اتصل بنا
 

جريمة سيدة النفقةحين تتحول الحضانة بيد الطليقة إلى أداة انتقام

كاتب

نيسان ـ نشر في 2025-08-15 الساعة 16:50

نيسان ـ في الإسكندرية قبل أيام، وقع مشهد هز الشارع المصري: أب يطعن طليقته في وضح النهار، امام المارة، فيما وسائل الإعلام سمتها تسميتها “قضية سيدة النفقة”، فيما انسى الإعلام الرجل المحروم منذ سنوات طوال من ابناءه،" رجل الحضانة "..
. القصة على الشاشات بدت بسيطة: خلاف على المال. لكن الحقيقة التي لم تُحكَ كاملة، أن هذا الرجل كان أبًا محطمًا، حُرم من رؤية أطفاله لسنوات طويلة، يُطارد بين قاعات المحاكم ومراكز الرؤية الباردة، يلتقي أبناءه لدقائق معدودة في مكان كما لو كان بزيارة سجين، بينما تُزرع في قلوبهم كراهية له وتُحشى عقولهم بروايات تشوّه صورته. كان يرى طفولتهم تُسرق منه يومًا بعد يوم، وصوت ضحكاتهم يبتعد، وذكرياتهم تتشكل بدونه، بينما يظل هو مجبرًا على الدفع، يدفع التعليم، والعلاج، والطعام، والمسكن… كآلة صرف آلي لا تُسأل عن مشاعره ولا يُعترف بحقه في التربية أو الحضور الإنساني وارساء القيم
هذه الحادثة، مهما كانت بشاعتها، ليست جريمة منعزلة، فالقتل والعنف مرفوض ومستنكر ولا يمكن تبريره، ولكن لا يجب أن نتجاهل الصرخات الموجعة التي تكشف واقعًا تعيشه آلاف البيوت..قوانين حضانة جائرة تحرم الأب من أبنائه وتستخدم الأطفال كورقة ضغط وانتقام، وكأن الابناء مجرد أداة في معركة طلاق لا تنتهي. في لا منطق لا يقبله دين ولا علم ولا عادات ولا قيم ، ولا يفعله سوى امرأة مجرد من كل ذلك .
اي منطق هذا الذي يمنح الأم خمسة عشر عامًا من الحضانة المنفردة، تغرس خلالها في الطفل صورة مشوهة عن أبيه، ثم في النهاية يخيره القانون بين البقاء معها أو الانتقال لأبيه؟ أليس طبيعيًا أن يختار من عاش معه وتلقى منه رواية واحدة؟ كم من أب حُرم من حقه لأن طليقته ألصقت به اتهامات كيدية، وكم من قضاء أغلق عينيه عن هذه الأكاذيب بحجة أنها “شؤون أسرية” بينما هي في حقيقتها جريمة في حق الطفل قبل أن تكون في حق الأب.
ومع كل هذا، هناك من تخرج تملئ الشاشات صراخ وتتباكى على وسائل التواصل ، تخرج بروايات زائفة من قبيل: "الآباء يتهربوا من النفقة".. الآباء يرمون ابنائهم.."، وكأن النفقة هي جوهر القضية، متجاهلين أن الرجل لا يعترض على دفع المال، بل على أن يُعامل كغريب عن أولاده، غريب يزورهم على استحياء، وتبتز الطليقة طليقها بهم ، و قد تبتزه ماليا بهم او انتقاما ان تزوج بأخرى، او تهين كرامته مستغلة ضعفه وسكوته من أجل رؤية ابناءه ان سمحت له او سمحت له المحكمة، فيصل لحالة هستيرية من كرهه لها لكره الابناء بلحظة ما ، ويخرج من حياتهم ليتركهم لغيره يربّيهم ويشكل قيمهم.. فلم يتركهم في لحظة ما ترفا او انه مجرد من العواطف، بل لأن هناك طليقة حرمته مستغلة قانون معادي للرجال والأسرة..
كيف تطلب من رجل أن يدفع كل شيء، ولا تمنحه أي شيء؟ كيف تنادي بالمساواة بينما تمنحه نصف ساعة في الأسبوع لرؤية ابنه، وتطالبه في المقابل بكل التزامات المعيشة والتعليم والعلاج؟ هذه ليست مساواة، هذا نظام عقابي مغطى بشعارات “مصلحة الطفل” بينما هو في حقيقته مصلحة طرف واحد على حساب الآخر.، طرف بعتاش عاطفيا وماديا على آلام و اوجاع الطليق المعذب ماديا وعاطفيا ، مستنزف في الحالتين..
إن ترك قوانين الحضانة على حالها في الأردن والدول العربية يعني أننا نصنع قنبلة اجتماعية موقوتة. أنت حين تحرم الأب من أبنائه وتختزله في دور الممول، فإنك لا تسلبه حقه فقط، بل تدمر بنيان الأسرة وتخلق جيلًا مشوهًا، جيلًا لا يعرف نصفه الآخر إلا من صور قديمة أو ذكريات ممزقة. تعديل قانون الأحوال الشخصية ليس مطلبًا ذكوريًا ولا معركة ضد النساء، بل هو إنقاذ لمفهوم الأسرة نفسه، وضمان أن الطفل يكبر وهو يعرف أباه كما يعرف أمه، يحب كلاهما، ويأخذ من كليهما، لا أن يعيش ممزق الولاء، مملوءًا بالتحريض، فاقدًا للتوازن. حينها فقط، لن نسمع عن أب يصل إلى حافة الجنون ويفقد السيطرة، ولن تتحول مآسي البيوت إلى دماء في الشوارع.

نيسان ـ نشر في 2025-08-15 الساعة 16:50


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً