اتصل بنا
 

الفساد يستشري ضمن تنظيم داعش أيضًا

مراسلة الشرق الأوسط لصحيفة فاينانشال تايمز

نيسان ـ نشر في 2015-12-22 الساعة 13:52

نيسان ـ

قد يزعم تنظيم داعش بأنه يخوض حربًا مقدسة لإعلاء راية الإسلام، ولكن خلافة التنظيم المعلنة ذاتيًا قد تكون عرضة للفساد الذي يضرب بجذوره عميقًا في المنطقة، بذات القدر الذي يعاني فيه النظامان السياسيان العراقي والسوري، اللذان يسعى التنظيم لإزاحتهما، من هذا الفساد.

الأدلة الصادرة عن مقاتلي التنظيم السابقين والمسؤولين العراقيين تشير إلى أن "جيوش الأشباح" تقاتل على جانبي الصراع؛ فقبل عام استنكر العراق الفساد العميق المستشري داخل مؤسسة الجيش العراقي، زاعمًا بأن 50.000 شخص من "الجنود الأشباح" يتقاضون رواتبًا من الجيش بدون أن يؤدوا الخدمة العسكرية، وعلى الجانب الآخر، ووفقًا لعمر، وهو قائد سابق عمل لصالح تنظيم داعش لأكثر من عام قبل أن يلوذ بالفرار، ذات الأمر ينطبق على داعش أيضًا.

"كان قادة المجموعات التي ترابط على الجبهة يتقدمون بطلب للحصول على رواتب لـ250 شخصًا، ولكن في الحقيقة كانوا يقودون 150 شخصًا فقط" قال عمر، وتابع: "عندما اكتشف المسؤولون هذه التحايلات، باشروا بإرسال مشرفين ماليين لتسليم الرواتب، ولكن بعد فترة بدأ هؤلاء المشرفون يتفقون مع قادة المجموعات أيضًا على خطط للتحايل".

يشير المقاتلون والموظفون السابقون الذين عملوا تحت أُمرة داعش إلى أنه رغم رفض جميع الجهاديين لحكومتي العراق وسورية العلمانيتين، وقيامهم بإخراجهما من مناطق سيطرة التنظيم، يحاكي التنظيم في كثير من الأحيان ميل تلك الأنظمة للبيروقراطية والكسب غير المشروع؛ فبدءًا من الإدارة الزراعية لدعم المواد الغذائية، عيّن تنظيم داعش على رأس تلك إداراته مسؤولين يعتمدون على ذات نظم الإدارة التي وُضعت وطُبقت من قِبل الحزبين الحاكمين في سورية والعراق، بما في ذلك الاستخدام المفرط للأوراق والطوابع.

يقول السكان المحليون بأن تنظيم داعش اختار تنظيم مؤسساته على النمط القديم الذي يضمن الولاء مقابل المحسوبية، وكلما توسع داعش في مناطق سيطرته، كلما زاد اعتماده بشكل أكبر على المسؤولين والمقاتلين الذي يضعون المال فوق أيديولوجية التنظيم المتطرفة؛ ففي سورية عيّن التنظيم لإدارة مؤسساته ذات الأشخاص الذين كان يوظفهم نظام الرئيس بشار الأسد غير ما مرة.

يقول أبو رشيد، الصيدلي الذي يعمل ضمن مستشفى في مدينة الميادين شرق سورية، بأنه فوجئ عندما وظّف تنظيم داعش مسؤول طبي سرحته حكومة الأسد سابقًا بتهم تتعلق بالفساد والاختلاس، ويبدو بأن هذا المسؤول الفاسد حاول تطبيق ذات النمط الفاسد من الإدارة تحت حكم دعش، حيث قام بتقديم العشرات من طلبات الأدوية الوهمية، وبعد استلام المال، أحرق المستوصف لتجنب كشفه.

"ليس هنالك من شك في أن بعض آثار هذه السلطة تحوّل دولة التنظيم إلى شيء يمكننا أن نعرّفه بأنه النظام الفاسد الاستبدادي"، قال مسؤول استخبارات غربي متابع لأخبار داعش.

ولكن رغم ما تقدم، يشير مسؤولو المخابرات بأن مقدار تسامح تنظيم داعش مع تجاوزات الكسب غير المشروع تقل للغاية عمّا كانت عليه لدى الأنظمة السابقة؛ فالكفاءة النسبية وتقلص مساحة الفساد اللذان يتمتع بهما التنظيم، هما السببان الأساسيان اللذان يذكرهما السكان المحليون كسبب لتحملهم إدارة التنظيم المتطرفة للمناطق التي يسيطر عليها، وهذا التقييم الواقعي، يجب أن يُأخذ بعين الاعتبار أثناء تكوين التحالف الغربي للشركات بغية محاربة داعش، كشراكة التحالف الغربي مع الحكومة العراقية.

"الواقع يقول، بأنه قبل انتزاع داعش للسيطرة على الموصل، كانت الأمور أكثر فسادًا ربما" قال المسؤول الغربي، وأضاف: "إنهم لا يتسامحون مع الفساد".

ولكن بالنسبة لأبي رشيد، التنظيم لا يتعامل مع حالات الفساد بالشدة اللازمة؛ فمثلًا عندما اكتشف قادة داعش الفضيحة الطبية، ألقوا القبض على المسؤول، حلقوا شعره ولحيته ليلحقوا به العار، وتم إجباره على الخضوع لدورة شريعة إسلامية، "ولكن، وفقًا لقوانين التنظيم الخاصة، كان يجب أن تقطع يده"، قال أبو رشيد.

يقول السوريون والعراقيون الذين يعيشون تحت حكم داعش بأنهم يشعرون على نحو متزايد بنقاط الضعف التي تعتري نظام داعش، وهي الأمور التي يرجعونها للفساد المستشري بشكل عام في المنطقة.

يشير السكان إلى انتشار ظاهرة تهريب البشر من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، وذلك منذ حظر قيادة داعش مغادرة السكان لأراضي الخلافة؛ ففي كثير من الأحيان تتم رشوة مقاتلي التنظيم ليغضوا النظر ضمن نقاط التفتيش عن البشر الذين يتم تهريبهم، مما جعل حدود الخلافة أكثر عرضة للاختراق.

فضائح فساد داعش أضحت معروفة بين المقاتلين السابقين، حيث يتداول هؤلاء الأحاديث حول أمراء التنظيم الذين يهربون الأموال عبر الحدود إلى تركيا، ومن ثم يختفون، حيث يقول قائد المجموعة الذي عمل سابقًا مع داعش، بأنه ضمن منطقته التي كان يعمل بها في محافظة دير الزور الشرقية، هرب أمير معروف باسم أبو فاطمة التونسي بمبلغ 25.000 دولار محصّلة من أموال الزكاة، حيث ترك المقاتل الهارب رسالة إلى رفاقه السابقين ضمن التنظيم على تويتر تقول: "عن أي دولة، وأي خلافة تتحدثون؟ أيها الأغبياء".

فايننشال تايمز - ترجمة نون بوست

نيسان ـ نشر في 2015-12-22 الساعة 13:52

الكلمات الأكثر بحثاً