عزلة الزعامة
رمزي الغزوي
رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي
نيسان ـ نشر في 2025-08-03 الساعة 11:28
نيسان ـ في لحظة خادعة وقفت الولايات المتحدة تتأمل صورتها في مرآة العالم. رأت وجها مجروحا لا يشبه ماضيه، ومع ذلك لم تُبدِ انزعاجا، بل ابتسمت. أو ربما تظاهرت بالابتسام. لم تعد تكترث لتلك التجاعيد التي حفرتها الحروب، ولا للبقع الداكنة الناتجة عن خيانات صغيرة تراكمت على هامش التاريخ.
ماذا يحدث عندما تتوقف القوة العظمى عن الاستماع؟ حين تتعامل مع الحلفاء كما يُعامل الموظفون تحت التهديد؟ عندما تصبح الصداقة مشروطة، والولاء بضاعة قابلة للتفاوض، والحماية العسكرية خدمة تُشترى؟ يحدث ما يصعب إصلاحه: تنهار الثقة، ويتحول الاحترام إلى شك، وتصبح الشراكة شعورا بالخذلان.
كان التحالف الغربي يوما ما درعا أخلاقيا قبل أن يكون عسكريا. اليوم، يبدو كجثة سياسية تنتظر من يعلن وفاتها. ترمب، بأسلوبه الجارح ومنطقه التجاري الفج، لم يكتف بإهانة الحلفاء، بل اختزلهم إلى أرقام في جدول التكاليف. اليابان؟ تدفع أو تعاني. ألمانيا؟ خائنة بتمويلها. كندا؟ عبء ناعم يستحق التأنيب. ما بدا سياسة واقعية، لم يكن سوى تفكيك ناعم لتحالفات بُنيت على دماء، ومعاهدات، وثقة امتدت لعقود.
لكن، هل يفهم ترمب معنى الثقة؟ هل يستطيع رجل يرى العلاقات الدولية كسوق رهانات أن يدرك عمق كلمة «تحالف»؟ سياسته الخارجية تشبه مزادا علنيا، لا تحكمه أخلاقيات المنافسة بل صرامة السمسار.
أوروبا تشعر بالإهانة. كندا تشعر بالخيانة. كوريا الجنوبية تتساءل: هل نحتاج إلى قنبلة نووية؟ كل هذا لا يحدث فقط بسبب التحولات الجيوسياسية، بل لأن واشنطن قررت أن تتكلم، لا أن تصغي.
وفي عالم لا يرحم الضعفاء، ولا ينسى الإهانات، فإن الثمن لن يُدفع دفعة واحدة، بل بالتقسيط المؤلم. حين تحتاج أمريكا إلى دعم دبلوماسي، أو موقف عسكري، أو غطاء اقتصادي، ستدرك أن العزلة أغلى بكثير من أي وفر في الميزانية. ستكتشف أن الهيبة لا تُستعاد بتغريدة، وأن الزعامة لا تُفرض بالإملاء.
فهل تدرك أمريكا أنها على وشك فقدان أعز ما يمكن أن تملكه؟ ليس القوة، بل صورة القوة وهي مشبعة بالثقة والطمأنينة. وهل تعرف، فعلا، كيف تعيش أمة في عزلة باهتة؟ هذه أسئلة مفتوحة على اللا تحديد، تجعل البعض يجيب بعد إعادة البصر كرتين، ربما أنها تحتاج رئيسا لا يكتفي بعقد الصفقات، بل يفهم أيضا كيف تبنى الجسور.
ماذا يحدث عندما تتوقف القوة العظمى عن الاستماع؟ حين تتعامل مع الحلفاء كما يُعامل الموظفون تحت التهديد؟ عندما تصبح الصداقة مشروطة، والولاء بضاعة قابلة للتفاوض، والحماية العسكرية خدمة تُشترى؟ يحدث ما يصعب إصلاحه: تنهار الثقة، ويتحول الاحترام إلى شك، وتصبح الشراكة شعورا بالخذلان.
كان التحالف الغربي يوما ما درعا أخلاقيا قبل أن يكون عسكريا. اليوم، يبدو كجثة سياسية تنتظر من يعلن وفاتها. ترمب، بأسلوبه الجارح ومنطقه التجاري الفج، لم يكتف بإهانة الحلفاء، بل اختزلهم إلى أرقام في جدول التكاليف. اليابان؟ تدفع أو تعاني. ألمانيا؟ خائنة بتمويلها. كندا؟ عبء ناعم يستحق التأنيب. ما بدا سياسة واقعية، لم يكن سوى تفكيك ناعم لتحالفات بُنيت على دماء، ومعاهدات، وثقة امتدت لعقود.
لكن، هل يفهم ترمب معنى الثقة؟ هل يستطيع رجل يرى العلاقات الدولية كسوق رهانات أن يدرك عمق كلمة «تحالف»؟ سياسته الخارجية تشبه مزادا علنيا، لا تحكمه أخلاقيات المنافسة بل صرامة السمسار.
أوروبا تشعر بالإهانة. كندا تشعر بالخيانة. كوريا الجنوبية تتساءل: هل نحتاج إلى قنبلة نووية؟ كل هذا لا يحدث فقط بسبب التحولات الجيوسياسية، بل لأن واشنطن قررت أن تتكلم، لا أن تصغي.
وفي عالم لا يرحم الضعفاء، ولا ينسى الإهانات، فإن الثمن لن يُدفع دفعة واحدة، بل بالتقسيط المؤلم. حين تحتاج أمريكا إلى دعم دبلوماسي، أو موقف عسكري، أو غطاء اقتصادي، ستدرك أن العزلة أغلى بكثير من أي وفر في الميزانية. ستكتشف أن الهيبة لا تُستعاد بتغريدة، وأن الزعامة لا تُفرض بالإملاء.
فهل تدرك أمريكا أنها على وشك فقدان أعز ما يمكن أن تملكه؟ ليس القوة، بل صورة القوة وهي مشبعة بالثقة والطمأنينة. وهل تعرف، فعلا، كيف تعيش أمة في عزلة باهتة؟ هذه أسئلة مفتوحة على اللا تحديد، تجعل البعض يجيب بعد إعادة البصر كرتين، ربما أنها تحتاج رئيسا لا يكتفي بعقد الصفقات، بل يفهم أيضا كيف تبنى الجسور.
نيسان ـ نشر في 2025-08-03 الساعة 11:28
رأي: رمزي الغزوي رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي


