هل تنقذ مدينة عمّان الجديدة الضمان وتوفّر سكنًا للأردنيين؟
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2025-08-03 الساعة 01:40
نيسان ـ محمد قبيلات
تواجه مؤسسة الضمان الاجتماعي تحديات كبيرة تهدد استدامتها المالية، وتمنعها من تحقيق أهدافها الاجتماعية، ومن أبرز هذه التحديات؛ ارتفاع أعداد المتقاعدين مبكرًا، خصوصًا من القطاع العام، وتفاقم مديونية الحكومة التي بلغت نحو 10 مليارات دينار من أموال صندوق استثمار الضمان، وإلى جانب ذلك، تتصاعد معدلات البطالة، التي تجاوزت 30% بين الشباب، مما قلل عدد المشتركين الجدد وزاد الاعتماد على تعويضات الدفعة الواحدة.
ضمن هذا السياق، يمكن إجتراح حلًا طموحًا يجمع بين تعزيز المركز المالي للضمان وتحقيق أهدافه الاجتماعية؛ أن تقوم الحكومة ببيع أراضٍ غير مستغلة، مثل منطقة الماضونة، لمؤسسة الضمان الاجتماعي، لتطوير مشروع عقاري كبير، مثل مدينة عمّان الجديدة. هذا المشروع لا يوفّر عوائد استثمارية مستدامة فحسب، بل يقدّم حلولًا إسكانية ميسرة للمتقاعدين والمشتركين في الضمان، فضلًا عن تحفيز الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
يعتمد صندوق استثمار أموال الضمان حاليًا بشكل كبير على إقراض الحكومة، حيث تشكّل هذه الديون حوالي 57% من أموال الصندوق، وهو ما يشكّل تركزًا خطرًا على المدى الطويل، خصوصًا في ظل تجميد جزء كبير من الأموال في أدوات غير إنتاجية، مثل ديون الحكومة، أو استثمارات عقارية غير مدرّة، وفي المقابل، تحويل هذه الأموال إلى استثمارات تطويرية في أراضٍ حكومية، مثل مشروع المدينة الجديدة، يمكن أن يُنتج أصولًا حقيقية مدرّة للدخل، ويخفف تركّز الاستثمار، بالنسبة لمؤسسة الضمان الاجتماعي، في الدين العام.
تُظهر تجارب دولية، مثل العاصمة الإدارية في مصر أو مشروع "نيوم" في السعودية، أن المشاريع العقارية الكبرى قادرة على جذب استثمارات ضخمة وخلق فرص عمل واسعة، وعلى نفس المنوال، فإن بيع الحكومة لأراضٍ غير مستغلة لمؤسسة الضمان، يحقق هدفين مزدوجين؛ توفير السيولة للحكومة لتسديد ديونها أو تمويل مشاريع تنموية، ومن جهة أخرى، يتيح للضمان تطوير مدينة متكاملة تضم وحدات سكنية ومراكز تجارية ومقار إدارية للشركات والمؤسسات الكبرى، مما يعزز موجودات الصندوق ويقلل الاعتماد على الإقراض.
وبالإضافة إلى العوائد المالية، يمكن لمؤسسة الضمان تحقيق أهدافها الاجتماعية من خلال هذا المشروع، عبر تخصيص نسبة من الوحدات السكنية – بين 20% إلى 30% – للمتقاعدين والمشتركين ذوي الدخل المحدود، بأسعار ميسّرة، أو وفق أنظمة دفع طويلة الأمد بفوائد منافسة، ويمكن، في هذا الاطار، الاستفادة من تجارب برامج سكنية ناجحة، مثل "سكني" و"مساكن" في السعودية، والتي تقدم حلولًا إسكانية وتمويلية مدعومة للفئات المستهدفة، وتطبيق نموذج مشابه في الأردن من شأنه أن يعزز جودة حياة المستفيدين ويشجع مزيدًا من الأفراد، خاصة في القطاع غير المنظم، على الاشتراك في الضمان، مما يزيد من الإيرادات طويلة الأجل.
وندرك أنه، ورغم جاذبية هذا التصور، إلا أن تنفيذه يواجه عدة تحديات؛ تقلبات سوق العقارات، الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية (مثل الطرق والمياه والكهرباء)، واحتمال تراجع الربحية نتيجة تخصيص وحدات سكنية ميسّرة، كما أن النجاح يتطلب شفافية عالية، لتفادي أية شبهات تتعلق ببيع الأراضي أو توزيع الوحدات، ولتجاوز هذه العقبات، يمكن تشكيل لجنة مستقلة من خبراء اقتصاديين وعقاريين للإشراف على المشروع، مع ضمان الإفصاح الدوري للجمهور عن تطوراته، وتطبيق أعلى معايير الحوكمة.
يتطلب ذلك أيضًا تعديلًا تشريعيًا لقانون الضمان، إن كان هناك ما يمنع، ليُتيح الاستثمار في مشاريع عقارية كبرى ذات طابع اجتماعي، وتحديد معايير واضحة لتوزيع الوحدات على المستحقين، مثل عدم امتلاك سكن، أو انخفاض الدخل عن سقف محدد (مثلاً 500 دينار شهريًا).
أما من حيث الأثر الأوسع، فإن مشروعًا من هذا النوع يمكن أن يُسهم مباشرة في التخفيف من أزمة التقاعد المبكر والبطالة، عبر خلق فرص عمل في قطاعات البناء والخدمات والصناعات المرتبطة، مما يدفع بمزيد من الشباب نحو سوق العمل الرسمي، ويزيد الاشتراكات في الضمان، ويقلل الاعتماد على تعويضات الدفعة الواحدة، التي تُصرف حاليًا لما يقارب 75% من المشتركين – معظمهم من النساء والعمال الوافدين.
في المحصلة، يمثل هذا المشروع حلًا مزدوجًا؛ إذ انه يعزز استدامة مؤسسة الضمان، ويترجم مسؤوليتها الاجتماعية إلى واقع ملموس، من خلال توفير سكن ميسر وتحقيق عوائد حقيقية، وهذا لا يتعارض مع أن نجاحه مشروط بتخطيط دقيق، ودراسات جدوى محكمة، وضمانات شفافية، وشراكات مدروسة مع القطاع الخاص.
ندعو الحكومة ومؤسسة الضمان إلى النظر بجدية في هذا المقترح، والاستفادة من التجارب الدولية الملهمة، لتكون مدينة عمّان الجديدة رمزًا لتكامل الاستثمار مع العدالة الاجتماعية، ونقطة تحوّل في العلاقة بين المال العام والحاجات الحقيقية للمواطنين.
تواجه مؤسسة الضمان الاجتماعي تحديات كبيرة تهدد استدامتها المالية، وتمنعها من تحقيق أهدافها الاجتماعية، ومن أبرز هذه التحديات؛ ارتفاع أعداد المتقاعدين مبكرًا، خصوصًا من القطاع العام، وتفاقم مديونية الحكومة التي بلغت نحو 10 مليارات دينار من أموال صندوق استثمار الضمان، وإلى جانب ذلك، تتصاعد معدلات البطالة، التي تجاوزت 30% بين الشباب، مما قلل عدد المشتركين الجدد وزاد الاعتماد على تعويضات الدفعة الواحدة.
ضمن هذا السياق، يمكن إجتراح حلًا طموحًا يجمع بين تعزيز المركز المالي للضمان وتحقيق أهدافه الاجتماعية؛ أن تقوم الحكومة ببيع أراضٍ غير مستغلة، مثل منطقة الماضونة، لمؤسسة الضمان الاجتماعي، لتطوير مشروع عقاري كبير، مثل مدينة عمّان الجديدة. هذا المشروع لا يوفّر عوائد استثمارية مستدامة فحسب، بل يقدّم حلولًا إسكانية ميسرة للمتقاعدين والمشتركين في الضمان، فضلًا عن تحفيز الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
يعتمد صندوق استثمار أموال الضمان حاليًا بشكل كبير على إقراض الحكومة، حيث تشكّل هذه الديون حوالي 57% من أموال الصندوق، وهو ما يشكّل تركزًا خطرًا على المدى الطويل، خصوصًا في ظل تجميد جزء كبير من الأموال في أدوات غير إنتاجية، مثل ديون الحكومة، أو استثمارات عقارية غير مدرّة، وفي المقابل، تحويل هذه الأموال إلى استثمارات تطويرية في أراضٍ حكومية، مثل مشروع المدينة الجديدة، يمكن أن يُنتج أصولًا حقيقية مدرّة للدخل، ويخفف تركّز الاستثمار، بالنسبة لمؤسسة الضمان الاجتماعي، في الدين العام.
تُظهر تجارب دولية، مثل العاصمة الإدارية في مصر أو مشروع "نيوم" في السعودية، أن المشاريع العقارية الكبرى قادرة على جذب استثمارات ضخمة وخلق فرص عمل واسعة، وعلى نفس المنوال، فإن بيع الحكومة لأراضٍ غير مستغلة لمؤسسة الضمان، يحقق هدفين مزدوجين؛ توفير السيولة للحكومة لتسديد ديونها أو تمويل مشاريع تنموية، ومن جهة أخرى، يتيح للضمان تطوير مدينة متكاملة تضم وحدات سكنية ومراكز تجارية ومقار إدارية للشركات والمؤسسات الكبرى، مما يعزز موجودات الصندوق ويقلل الاعتماد على الإقراض.
وبالإضافة إلى العوائد المالية، يمكن لمؤسسة الضمان تحقيق أهدافها الاجتماعية من خلال هذا المشروع، عبر تخصيص نسبة من الوحدات السكنية – بين 20% إلى 30% – للمتقاعدين والمشتركين ذوي الدخل المحدود، بأسعار ميسّرة، أو وفق أنظمة دفع طويلة الأمد بفوائد منافسة، ويمكن، في هذا الاطار، الاستفادة من تجارب برامج سكنية ناجحة، مثل "سكني" و"مساكن" في السعودية، والتي تقدم حلولًا إسكانية وتمويلية مدعومة للفئات المستهدفة، وتطبيق نموذج مشابه في الأردن من شأنه أن يعزز جودة حياة المستفيدين ويشجع مزيدًا من الأفراد، خاصة في القطاع غير المنظم، على الاشتراك في الضمان، مما يزيد من الإيرادات طويلة الأجل.
وندرك أنه، ورغم جاذبية هذا التصور، إلا أن تنفيذه يواجه عدة تحديات؛ تقلبات سوق العقارات، الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية (مثل الطرق والمياه والكهرباء)، واحتمال تراجع الربحية نتيجة تخصيص وحدات سكنية ميسّرة، كما أن النجاح يتطلب شفافية عالية، لتفادي أية شبهات تتعلق ببيع الأراضي أو توزيع الوحدات، ولتجاوز هذه العقبات، يمكن تشكيل لجنة مستقلة من خبراء اقتصاديين وعقاريين للإشراف على المشروع، مع ضمان الإفصاح الدوري للجمهور عن تطوراته، وتطبيق أعلى معايير الحوكمة.
يتطلب ذلك أيضًا تعديلًا تشريعيًا لقانون الضمان، إن كان هناك ما يمنع، ليُتيح الاستثمار في مشاريع عقارية كبرى ذات طابع اجتماعي، وتحديد معايير واضحة لتوزيع الوحدات على المستحقين، مثل عدم امتلاك سكن، أو انخفاض الدخل عن سقف محدد (مثلاً 500 دينار شهريًا).
أما من حيث الأثر الأوسع، فإن مشروعًا من هذا النوع يمكن أن يُسهم مباشرة في التخفيف من أزمة التقاعد المبكر والبطالة، عبر خلق فرص عمل في قطاعات البناء والخدمات والصناعات المرتبطة، مما يدفع بمزيد من الشباب نحو سوق العمل الرسمي، ويزيد الاشتراكات في الضمان، ويقلل الاعتماد على تعويضات الدفعة الواحدة، التي تُصرف حاليًا لما يقارب 75% من المشتركين – معظمهم من النساء والعمال الوافدين.
في المحصلة، يمثل هذا المشروع حلًا مزدوجًا؛ إذ انه يعزز استدامة مؤسسة الضمان، ويترجم مسؤوليتها الاجتماعية إلى واقع ملموس، من خلال توفير سكن ميسر وتحقيق عوائد حقيقية، وهذا لا يتعارض مع أن نجاحه مشروط بتخطيط دقيق، ودراسات جدوى محكمة، وضمانات شفافية، وشراكات مدروسة مع القطاع الخاص.
ندعو الحكومة ومؤسسة الضمان إلى النظر بجدية في هذا المقترح، والاستفادة من التجارب الدولية الملهمة، لتكون مدينة عمّان الجديدة رمزًا لتكامل الاستثمار مع العدالة الاجتماعية، ونقطة تحوّل في العلاقة بين المال العام والحاجات الحقيقية للمواطنين.


