلت الإمبريالية الأميركية مرحلة الانكماش، ولم تعد قادرة على فرض إرادتها على العالم كما كانت في السابق. ورغم استمرار امتلاكها أدوات الهيمنة العسكرية والمالية الهائلة، فإن سياساتها باتت تواجه تشكيكًا متزايدًا على المستوى الدولي، خاصة في ظل دعمها غير المشروط للجرائم "الإسرائيلية"، وازدواجية معاييرها الصارخة.
من أبرز سمات المرحلةتفاقم الأزمة الرأسمالية:
يواجه الاقتصاد الرأسمالي أزمة بنيوية حادة، ومن ابرز مظاهرها؛ اتساع الفجوة الطبقية، تباطؤ واضح في معدلات النمو الاقتصادي، فشل برامج الإنقاذ الاستثنائية التي اتبعتها المراكز الرأسمالية لإخراج اقتصاداتها من الازمة، ارتفاعًا قياسيًا في مستويات المديونية،. خاصة بعد ظهور أزمة العجوزات المالية في موازنات البلدان الرأسمالية، فإذا كانت سياسة ضخ الأموال قد أسهمت في إنقاذ بعض الشركات العملاقة من الانهيار لكنها لم تفلح في شفاء اقتصاد مسكون في الأزمة.
من بينالمؤشرات اللافتةللأزمة الرأسمالية، التحول الملحوظ في السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة نحو الحماية التجارية. فعلى خلاف السياسات الرأسمالية المعروفةبالعولمة الرأسمالية، والمبنية على تحرير الأسواق وتشجيع انسياب السلع دون قيود، نشهد اليوم عودة قوية إلى فرض الرسوم الجمركية المرتفعة واتخاذ إجراءات حمائية تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأميركي.
يعكس هذا التحول فشل المنظومة الليبرالية الجديدة في تجاوز تناقضاتها الداخلية، وإخفاق سياسات العولمة النيوليبرالية، وعجزها عن احتواء الصعود المتسارع لقوى اقتصادية جديدة خارج المنظومة الغربية.
وقد تسببت السياسات الحمائية التي اتخذتها الولايات المتحدة في موجة من التصعيد المتبادل، مما عمّق حالة عدم الاستقرار في التجارة العالمية. فقد باتت السياسات الرأسمالية المتوحشة لا تعبّر فقط عن الصراع الطبقي (بين المراكز الرأسمالية والطبقة العاملة)، بل واشتداد المنافسة بين المراكز الرأسمالية نفسها، في ظل التراجع النسبي للاقتصاد الأميركي وتقدّم أقطاب اقتصادية بديلة، مثل الصين وروسيا، إلى جانب دول أخرى كإيران والبرازيل والسعودية ومصر، بالتحول نحو التبادل التجاري بالعملات المحلية أو بعملات بديلة، ما أسهم في تقليص حصة الدولار كعملة احتياطية في النظام المالي العالمي، من نحو 71% عام 1999 إلى 47% عام 2025. وهذا التراجع يعكس أحد أبرز مؤشرات انحسار الهيمنة المالية الأميركية.
ما يجري في هذه الايام؛ يعيد إلى الأذهان ما شهده النظام الرأسمالي قبيل الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي، حين بلغت التناقضات الداخلية بين القوى الرأسمالية مستويات غير قابلة للاحتواء ضمن الإطار السلمي، مما أدى إلى اندلاع صراعات عسكرية مدمّرة لإعادة تقاسم النفوذ والأسواق. ومع أن أشكال الصراع المعاصر قد تتخذ طابعًا اقتصاديًا وتكنولوجيًا في المقام الأول، فإنها تحمل في طياتها احتمالات تصعيد عسكري، سواء بصورة مباشرة أو عبر حروب بالوكالة، في ظل الصراع على مستقبل النظام العالمي الجديد الآخذ بالتشكل، حيث تنتقل الحرب من ساحات القتال التقليدية إلى الفضاء السيبراني، ومجالات الذكاء الاصطناعي، والعملات الرقمية، ما يفرض تحديات سيادية وأمنية حقيقية على الدول النامية.
أثر التحولات العالمية على البلدان العربية
في ظل التحولات الجذرية التي تعصف ببنية النظام الرأسمالي العالمي، تجد البلدان العربية نفسها أمام تحديات جسيمة تمسّ السيادة السياسية والاقتصادية، والأمن القومي، والاستقرار الاجتماعي. فهذه الدول، التي أُدمِجت في النظام الرأسمالي ضمن سياسات التبعية والتهميش، تواجه اليوم تداعيات الأزمة الرأسمالية، دون أن تتمكن من الحفاظ على استقلالها السياسي، أو تحقيق برنامج وطني تنموي، أو بناء قاعدة اقتصادية إنتاجية.
تتجلى هذه التحديات في الارتهان المتزايد للمراكز الرأسمالية، وخاصة للتحالف الإمبريالي–الصهيوني، مما يزيد من هشاشة المواقف السياسية الرسمية، التي تفتقر إلى استراتيجيات مستقلة، وتتحرك ضمن إطار المحور الأميركي–الصهيوني، عبر مشاريع التطبيع والخضوع لما يسمى بـ"الحل الإبراهيمي". وقد دخلت بعض الأنظمة العربية في تحالف وتواطؤ مكشوف مع العدو ضد حركة المقاومة الفلسطينية.
لقد شهد الموقف الرسمي العربي تحوّلًا مفضوحًا خلال العقود الأخيرة، انتقل من دعم لفظي للقضية الفلسطينية إلى انخراط عدد من الأنظمة في مشاريع التطبيع العلني، وصولًا إلى "الحل الإبراهيمي"، وهو مشروع يُروَّج له كحوار بين الأديان، لكنه في جوهره يحمل أجندة سياسية تقودها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، تهدف إلى دمج هذا الكيان في المنطقة، وتأهيله لقيادتها والهيمنة عليها، على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.
رفضت الشعوب العربية هذا النهج التطبيعي، وتمسّكت بدعم المقاومة، باعتبارها خط الدفاع الأخير عن الأمة، والضمانة الحقيقية للشعب الفلسطيني في التحرير والعودة وتقرير المصير. ويُعدّ "الحل الإبراهيمي" محاولة لإعادة تشكيل وعي المنطقة وفق منطق "التعايش الزائف" بين الضحية والجلاد، بدلًا من طريق التحرر والاستقلال.
نحو سياسات بديلة تعزز السيادة الاقتصادية والاستقلال الوطني
إن مواجهة هذه التحديات تتطلب مغادرة نهج التكيّف مع الأزمات الدولية، والانطلاق نحو تبنّي سياسات بديلة ترتكز على تعزيز السيادة الوطنية، وتحرير القرار السياسي من التبعية للمراكز الرأسمالية العالمية.في مقدمة هذه السياسات، تأتي أهمية إحياء المشروع التنموي الحضاري الوحدوي، القائم على إعادة الاعتبار للدور العربي في بناء مشروع تحرري سياسي واقتصادي واجتماعي، يعيد الاعتبار لدور الدولة في التخطيط والتوجيه والاستثمار، خاصة في القطاعات الإنتاجية، وفي مقدمتها الزراعة والصناعة. فالتحرر من الارتهان الغذائي، وإعادة بناء قاعدة إنتاجية داخلية، يمثلان حجر الزاوية لأي مشروع استقلال اقتصادي. وهذا يتطلب كسر اشتراطات المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدولي.
كما تبرز الحاجة إلى الدخول في شراكات اقتصادية أكثر توازنًا، من خلال الانفتاح على التكتلات الدولية الصاعدة كـ"البريكس"، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الجنوب. وفي ظل التحديات التكنولوجية والرقمية، تبرز أهمية بناء منظومات سيبرانية مستقلة، وحماية البيانات الوطنية، وتطوير سياسات رقمية تراعي السيادة والخصوصية. أما على المستوى السياسي، فلا يمكن تحقيق هذه المقاربة من دون إرادة وطنية ديمقراطية تعبّر عن مصالح الشعوب، وتستند إلى توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، وتمكين قوى التغيير التقدمي من إعادة صياغة الأولويات الوطنية.
نحو جبهة تحرر عربية تقدمية
إن الأحزاب اليسارية والقومية التقدمية في الوطن العربي، وبغضّ النظر عن مرجعياتها الفكرية، مدعوة اليوم إلى تشكيل قوة سياسية واجتماعية تنهض بحركة التحرر الوطني، وتعيد لها دورها التاريخي في قيادة النضال العربي، حيث تتجلى العلاقة الجدلية بين قضايا التحرر الوطني والقضايا الاجتماعية، كوجهين متلازمين لمشروع النهوض العربي الشامل.
وتقع على عاتق حركة التحرر الوطني مهمة ترسيخ الاستقلال السياسي، عبر إلغاء جميع المعاهدات المهينة مع العدو الصهيوني (كامب ديفيد، أوسلو، ووادي عربة)، وإغلاق القواعد العسكرية الأجنبية، التي لم تكن يومًا سوى أدوات لحماية الكيان الصهيوني – والحرب الأخيرة خير دليل على ذلك.
ويدعو حزبُنا إلى إقامة أوسع تحالف بين القوى التقدمية اليسارية والقومية، على أسس ديمقراطية، لمواجهة التحديات الخطيرة، والتصدي للمشروع الإمبريالي–الصهيوني، الهادف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق مقاساته. كما يؤكد على ضرورة إقامة حياة سياسية ديمقراطية تعبّر عن إرادة الشعوب العربية، وبناء اقتصادات وطنية مستقلة تُوظَّف فيها الثروات الطبيعية والطاقات البشرية الكامنة في الوطن العربي.
ويهدف هذا التوجه إلى تحقيق مشروع تنموي تحرري يضمن الاكتفاء الذاتي، ويقضي على الأمية والتخلف، ويرتقي بمستوى التعليم والمعرفة، بما يواكب تطورات العصر وثورة الذكاء الاصطناعي، ويعزز الهوية الثقافية الوطنية في مواجهة التغريب والاستلاب.
الشعب الفلسطيني يتصدى لجرائم الاحتلال بلا غطاء عربي
يواصل الفاشيون الجدد بدعم ومشاركة من حلف الناتوعدوانهم على الشعب الفلسطيني، وسط صمت عربي ودولي مريب.. لقد ارتكب العدو الصهيوني حرب ابادة وجرائم بشعة، مستهدفا المساكن والمستشفيات والمدارس ودور العبادة. خلّف العدوان كارثة إنسانية ودمارًا شاملًا، حيث تجاوز عدد الشهداء ستة وخمسين ألفًا، وبلغ عدد الجرحى نحو مائة وواحد وثلاثين ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء. ولم يقتصر العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في حرب القنابل والصواريح بل يتعداها بالحصار وحرب الغذاء والدواء وحرمان الفلسطينيين من لقمة العيش.
كما تواصل قوات الاحتلال اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية فقد ارتكبت جرائم وحشية في الضفة الغربية، حيث شنت قوات الاحتلال حملات عنيفة على مدن جنين وطولكرم ومخيماتها، مستهدفة المقاومين والمدنيين على حد سواء، وقد تواصلت الاعتداءات على النساء والأطفال وتدنيس المقدسات، وارتكاب مجازر مروّعة، واعتقلت المئات، في محاولات لكسر شوكة المقاومة في الضفة. حيث هدمت جرافات الاحتلال المنازل والشوارع، واُلحِقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية. وتواصل سلطات الاحتلال مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي، خاصة في الأغوار والقدس المحتلة، وتوسيع الاستيطان، وضم غور الأردن، في سياق مخطط تهجيري استعماري يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، في انتهاك سافر للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وبات الأردن مهددًا ضمن هذا المخطط بوصفه جزءًا من الجغرافيا المستهدفة صهيونيًا.
إن ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية ومختلف أنحاء فلسطين هو جزء من معركة وجود، يخوضها الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله وتقرير مصيره على ارض وطنه. وتقف السلطة الفلسطينية الى جانب قوات الاحتلال بملاحقة واعتقال الفلسطينيين، بعد ما أوغلت بالتنسيق الأمني مع الصهاينة، ولم يتورّع بعض رموزها عن التحريض على المقاومة .
لقد ساهمت التصريحات الوقحة الصادرة عن الأوساط الغربية، التي تُحمّل الفلسطينيين مسؤولية ما يجري، في تشجيع "إسرائيل" على التمادي في عدوانها، اضافة الى الرفض الأميركي لقرار المحكمة الدولية، كتعبير عن مشاركتها في العدوان وتغطيتها له، من خلال التسليح والتمويل وتبادل المعلومات وممارسة حق النقض في مجلس الأمن. كما استغلت قوات الاحتلال حالة التفكك العربي، بعد تدمير سوريا وإخراجها من ساحة الصراع الفعلي، وهكذا تُركت فلسطين فريسة للاحتلال بلا غطاء عربي. وتأتي هذه الحرب في سياق المشروع الاجرامي الاميركي الصهيوني في تفكيك المشرق العربي ضمن مشروع "الشرق الأوسط الجديد".
لقد أثار التدمير الممنهج والقتل الجماعي غضبًا عالميًا واسعًا، فشهدت عواصم ومدن العالم مسيرات ومظاهرات شعبية حاشدة وغير مسبوقة، تنديدًا بالعدوان الإمبريالي–الصهيوني وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني. إن حرب الإبادة التي تشنها جحافل قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني، تضع الأمة العربية أمام مسؤولية تاريخية لحماية الشعب الفلسطيني، وتقديم الدعم السياسي والمادي والمعنوي له في نضاله من أجل كنس الاحتلال. ونخص بالذكر مصر والأردن، باعتبارهما يتحملان مسؤولية أخلاقية وتاريخية تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة.
سوريا ولبنان: في قلب الاستهداف والمقاومة
لم تسلم سوريا من محاولات التفكيك والعزل والتدمير، نتيجة لمواقفها القومية وتمسّكها بثوابت الصراع العربي–الصهيوني واحتضانها لقوى المقاومة. فمنذ اندلاع الأزمة عام 2011، تحوّلت سوريا إلى ساحة صراع إقليمي–دولي، حيث نجحت الإمبريالية الأميركية في تجنيد القوى الظلامية المدعومة من أوسع تحالف (تركي–صهيوني–رجعي) ترافقت هجمات الإرهابيين مع فرض عقوبات إجرامية هدفها خنق الشعب السوري وتجويعه، وصولًا إلى تفكيك الدولة السورية وتقسيمها، وإخراجها من معادلة الصراع مع العدو. لقد مهد هذا المسار، الى سقوط سوريا بإيدي التحالف الامبريالي الصهيوني،وإجتياح قوات الاحتلال للأراضي السورية وتدمير البنية التحتية للقوات المسلحة السورية. أسهم سقوط سوريا بأيدي القوى الظلامية في إضعاف الجبهة اللبنانية التي قاتلت العدو الصهيوني، وقدّمت التضحيات، وفقدت أعزّ رجالها، وفي مقدمتهم القائد الثوريحسن نصرالله وثلة من كوادر وقادة المقاومة.
من ابرز مهام حركة التحرر الوطني
إفشال المشروع الإمبريالي – الصهيوني
يتجلى مفهوم التحرر الوطني في المنطقة من خلال التحولات النوعية في الصراع مع العدو الصهيوني. فقد كشفت الحرب العدوانية الفاشية التي شنتها قوات الاحتلال على إيران عن فشلها في تحقيق أهدافها في أداء الدور الوظيفي المناط بها، ما استدعى تدخل الولايات المتحدة لتوجيه ضربة خاطفة، لم تكن مؤثرة على المستوى الاستراتيجي، كتمهيد لوقف الحرب التي أفضت إلى نتائج غير متوقعة للعدو، من حيث اتساع نطاقها وعمقها وتأثيرها على مواقع استراتيجية هامة. إذ واجه العدو قوةً إقليميةً تمتلك بنية عسكرية متطورة، وإرادة سياسية صلبة، ما جعل الكيان الصهيوني يتلقى صفعةً لم يعتدها من قبل، وفرضت عليه واقعًا جديدًا من توازن الرعب في المنطقة. وقد جاءت هذه المغامرة في سياق استمرار المشروع الإمبريالي–الصهيوني الرامي إلى إعادة تشكيل خارطة المنطقة بما يخدم مصالح الهيمنة الأميركية والكيان الصهيوني، إلا أنها لم تحقق نتائج ملموسة، مما يكشف عن عمق المأزق الذي يواجه هذا المشروع.
لقد اكدت هذه التطورات من جديد؛ أن الصراع في المنطقة ليس مجرد صراع جغرافي، بل صراع وجودي بين مشروعين متناقضين: مشروع الهيمنة الإمبريالية–الصهيونية، ومشروع التحرر الوطني والاجتماعي، ولا يَنحصِر في هذه المرحلة، مع الشعوب العربية وحدها، بل يمتد ليشمل صراعًا مع أنظمة ودول في الإقليم، وخصوصًا تلك التي سعت إلى التحرر من التبعية للهيمنة الغربية. فقد تعرّضت إيران، وما زالت، لحملات استهداف متواصلة، نتيجة دعمها الصريح لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان، ورفضها للمشروع الإمبريالي–الصهيوني، وسعيها لبناء اقتصاد وطني مستقل. حيث تصدر الموقف الايراني المشهد السياسي في الاقليم بعد ان فقدت معظم البلدان العربية استقلالها السياسي نتيجة تغوّل السياسات النيوليبرالية، والخضوع لشروط التبعية.
توازن الردع ومناخ جديد للمقاومة:
لقد احدث صلابة الموقف الايراني بداية تحوّل نوعي في الصراع مع العدو الصهيوني، قد يمهّد لمرحلة جديدة عنوانها توازن الردع وإفشال مشاريع الهيمنة. إن صمود إيران، ووقف العدوان على غزة دون تحقيق الأهداف الصهيونية المعلنة بـ"اقتلاع المقاومة"، يشكل محطة هامة أمام الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية لمواصلة النضال، ومناخًا سياسيًا أكثر ملاءمة لتعزيز ثقافة المقاومة في الأوساط الشعبية، واتساع قاعدة المؤيدين لنضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير مصيره على أرضه التاريخية. في المقابل، ستجد الأنظمة العربية المُطبّعة نفسها في وضع أكثر عزلة، أمام شعوبها وأمام الرأي العام العربي والدولي.
الأردن في مواجهة الخطر الصهيوني
في خِضم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية، ومع تصاعد العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، يبرز سؤال جوهري بالنسبة للأردن: هل نحن مستهدفون؟ والإجابة التي تفرضها الوقائع والتاريخ والمشروع الصهيوني نفسه، هي: نعم، الأردن في صلب الاستهداف الصهيوني، أمنًا ووجودًا وهوية، وذلك للاسباب التالية.
1- منذ نشأة الحركة الصهيونية؛ لم يكن هدفها مقتصرًا على إقامة كيان على أرض فلسطين فحسب، بل كان مشروعها استيطانيًا توسعيًا يطمح إلى إقامة "إسرائيل الكبرى"، والتي يرى منظّري الحركة الصهيونية أنها تمتد "من النيل إلى الفرات". وفي هذا السياق، يشكّل الأردن جزءًا من هذا المجال الحيوي الذي تتطلع إليه "إسرائيل"، خاصة في ظل تغول اليمين الصهيوني، وتحوّل التطرّف الديني والقومي إلى قوة مهيمنة في الدولة العبرية.
2- يُعدّ الأردن أحد أهم ركائز الصراع الفلسطيني – الصهيوني، ليس فقط بحكم الجوار، بل لارتباطه العضوي والتاريخي بالقضية الفلسطينية. ولعل من أخطر التهديدات التي واجهها ويواجهها الأردن، هي فكرة "الوطن البديل"، التي تروج لها قوى داخل الكيان الصهيوني، وتسعى إلى دفع الفلسطينيين نحو الضفة الشرقية لنهر الأردن، لتصفية حقوقهم الوطنية. إن محاولات تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها، سواء بالضم أو التهجير القسري، تهدف إلى تهديد مباشر للسيادة الوطنية الأردنية والفلسطينية.
3- مشاريع الضم والاستيطان وخطر التهجير؛ مع تصاعد سياسات الضم في الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان، وشنّ حروب التهجير على قطاع غزة، تسعى "إسرائيل" إلى خلق واقع جديد يُنهي فكرة الدولة الفلسطينية، ويضع الأردن أمام خيارين: إما القبول بكونه "الوطن البديل"، أو مواجهة ضغوط اقتصادية وديموغرافية وأمنية خانقة. وما جرى ويجري في غزة – من إبادة وتهجير – ليس بعيدًا عن هذا السياق.
4- الاختراق الاقتصادي والتبعية؛ لم تتوقف أدوات الاستهداف الصهيوني عند حدود الجغرافيا والسلاح، بل امتدت إلى الاقتصاد والطاقة، عبر اتفاقيات مثل صفقة الغاز، التي كرّست التبعية، وجعلت من أمن الطاقة في الأردن رهينة بيد العدو. كما أن ما سمي بإتفاقيات السلام وما تلاها من "تطبيع اقتصادي" لا تصبّ في مصلحة الأردن، بل تُستخدم كورقة ضغط سياسية.
5- السياق الإقليمي والدولي ؛ في ظل الدعم الأميركي والغربي المطلق للعدوان الصهيوني، يترتب اولا اغلاق القواعد العسكرية الاميركية والاجنبية عامة في الأردن، حيث تسعى "إسرائيل" لإعادة رسم خارطة المنطقة بدعم اميركي بما يخدم مشروعها، ويُضعف الكيانات العربية. وفي هذا السياق، يسعى الكيان الصهيوني إلى تحييد الأردن أو تفكيكه أو إجباره على التماهي مع المشروع الأميركي – الصهيوني. والتهديد لا يقتصر على البعد العسكري، بل يمتد إلى محاولات العبث بالداخل الأردني، وضرب وحدته الوطنية.
6- إن الاستهداف الصهيوني للأردن حقيقي وممنهج، ومتعدد الأشكال، ويفرض علينا كأردنيين – دولةً وشعبًا وقوى وطنية – أن نرفع منسوب الوعي السياسي، ونحصّن الجبهة الداخلية، وندرك أن مواجهة هذا الخطر تبدأ ببناء أردن وطني ديمقراطي، منيع، مقاوم، والغاء معاهدة وادي عربة وملحقاتها.
7- إن التحديات التي تواجه البلاد، تضع حزبنا والحركة الوطنية أمام مسؤوليات كبرى؛ الكيان يمثل تهديدا وجوديا للأردن، والنضال ضده هو نضال وطني بامتياز.
الحريات العامة في البلاد
في الوقت الذي تؤكد فيه النصوص الدستورية الأردنية على حماية الحريات العامة، يكشف الواقع عن مفارقة صارخة بين الشعارات الرسمية والممارسات الفعلية. فعلى الرغم من الخطاب المتكرر حول الإصلاح السياسي والانفتاح، تشهد الحريات السياسية والنقابية والإعلامية تراجعًا مقلقًا، في ظل تصاعد القبضة الأمنية واتساع القيود القانونية في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والمدنية.
وقد تزامن ذلك مع إصدار العديد من القوانين ذات الطابع العرفي، أبرزها قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب، إلى جانب تعديلات دستورية أفرغت المبدأ الدستوري القائل: "الأمة مصدر السلطات" من جوهره.
وقد أدى غياب الحياة الديمقراطية الحقيقية، وهندسة الانتخابات النيابية، إلى حرمان الشعب الأردني من اختيار ممثليه الحقيقيين تحت قبة البرلمان، حيث فُرضت أحزاب سياسية مبرمجة تمتعت بامتيازات واسعة لتضليل الرأي العام بوجود "انتخابات حزبية"، مما عمّق تشويه الحياة السياسية.
وسُجّلت خلال السنوات الأخيرة انتهاكات متكررة بحق نشطاء سياسيين ونقابيين، إلى جانب ملاحقات قانونية طالت صحفيين ومواطنين بسبب آرائهم أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التي تنتقد أداء الحكومة أو سياساتها. كما جرى منع المسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني بشكل ممنهج، وتفريق مظاهرات سلمية بالقوة.
كما شملت الانتهاكات الاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي، ومنع الفعاليات العامة، في محاولة لحصر النشاط المعارض ضمن غرف مغلقة، ومنع امتداده إلى الشارع، من خلال التهديد بالتوقيف، والمنع من السفر، وفرض الكفالات والغرامات الباهظة؛ ما يؤدي عمليًا إلى تقييد حق المواطنين في المشاركة السياسية.
وتتعرض النقابات المهنية لتدخلات سافرة تهدف إلى احتوائها والسيطرة على قراراتها. فقد شهدت هذه النقابات ضغوطًا مباشرة على قواعدها الانتخابية، تحدّ من صلاحيات الهيئات المنتخبة في الدفاع عن مصالح أعضائها، فضلًا عن التضييق الممنهج على التيارات المستقلة والمعارضة داخلها.
وفي الآونة الأخيرة، برزت ظاهرة جديدة تمثلت في حل هيئات إدارية لمؤسسات وطنية بذريعة مخالفة أنظمتها الداخلية. ويُلاحظ أن هذه السياسات القمعية، واتساع ظاهرة مصادرة الحريات العامة، ومنع المواطنين من التعبير عن آرائهم – بما في ذلك إدانة العدو الصهيوني – تتزامن مع تصاعد الهجمة الإمبريالية–الصهيونية على الوطن العربي.
من هنا، فإن الدفاع عن الحريات العامة يُعد اليوم جزءًا لا يتجزأ من معركة الديمقراطية في الأردن، ويتطلب توحيد جهود جميع القوى الوطنية والديمقراطية لمواجهته.
الوضع الاقتصادي
يعاني الاقتصاد الوطني من أزمة بنيوية عميقة، ناجمة عن ضعف القطاعات الإنتاجية وهيمنة القطاعات الاستهلاكية، وتراجع القدرة التنافسية، ما يعكس هشاشة الاقتصاد وعجزه عن التكيف مع المستجدات والمتغيرات الإقليمية والدولية. وقد ساهمت السياسات المالية المتبعة في تعميق الأزمة، فأصبحت تشكل عائقاً رئيساً أمام ارتفاع معدلات النمو. إذ تشكّل الضرائب غير المباشرة، كضريبة المبيعات والضريبة الخاصة على المحروقات وغيرها، نحو 75% من إجمالي الإيرادات الضريبية، وهي ضرائب انكماشية تؤدي إلى رفع كلفة السلع والخدمات، وتُضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
لقد جاء الإجراء الأخير المتعلق بخفض الضرائب على سيارات البنزين والهايبرد، وكذلك على السيارات الكهربائية غالية الثمن، في الوقت الذي تم فيه رفع الضرائب على السيارات الكهربائية الصغيرة من 10٪ إلى 27٪. وهي السيارات التي يعتمد عليها المواطن محدود أو متوسط الدخل، وقد أقبل عليها صغار الموظفين والعمال والطلاب بشكل واسع، كونها الأقل كلفة، وتشكل بديلاً عملياً في ظل فشل الجهات الرسمية في توفير حلول فعالة لأزمة المواصلات العامة، التي تسبب لهم مشقة يومية في التنقل ذهاباً وإياباً.
ويكشف هذا الإجراء عن عدة جوانب لافتة
أولها، مخالفة صريحة للنص الدستوري (الضرائب والرسوم لا تفرض إلا بقانون ويجب ان تراعي مبدأ العدالة الاجتماعية)فالتحيزح الطبقي ضد الفئات الفقيرة واضحا؛وثانيها، تحفيز الطلب على سيارات البنزين لضمان استمرار الجباية لصالح الخزينة؛أما ثالثها، فهو السعي لتقليص الطلب على السيارات الكهربائية الصينية لأسباب معروفة، والتي باتت أكثر قدرة على المنافسة في السوق المحلي.
تباطؤ النمو الاقتصادي
شهد الاقتصاد الوطني تراجعاً ملموساً في معدلات النمو خلال العقد الأخير، ناجم عن تراكم ثمرة السياسات الرسمية التي افضت الى استنزاف طاقات البلاد، وأسهمت في إضعاف قدرتها على التوازن والصمود أمام التحديات. فمنذ عام 2010، تراجع معدل النمو الاقتصادي ليبقى دون 2.5%، وهو ما يقارب معدل النمو السكاني، ما أدى إلى امتصاص عائدات التنمية، وتآكل أثرها. علمًا بأن المؤشرات الصحية للاقتصاد تتطلب الحفاظ على معدل نمو لا يقل عن 7%، مع ضمان توزيع عادل للثروة، لتصل ثمار التنمية إلى مختلف الفئات الاجتماعية.
تسود حالة من القلق المتصاعد في المجتمع الأردني جرّاء تفاقم الأزمة الاقتصادية، الناتجة عن اتساع الإجراءات النيوليبرالية، وعجز السياسات الرسمية عن وقف حالة التدهور الاقتصادي. فقد تخلّت الدولة عن أدوارها الاقتصادية لصالح الاحتكارات الرأسمالية، وبرزت طبقة من السماسرة والفئات الطفيلية التي انخرطت في صفقات مشبوهة، عرّضت الاقتصاد الوطني لخسائر فادحة، وأفقدته القدرة على مواجهة الضغوط الخارجية. وقد ارتبطت مصالح هذه الفئات بمصالح الاحتكارات الرأسمالية متعددة الجنسيات.
إن تعميق النهج النيوليبرالي لم يسهم في معالجة الأزمة، بل زادها تفاقماً، وكرّس حضور فئات طفيلية من سماسرة الخصخصة ووكلاء الشركات الأجنبية، الذين حققوا ثروات طائلة على حساب الاقتصاد الوطني، عبر صفقات بيع أصول الدولة التي كبّدته خسائر باهظة.
أسهمت هذه السياسات في تضخّم عجوزات الموازنة وميزان المدفوعات؛ إذ بلغ الدين العام نحو 45 مليار دينار، بينما تجاوزت خدمة الدين (فوائد فقط) 2.5 مليار دينار سنوياً، أي ما يعادل 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وتتم تغطية ما يقارب ثلث نفقات الدولة من خلال الاقتراض والمنح، ما يضعف قدرة الدولة على الاستقلال الاقتصادي ومجابهة الأزمات.
وفي سياقٍ موازٍ، أدّى رفع أسعار الفائدة من قِبل البنوك الأردنية بأثرٍ رجعي إلى زيادة الأعباء على المواطنين والمستثمرين، في حين ارتفعت أرباح البنوك بنسبة 36% عام 2023، وواصلت ارتفاعها بنسب عالية، مما يعكس اختلالًا في التوازن الاقتصادي وتوزيع الثروة. وقد استفادت الطغمة المالية من سياسة الانفتاح المالي وتحرير الأسواق، لتصعد إلى قمة الهرم الاقتصادي، إلى جانب الكمبرادور، مسهمَين في تعزيز أنماط الإنتاج الطفيلي.
لقد تحوّل رأس المال النقدي، من خلال الودائع وشهادات الادخار – التي بلغت وفقًا لآخر الأرقام أكثر من 46 مليار دينار – إلى رأس مال مصرفي وائتماني، ثم إلى رأسمال طفيلي وتجاري، في عملية مستمرة لإعادة إنتاج الثروة بطرق غير إنتاجية. وقد ضخّ القطاع المصرفي السيولة في شرايين النشاطات الطفيلية، مثل استيراد السلع الكمالية والمضاربات العقارية، في حين لم تتجاوز حصة قطاعات الصناعة والزراعة من التسهيلات الائتمانية حوالي13%، مقابل استحواذ القطاعات التجارية والخدمية على الحصة الكبرى.
كما استخدمت القروض والسندات المصرفية في تمويل الإنفاق الحكومي، ما عزز من نفوذ هذا القطاع في صنع القرار الاقتصادي. وقد تمكّن من خفض مساهمته في ضريبة الدخل من 50% قبل السياسات النيوليبرالية إلى 35%، وفرض شروطه عبر قانون ضريبة الدخل رقم 38 لسنة 2018، ليصبح من أبرز القوى المؤثرة في السياسات الاقتصادية إلى جانب الكمبرادور والفئات الطفيلية في القطاع العام.
لقد أسهمت السياسات المالية في تعميق التشوهات الهيكلية، وتعزيز هيمنة القطاعات غير الإنتاجية. كما تراجع أداء قطاعي الصناعة والزراعة بشكل ملحوظ بعد انضمام الأردن إلى منظمة التجارة العالمية، حيث فُتحت الأسواق أمام المنتجات الأجنبية دون ضوابط، في ظل منافسة غير متكافئة. وقد ساهم هذا في تراجع تنافسية المنتجات الوطنية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب أسعار المشتقات النفطية وضريبة المبيعات.
إن هذه السياسات أدّت إلى حرمان القطاعات الإنتاجية من سياسات ضريبية تفضيلية، مما فاقم من ضعفها، رغم أن الأردن يتمتع بموارد وثروات تؤهله لتوسيع دور القطاع الصناعي، إلى جانب توفر الأيدي العاملة التي يمكن أن تسهم في النهوض بالاقتصاد الوطني إذا ما أُعيد الاعتبار للدور الإنتاجي للدولة والقطاعات الوطنية.
تداعيات الأزمة الاقتصادية اجتماعيا.
تعيش البلاد اليوم على وقع أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، تتجلى في تفاقم معدلات الفقر والبطالة، وتراجع مستويات المعيشة، واتساع الفجوة الطبقية. وتأتي هذه الأوضاع نتيجة مباشرة لنهج اقتصادي اعتمد على وصفات جاهزة فرضتها المؤسسات المالية الدولية، وتغوّل السياسات النيوليبرالية، وتهميش القوى المنتجة في المجتمع، وفي مقدمتها الطبقة العاملة.
أسهمت السياسات المفروضة بإملاءات من صندوق النقد والبنك الدولي، وهيمنة النهج النيوليبرالي، في تحرير الأسواق المالية والتجارية، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وإلغاء الرقابة على الأسعار، وفتح الباب أمام حرية حركة رأس المال دون ضوابط، ما أدى إلى هيمنة رأس المال الأجنبي على أكثر من 52% من الشركات الكبرى في البلاد، والسيطرة على مقدرات الشعب. جاء ذلك في ظل تغييب دور منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها النقابات العمّالية، التي حُرمت من ممارسة دورها بحرية وديموقراطية، ومنعت من الحفاظ على التوازن الاجتماعي، من خلال ربط الأجور بمعدلات التضخم وتحسين مستويات المعيشة.
تشير المعطيات العامة إلى أن مستويات الفقر والبطالة في الأردن ارتفعت بشكل غير مسبوق، نتيجة تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، بسبب زيادة الأعباء الضريبية على أسعار المنتجات النفطية والمواد الغذائية خلال السنوات الأخيرة، وارتفاع نسبة الضرائب غير المباشرة، التي استُقطعت من قوت ونفقات الأسر الفقيرة، حتى باتت نصف الأسر الأردنية تعيش تحت خط الفقر أو على حدوده.
ارتفاع معدلات البطالة
شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا حادًا في معدلات البطالة، حيث يواجه العمال تحديات متزايدة في سوق العمل، في ظل منافسة شديدة من قبل العمالة الوافدة، التي أصبحت تفوق بأكثر من ضعف عددَ العاطلين عن العمل من الأردنيين. وقد قوبلت هذه الأوضاع بنظريات تبريرية تلقي باللوم على الأردنيين بزعم عزوفهم عن العمل في بعض المهن، وتحميلهم مسؤولية عدم التكيف مع ظروف السوق والمنافسة الأجنبية، في تجاهل تام لحقيقة الأزمة البنيوية في الاقتصاد. في المقابل، فإن السبيل الوحيد لمعالجة هذه الأزمة يكمن في تحفيز الاقتصاد من خلال برنامج وطني تنموي، وتطوير التعليم والتدريب المهني، وإطلاق الحريات النقابية لتتمكن من الدفاع عن حقوق العمال وتحسين شروط الاستخدام.
في الختام، تؤكد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني أن مواجهة التحديات المتفاقمة لم تعد تحتمل التردّد أو الانتظار. وإن الوقوف على المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، محليًا وعربيًا وإقليميًا، لا يقتصر على تشخيص الأخطار والتحديات، بل يُعدّ مدخلًا نضاليًا لبناء موقف وطني كفاحي موحّد.نؤكّد على أهمية توحيد صفوف الحركة الوطنية الأردنية وتكثيف الجهود من أجل إقامة أوسع جبهة وطنية شعبية، قادرة على تعبئة جماهير شعبنا في مواجهة السياسات التوسعية الصهيونية، والدفاع عن لقمة عيش الكادحين، وصون حرية المواطن وكرامته، وتحتل النقاط التاليةاولى اولوياتنا في هذه المرحلة.
1-تحتلّ قضيّة وقف حرب الإبادة والتصدّي للمشروع الإمبريالي–الصهيوني، واستهدافاته بإجراءات الضمّ والتهجير في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورفض أيّ شكلٍ من أشكال التدخّل في حقّ الشعب الفلسطيني في اختيار قيادته –وخاصة ما يُسمّى "اليوم التالي" لوقف الحرب.
2-النضال من أجل توفير الشروط الضرورية سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا لحماية السيادة الوطنية الأردنية من الأطماع الصهيونية التوسّعية، بما في ذلك إغلاق القواعد الأجنبية، وإلغاء اتفاقية وادي عربة وملحقاتها الاقتصادية والأمنية.
3-وقف حالة التدهور الاقتصادي، وبناء اقتصاد وطني قائم على الاعتماد على الذات، من خلال استثمار الثروات الوطنية، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، وإعادة توزيع الدخل، التزامًا بالنصّ الدستوري بفرض الضريبة التصاعدية، وضمان حقّ المواطنين في العمل، وتوفير الحد الأدنى من الأجور بما يتناسب مع تأمين الاحتياجات الأساسية من السكن والتعليم والحياة الكريمة.
4- وقف مصادرة الحريات العامة التي كفلها الدستور، وفي مقدّمتها حرية الرأي والتعبير والكتابة، وإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية الذي يُستخدم بشكل تعسّفي لمصادرة حقّ المواطنين في التعبير عن مواقفهم الوطنية والاجتماعية بالطرق السلمية، مع ضرورة توفير شروط ومتطلّبات الحياة الديمقراطية الحقيقية في البلاد.
5- تعميم ثقافة المقاومة، والتصدّي لنهج الاستسلام والتفريط، ومواجهة تهافُت النظام العربي على "التطبيع" مع الكيان الصهيوني، الذي بلغ ذروته بشكل غير مسبوق منذ عام 2021 بعد إطلاق ما عُرف بـ"اتفاقيات إبراهيم".
6- ضرورة إجراء مراجعة موضوعية لطبيعة المرحلة الراهنة في المنطقة العربية، بعد انتشار القواعد العسكرية الأمريكية على نحو واسع، ومشاركة العدوّ الصهيوني في احتلال قطاع غزة، ورضوخ النظام العربي للشروط الأمريكية–الصهيونية؛ وذلك باستنهاض حركة التحرّر العربي للقيام بدورها في التصدّي للسياسات العدوانية الصهيونية التوسّعية وللقواعد العسكرية الأجنبية، وتفعيل دور الجماهير الشعبية من أجل فكّ التبعية وإنجاز مهام التحرّر الوطني.
.

نيسان ـ نشر في 2025-07-22

الكلمات الأكثر بحثاً