اتصل بنا
 

الإعلام المحلي.. إغراق في الوهم.. وجفاف في الاخبار

نيسان ـ نشر في 2025-07-27 الساعة 20:14

الإعلام المحلي.. إغراق في الوهم.. وجفاف
نيسان ـ ابراهيم قبيلات
نعيش مفارقة صادمة في مشهدنا الإعلامي المحلي؛ فبينما تغمرنا سيول من المنشورات والتحديثات والقصص السريعة، نجد أنفسنا نعاني من جفاف حاد في الأخبار الحقيقية التي تمس حياتنا.
لقد تحولت منصاتنا الإعلامية إلى ساحات للمناسبات الاجتماعية والتافه من المعلومات، بينما تختفي التحقيقات الجادة والأخبار التي تُحدث فرقا.
أين تختفي الأخبار المهمة؟
لم يعد الخبر سلعة نادرة بسبب قلة الأحداث، بل لأن العين التي تلتقطها، واليد التي تُدونها، والصوت الذي ينقلها أصبحت مُقيّدة.
ففي زمن يُحاصر فيه الصحفيون بالتابوهات والممنوعات، لم تعد الأخبار تُصنع، بل تُنتقى بعناية فائقة كي لا تُزعج أحدا.
حتى القضايا الاجتماعية صار تناولها أشبه بالسير في حقل ألغام، فإما أن تُصمت، أو تُقدّم بطريقة مبتورة لا تُغني ولا تُشبع.
ما يجري هو أشبه بالاحتيال الإعلامي، نضطر معه لأن نبيع التفاصيل على أنها أخبار.
ولإخفاء هذا الفراغ، تلجأ وسائل الإعلام إلى حيل مكشوفة؛ فتضع أخبار المناسبات التافهة في صدر الصفحات، وتُضخم أحداثا لا قيمة لها، وكأنها تُقدم لجمهورها "وجبات فارغة" من السعرات الحرارية الإعلامية التي لا تُغذي العقل ولا تُثري النقاش. النتيجة؟ جمهورٌ يشعر بالشبع الوهمي، بينما هو في الحقيقة يتضور جوعا إلى المعلومة الحقيقية.
هنا نستطيع القول ان مأساة الصحفي تكمن بحشره بأضيق كسر عشري لمطرقة الرقابة.
الصحفي اليوم يعاني كما يعاني المريض في سوق مزدحم بالبضائع الفاسدة؛ فالتحقيقات الاستقصائية صارت حلما بعيد المنال، والأخبار الاقتصادية والسياسية تُقدّم ببرود وبلا عمق، أما الحديث في القضايا الشائكة فممنوعٌ الاقتراب وخاصة إذا كانت ضمن "الخطوط الحمراء". وهكذا يُترك الصحفيون ليهربوا إلى المحتوى السهل؛ الترفيهي أو الإثاري، لأنه الطريق الوحيد الآمن للبقاء.
هل من مخرج؟
الأزمة ليست في نقص المادة الخبرية، بل في غياب الإرادة الحقيقية لتقديم إعلام حر وجريء. فما لم تُفسح المجالات للصحفيين بالعمل بحرية، وما لم يُعطَ الجمهورُ الحقَّ في المعرفة الكاملة، سنظلّ نراوح في حلقة مفرغة من الإعلام الزائف، حيث الكلّ يتحدث، ولا أحد يقول الحقيقة.

نيسان ـ نشر في 2025-07-27 الساعة 20:14

الكلمات الأكثر بحثاً