في حضرة الطامحين: صراع النخبة الخفي
نيسان ـ نشر في 2025-08-08 الساعة 21:11
نيسان ـ في كتابه “End Times”، لا يتحدث المؤرخ والمفكر بيتر تورشن عن نهاية العالم، بل عن نهاية “دورة الاستقرار” التي تمر بها المجتمعات عندما تفشل في احتواء طموحات نخبها الصاعدة.
المشكلة، برأيه، لا تكمن في غياب النخب، بل في تضخم أعدادها ، فحين يتزاحم الطامحون إلى النفوذ والمناصب على مائدة محدودة، تبدأ الديناميكية الخطرة: تنافس شرس، تصدع داخلي، واستقطاب متصاعد يضعف الدولة ويفقدها التوازن.
هذا التحليل يبدو بعيداً للوهلة الأولى، لكنه يكتسب واقعيته حين نسقطه على الحالة الأردنية.
رغم ما يتمتع به الأردن من استقرار وسط منطقة مضطربة، إلا أن بعض المؤشرات تدعو للتأمل واليقظة:
تتزايد أعداد خريجي الجامعات، وتعلو سقف طموحات الشباب للمشاركة في الحياة العامة، بينما تضيق مساحات الفرص وتتعثر قنوات التمكين ،و تتصاعد البطالة، لا سيما في صفوف الجيل الجديد، ما يفرز شعوراً بالإحباط وفقدان الثقة ، وملامح انقسام واستقطاب تظهر داخل النخب السياسية والإعلامية مما يضعف الخطاب الوطني ويزيد من هشاشة المشهد العام.
هذه التراكمات ليست مقدمة حتمية للفوضى، لكنها تشبه ما وصفه تورشن في المجتمعات التي سبقتنا إلى الاختلال: نظام يجهد نفسه في إدارة الطموحات المتزاحمة، بينما تزداد الفجوة بين صانعي القرار والمجتمع الأوسع.
ما الحل؟
وفقاً لتورشن، لا يكمن الاستقرار في الوعود أو إدارة الأزمة بالمهدئات، بل في العودة إلى الجذور:
إصلاح التعليم ليواكب سوق العمل ويعيد التوازن بين المؤهلات والفرص.
دعم الطبقة الوسطى، لأنها صمام الأمان لأي مجتمع متماسك.
فتح المجال لحياة سياسية حقيقية، تقوم على التمثيل لا التزيين، وعلى الشفافية لا النفوذ والمال.
وبناء خطاب وطني يتجاوز الاصطفافات، ليعيد الاعتبار للمصلحة العامة ويعزز ثقة الناس في دولتهم.
الأردن اليوم ليس في قلب العاصفة، لكنه يقف أمام مفترق طرق والتحذير ليس دعوة للتشاؤم، بل نداء للاستباق،
لدينا فرصة ثمينة لإعادة إنتاج دورة جديدة من الاستقرار المتجذر، لكن ذلك لن يحدث دون فهم عميق لجذور الأزمة، وشجاعة سياسية وثقافية للمعالجة.
فمن لا يقرأ ديناميكيات التاريخ، كما يقول تورشن، سيعيد إنتاج أخطائه… لكن بثمن أغلى .
المشكلة، برأيه، لا تكمن في غياب النخب، بل في تضخم أعدادها ، فحين يتزاحم الطامحون إلى النفوذ والمناصب على مائدة محدودة، تبدأ الديناميكية الخطرة: تنافس شرس، تصدع داخلي، واستقطاب متصاعد يضعف الدولة ويفقدها التوازن.
هذا التحليل يبدو بعيداً للوهلة الأولى، لكنه يكتسب واقعيته حين نسقطه على الحالة الأردنية.
رغم ما يتمتع به الأردن من استقرار وسط منطقة مضطربة، إلا أن بعض المؤشرات تدعو للتأمل واليقظة:
تتزايد أعداد خريجي الجامعات، وتعلو سقف طموحات الشباب للمشاركة في الحياة العامة، بينما تضيق مساحات الفرص وتتعثر قنوات التمكين ،و تتصاعد البطالة، لا سيما في صفوف الجيل الجديد، ما يفرز شعوراً بالإحباط وفقدان الثقة ، وملامح انقسام واستقطاب تظهر داخل النخب السياسية والإعلامية مما يضعف الخطاب الوطني ويزيد من هشاشة المشهد العام.
هذه التراكمات ليست مقدمة حتمية للفوضى، لكنها تشبه ما وصفه تورشن في المجتمعات التي سبقتنا إلى الاختلال: نظام يجهد نفسه في إدارة الطموحات المتزاحمة، بينما تزداد الفجوة بين صانعي القرار والمجتمع الأوسع.
ما الحل؟
وفقاً لتورشن، لا يكمن الاستقرار في الوعود أو إدارة الأزمة بالمهدئات، بل في العودة إلى الجذور:
إصلاح التعليم ليواكب سوق العمل ويعيد التوازن بين المؤهلات والفرص.
دعم الطبقة الوسطى، لأنها صمام الأمان لأي مجتمع متماسك.
فتح المجال لحياة سياسية حقيقية، تقوم على التمثيل لا التزيين، وعلى الشفافية لا النفوذ والمال.
وبناء خطاب وطني يتجاوز الاصطفافات، ليعيد الاعتبار للمصلحة العامة ويعزز ثقة الناس في دولتهم.
الأردن اليوم ليس في قلب العاصفة، لكنه يقف أمام مفترق طرق والتحذير ليس دعوة للتشاؤم، بل نداء للاستباق،
لدينا فرصة ثمينة لإعادة إنتاج دورة جديدة من الاستقرار المتجذر، لكن ذلك لن يحدث دون فهم عميق لجذور الأزمة، وشجاعة سياسية وثقافية للمعالجة.
فمن لا يقرأ ديناميكيات التاريخ، كما يقول تورشن، سيعيد إنتاج أخطائه… لكن بثمن أغلى .
نيسان ـ نشر في 2025-08-08 الساعة 21:11
رأي: لبنى امين الفقهاء


