
في عيد العرش: تقرير 'الخمسينية' يرصد مسار المغرب بين دولتين ومنطقين
نيسان ـ نشر في 2025-07-26 الساعة 18:41
نيسان ـ د. آمال جبور
بمناسبة عيد العرش، سلّط تقرير جديد بعنوان "الخمسينية .. هندسة سياسية مغربية تُرسّخ التمكين السيادي إبان اللايقين" الضوء على تجربة المغرب خلال الخمسين سنة الماضية، من خلال قراءة سياسية لمسار الدولة بين عهدين: عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وعهد الملك محمد السادس.
التقرير، الذي نشرته الصحافة المغربية اليوم 26 تموز 2025، اعتبر أن المغرب انتقل من "دولة سياسية" إلى "دولة تنموية سيادية"، مشيرًا إلى أن هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل حصيلة مسار تراكمي بُني خلال فترات دقيقة من تاريخ البلد، واستثمر اللحظات الحرجة كفرص لإعادة تشكيل الدولة بمرونة استراتيجية.
من الجدار السياسي إلى الدولة المنجزة
بحسب التقرير، كان عهد الملك الراحل الحسن الثاني يقوم على ترسيخ الدولة كـ "جدار عازل أمام الانهيارات الإيديولوجية"، مع اعتماد التعددية المؤطّرة والاستقرار الدستوري كأساس للحكم. وقد ساهم هذا النموذج في تثبيت الشرعية في سياقات إقليمية شديدة التقلب.
أما في عهد الملك محمد السادس، فقد بدأت ملامح ما يسميه التقرير "الدولة التنموية السيادية"، حيث لم تعد الشرعية تُبنى فقط على الرمزية التاريخية، بل على الكفاءة والإنجاز. وهكذا، منذ سنة 2005، بدأ المغرب في إرساء نموذج يعتمد "شرعية الأداء"، من خلال إطلاق أوراش إصلاحية كبرى في الصحة والتعليم والتنمية المحلية، دون أن يغفل التحديات المرتبطة بالثقة السياسية وضعف الوساطة المؤسساتية.
السيادة في الميدان.. من الصحراء إلى كأس العالم
وفي تناول ملف الصحراء المغربية، يشير التقرير إلى أن المغرب استطاع في العقدين الأخيرين أن يؤسس لـ "تمكين سيادي" متماسك، عبر طرح مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، التي وصفها التقرير بأنها "أطروحة سياسية واقعية" عزّزت الموقع المغربي إقليميًا ودوليًا، وفتحت الباب أمام موجة اعترافات دولية بدعم المقترح المغربي كحل وحيد لإنهاء النزاع.
ويضيف أن ما رسّخ هذا التمكين لم يكن فقط الموقف السياسي، بل أيضًا نقل الملف من كونه نزاعًا سياسيًا إلى كونه قضية تنموية متكاملة في الأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع اقتصادية وبنية تحتية طموحة، كرّست الحضور المغربي الفعلي على الأرض.
ولعل تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، كما يشير التقرير، يُعد تتويجًا لهذه الدينامية السيادية، ويعكس تحول المغرب إلى "قوة إقليمية ذات قدرة تفاوضية دولية"، وفق تعبير التقرير.
نقد داخلي ودعوة للتجديد
ورغم إشادته بالمكتسبات، لم يُغفل التقرير بعض جوانب القصور، فقد أشار إلى "تراجع دور الوساطة الحزبية"، و"محدودية انخراط النخب"، وتآكل الثقة بين المواطن ومؤسسات القرار، ما يفرض – حسب التقرير – ضرورة تجديد العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتوسيع نطاق الفعل المدني والحزبي، لضمان استدامة النموذج.
في الختام: بين دولتين ومنطقين
ليس هذا التقرير جردًا تاريخيًا فقط، بل هو قراءة سياسية لتجربة دولة استطاعت أن تنتقل من منطق الحماية إلى منطق الإنجاز، ومن شرعية السلالة إلى شرعية الكفاءة.
وبين عهدين ملكيين، يرصد التقرير ملامح مغرب يسعى إلى أن يكون فاعلًا مستقلًا، لا فقط في محيطه الإقليمي، بل أيضًا على الساحة الدولية، من خلال خيارات واقعية، وموقع تفاوضي متقدم، واستثمار ذكي في رمزية الحدث العالمي.
بمناسبة عيد العرش، سلّط تقرير جديد بعنوان "الخمسينية .. هندسة سياسية مغربية تُرسّخ التمكين السيادي إبان اللايقين" الضوء على تجربة المغرب خلال الخمسين سنة الماضية، من خلال قراءة سياسية لمسار الدولة بين عهدين: عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وعهد الملك محمد السادس.
التقرير، الذي نشرته الصحافة المغربية اليوم 26 تموز 2025، اعتبر أن المغرب انتقل من "دولة سياسية" إلى "دولة تنموية سيادية"، مشيرًا إلى أن هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل حصيلة مسار تراكمي بُني خلال فترات دقيقة من تاريخ البلد، واستثمر اللحظات الحرجة كفرص لإعادة تشكيل الدولة بمرونة استراتيجية.
من الجدار السياسي إلى الدولة المنجزة
بحسب التقرير، كان عهد الملك الراحل الحسن الثاني يقوم على ترسيخ الدولة كـ "جدار عازل أمام الانهيارات الإيديولوجية"، مع اعتماد التعددية المؤطّرة والاستقرار الدستوري كأساس للحكم. وقد ساهم هذا النموذج في تثبيت الشرعية في سياقات إقليمية شديدة التقلب.
أما في عهد الملك محمد السادس، فقد بدأت ملامح ما يسميه التقرير "الدولة التنموية السيادية"، حيث لم تعد الشرعية تُبنى فقط على الرمزية التاريخية، بل على الكفاءة والإنجاز. وهكذا، منذ سنة 2005، بدأ المغرب في إرساء نموذج يعتمد "شرعية الأداء"، من خلال إطلاق أوراش إصلاحية كبرى في الصحة والتعليم والتنمية المحلية، دون أن يغفل التحديات المرتبطة بالثقة السياسية وضعف الوساطة المؤسساتية.
السيادة في الميدان.. من الصحراء إلى كأس العالم
وفي تناول ملف الصحراء المغربية، يشير التقرير إلى أن المغرب استطاع في العقدين الأخيرين أن يؤسس لـ "تمكين سيادي" متماسك، عبر طرح مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، التي وصفها التقرير بأنها "أطروحة سياسية واقعية" عزّزت الموقع المغربي إقليميًا ودوليًا، وفتحت الباب أمام موجة اعترافات دولية بدعم المقترح المغربي كحل وحيد لإنهاء النزاع.
ويضيف أن ما رسّخ هذا التمكين لم يكن فقط الموقف السياسي، بل أيضًا نقل الملف من كونه نزاعًا سياسيًا إلى كونه قضية تنموية متكاملة في الأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع اقتصادية وبنية تحتية طموحة، كرّست الحضور المغربي الفعلي على الأرض.
ولعل تنظيم كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، كما يشير التقرير، يُعد تتويجًا لهذه الدينامية السيادية، ويعكس تحول المغرب إلى "قوة إقليمية ذات قدرة تفاوضية دولية"، وفق تعبير التقرير.
نقد داخلي ودعوة للتجديد
ورغم إشادته بالمكتسبات، لم يُغفل التقرير بعض جوانب القصور، فقد أشار إلى "تراجع دور الوساطة الحزبية"، و"محدودية انخراط النخب"، وتآكل الثقة بين المواطن ومؤسسات القرار، ما يفرض – حسب التقرير – ضرورة تجديد العلاقة بين الدولة والمجتمع، وتوسيع نطاق الفعل المدني والحزبي، لضمان استدامة النموذج.
في الختام: بين دولتين ومنطقين
ليس هذا التقرير جردًا تاريخيًا فقط، بل هو قراءة سياسية لتجربة دولة استطاعت أن تنتقل من منطق الحماية إلى منطق الإنجاز، ومن شرعية السلالة إلى شرعية الكفاءة.
وبين عهدين ملكيين، يرصد التقرير ملامح مغرب يسعى إلى أن يكون فاعلًا مستقلًا، لا فقط في محيطه الإقليمي، بل أيضًا على الساحة الدولية، من خلال خيارات واقعية، وموقع تفاوضي متقدم، واستثمار ذكي في رمزية الحدث العالمي.
نيسان ـ نشر في 2025-07-26 الساعة 18:41
رأي: د. آمال جبور