القابض على الجمر للدكتور إبراهيم خليل في طبعة جديدة
نيسان ـ نشر في 2025-08-21 الساعة 10:15
نيسان ـ بعد نفاد الطبعة الصادرة في العام 2018 من كتاب «القابض على الجمر حميد سعيد - فصول في شعره وفي ما كتب عنه»، للدكتور إبراهيم خليل، أعادت دار الخليج بعمان نشر الكتاب في حلة جديدة، وتنسيق مختلف.
يقع الكتاب في 168 ص من القطع المتوسط ويضم خمسة عشر فصلا؛ سبعة منها دراساتٌ لدواوين شعره التي صدرت بعد عام 2005 وهذه الفصول تمثل المادة النقدية للباب الأول. وثمانية فصول تعرض في مراجعات دقيقة لكتبٍ، وإصداراتٍ، تناول فيها مؤلفوها شعر حميد سعيد، أو سيرته، ومقامه في عمان بعد العدوان الثلاثيني على العراق 2003 . وهذه هي المادة النقدية للباب الثاني. تضاف للبابين مختارات شعرية من بعض الدواوين.
وردة الكتابة
ففي ديوانه من وردة الكتابة إلى غابة الرماد 2005 قصائد تومئ لنذر المستقبل الغامض، في لغة هي الأقربُ إلى لغة الشعر المقاوم الذي لا يفتأ يحرّض، ويتنبأ بانفجار الثورة ضد الاحتلاليّين، وعملائهم من الطائفيّين، والشعوبيّين، علاوَةً على إدانته الصارخة لأميركا، وعملائها، وحلفائها، من محليّين وخارجيّين. وهذا يضعُ ديوانه» من وردة الكتابة إلى غابة الرماد2005» بمنزلة التقديم لديوانهِ التالي، وهو ديوان « مَشْهدٌ مختلف « (2008)، الأمر الذي يعني أنَّ تجارب الشاعر بعد العام 2003 يتصل المتقدم منها باللاحق، والمبكـّر بالمتأخر، مما يستدعي دراستها دراسة شمولية، تراكميّة، لا دراسة جزئية أو إفرادية.
وأما المختلف في ديوانه «مشهد مختلف» 2008 فيتَّضح في أن المقاومة لديه لا تكتفي بالتركيز على ما وقعَ ويقعُ ببغداد، من دمار وخراب، ومن تقتيل وتعذيب، ومن اعتقال واضطهاد للعراقيين، ومن نهب لثروات البلاد، ومن تصعيد لمراتب الفاسدين، والطائفيين، الذين جاءوا إلى البلاد على دبابات الفاتحين، واستقووا بالأغراب على إذلال الشعب العراقي، ودقّ الأسافين بين مكوناته لفكفكة نسيجهِ الاجْتماعي، والوطني، وإنما هو شاعرٌ ينظر إلى الغد نظرة المؤمن بأن نكسات الشعوب تشْحذُ قدراتِها، وتبتعث فيها إرادة الصمود، والتصدي، والثورة، لدَحْر الاحتلال، وتصفية الفاسدين. وما يعد مستحيلا في نظر الغزاة، وعملائهم، من الخونة الجواسيس، يغدو ممكنًا، والزمن الرديءُ يتحول عندئذ زمنا جميلا تتوحّد فيه الأرواح الثائرةُ، المتمردة، بورْدِ العراق، ونخيله، الذي يطاولُ عنان السماء.
وعن أوراق المورسكي، وحقيقة الشِعْر فيها، يقول المؤلف: تعيدُ للقارئ الشوق القديم للقريض المعافى، وتوقظ فيه حنينه الدائم للشعر الرائق المُصفّى، والأدب الرفيع،الذي يخلو من شوائب الهذْر الوضيع، إنْ كان ذلك على مستوى الخطاب الذي تعبر عنْه القصائد تعبيرًا غير مباشر، أوْ على مستوى النسيج اللفظي، والخيارات الأسلوبيّة المتعدّدة، التي يلجأ الشاعر إليها باعتدالٍ تارَةً، وبغزارة تارَة أخْرى: كالتوازي، والتكرار، والتداعي الصوتي، والتناغم الرشيق، والاقتباس، الذي يُوظَّفُ توظيفًا جديدًا يُتيح للشاعر التعبير عن الفردي، والذاتي، بألفاظٍ، وكلماتٍ، صاغها الآخرون، مؤكدًا بذلك تضافرَ الأصَالة، والمعاصرة، في نسق عجيبٍ، وغريب.
انفتاج النصّ الشِعْري
ومن المنظور النقدي يؤكد المؤلف أن الدارس لشعر حميد سعيد في ديوانه ( أولئك أصحابي) 2015 يرى في استخدامه لعدد غير قليل من الشخوص، أكثرهم من أبطال الروايات المشهورة، استخداما يؤكد انفتاح النص الشعري على غير فنٍّ من الفنون الأدبيَّة، لا سيما الرواية، دون أن تفقد القصيدة شروط بِنيتها الدرامية التي لا تستغني قطعًا عما فيها من البُعْد الغنائيّ، ذلك البعد الجدليّ الذي يتيح للشاعر أنْ يتكلَّم بصوتهِ الخاصّ مندغمًا بأصوات الآخرين، وتلك تجربة رائدة، ومزيّة نادرة، لا نجدها إلا في الشعر العظيم الذي تتوافر نماذج منه في «أولئك اصحابي» وهو مشروع شعري تطلّب إنجازه نحو عشرين من السنين.
وفي الفصل الخامس يقفُ الدكتور خليل بنا إزاء نصّ عنوانه « القصيدة المقدسية» فقد شاع تداولها وانتشر في العام 2009 لمناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية. ونشرت القصيدة في ديوانه أوراق المورسكي(2012). فالمؤلف يشير لما فيها من صور يتألق بها البناء النامي الذي يصلنا بتخوم الرؤية الشعرية المستقبليَّة، وإلى ما يُسْفر عنه الانتظار الوقور، ومجيء العواصف، والانفجار، بعد الهدوء والسكينة. وهو ما يُقصي عن المدينة المقدسة ما يصفه الشاعر بسُعار الكَهَنوت. أيْ ما نبَّه عليه المتكلمُ بإشارته لما يتركه الغاصبون على صفحات تاريخها، وما يَسْطرون. مؤكدًا انبعاث المدينة بما توحي به كلمة « النُشور» من معنى، وهو انبعاث يشبهُ انبعاث طائر الفينيق من رماده.
وعن ديوانه « ما تأخر من القول» 2019 يضيف المؤلف» نحن إذًا أمام شاعرٍ يحاولُ بما أوتي من قدرة فنية، وبما يمتلكه من رؤية شعرية، أن يقدِّم لنا نموذجًا شعريّا جديدًا، وفريدًا، في تعبيره عن الإحْساس بالزمَن، وهذا النَموذجُ، على جوْدته، قلَّ نظيره في الشعر العربي؛ قديمه وجديده «.
و يغلبُ في نصوصٍ قليلةٍ من ديوانه «نجمة بعد حين»2022 على البناء الإيقاعُ السَرْديُّ، ويطغى الزمنُ على النسق الشعري المكاني. بحيث تبدو المقاطع، والعباراتُ، كأنها تروي حكايةً وقعَت في مكان ما، وفي زمن ما، وحوار بين شخوص، الفقير إلى الله مثلا، وتبعًا لهذا البناء، تنْقسم القصيدة إلى عدَدٍ من المرويّات، أو المحكيّات، يفْتـَتِحُ الشاعرُ كل واحدة منها بعبارة في المدينة س. أو تنتهي بتلك العبارة؟ وهذا النسقُ، الذي نعني به توالي المحكيات، يتكرر في غير قصيدة، وذلك يؤكد، في ما يؤكده، أنَّ الشعر، على الرغم من غنائيته اللافتة، لا مندوحة له عن اللجوء – من وقت لآخر- لذكر ما يمرُّ به الشاعرُ منْ مواقفَ على سبيل السرد الذي لا يذْهبُ بألَقِ القصيدةِ، ولا يجورُ على طابَعها الغِنائي.
ما كُتب في نقد شعره
وعلى الرغم من كثرة ما كتبَ، ونُشر، عن حميد سعيد من نقد، وهي كثرة تصعب الإحاطة بها في كتاب كهذا فقد اختار المؤلف عددا من الكتب تمثل عينة من الدراسات التي وقف فيها مؤلفوها إزاء تجربته الشعرية. فمن هذه الكتب كتابان لحمدي الحديثي.
أولهما عن قصيدة حميد سعيد التشكيلية، والثاني فرط الرمان، وهو عنوان يوحي بما في الكتاب من دراسة تفصيلية تقف لدى الدقيق، والمضمر، من رؤاه الشعرية. ومنها كتاب ثالث بعنوان شاعر البدايات لمصطفى لكيلاني من تونس. وآخر رابع للسوري عصام شرتح، وهو بعنوان فضاءات جمالية في شعر حميد سعيد، وآخر سادس بعنوان حميد سعيد شاعرًا. وهذا أقدم زمنا من الكتب المذكورة، وهو كتاب ذو طابع احتفالي، يضاف لما ذكر كتاب التحليق خارج السرب لمحمد صابر عبيد، وأخيرا الكتاب الموسوم بعنوان « سنين عمان « وهو يشذ عن سائر الكتب لكونه سيرة، أو شبه سيرة.
وفي الكتاب الأول غلب على المؤلف أنه فنان لا ناقد أدبي. فقد استقصى ما يمكن استقصاؤه عن طفولة الشاعر، وعن صباه، وعن دراسته، وتنقلاته، وجولاته، وأسفاره، والأصدقاء الفنانين الذين عايشهم، وتذوق أعمالهم، والمتاحف التي أتيح له أن يزورها، ويقضي فيها الساعات الطوال؛ متأملا، مندهشًا، منْبهرًا فيما يراه، مما كـوّن رصيدًا معرفيا ثريًا يمده بالكثير من التصورات عن التعبير بالصورة.. ولم يخلُ استقصاؤه أيضا من ذِكْر الظروف التي أحاطتْ ببعض تلك القصائد، وهذا كله لا يتسنى لأيّ دارس مثلما تسنى للمؤلف، مما يلقي على كاهل الحديثي مسئولية أكبر في هذا المقام، وقد نلتمس له العذر في أنه فنان تشكيليٌّ أساسًا، وليسَ ناقدًا. أما فرط الرمان، فهو كتابٌ يغني مكتبة الدراسات النقدية عن شعر حميد سعيد من جهة، ويسد خللا في نقديات الشعر العربي الحديث من جهة أخرى.
أما «شاعر البدايات» لمصطفى الكيلاني ففيه الكثير الجم من التفسيرات، والتحليلات، لشعر حميد سعيد تُعمّق الهوة بين الشعر والقارئ، وتسيءُ لحميد وشعرهِ منْ حيثُ أرادَ الإحسان. وهذا ينسحب على كثير مما جاء في التغريد خارج السرب. وتنفردُ سيرة الشاعر في كتاب سليم النجار(سنين عمان) بما تلقيه من ضوء على عالم الشاعر الذاتي، الداخلي، وتجربته الشعرية ذات الأفق المتسع، والمدى الأكثر سِعَة.
يذكر أن في الكتاب ست قصائد مختارة من شعره الذي نشر بعد عام 2005.
يقع الكتاب في 168 ص من القطع المتوسط ويضم خمسة عشر فصلا؛ سبعة منها دراساتٌ لدواوين شعره التي صدرت بعد عام 2005 وهذه الفصول تمثل المادة النقدية للباب الأول. وثمانية فصول تعرض في مراجعات دقيقة لكتبٍ، وإصداراتٍ، تناول فيها مؤلفوها شعر حميد سعيد، أو سيرته، ومقامه في عمان بعد العدوان الثلاثيني على العراق 2003 . وهذه هي المادة النقدية للباب الثاني. تضاف للبابين مختارات شعرية من بعض الدواوين.
وردة الكتابة
ففي ديوانه من وردة الكتابة إلى غابة الرماد 2005 قصائد تومئ لنذر المستقبل الغامض، في لغة هي الأقربُ إلى لغة الشعر المقاوم الذي لا يفتأ يحرّض، ويتنبأ بانفجار الثورة ضد الاحتلاليّين، وعملائهم من الطائفيّين، والشعوبيّين، علاوَةً على إدانته الصارخة لأميركا، وعملائها، وحلفائها، من محليّين وخارجيّين. وهذا يضعُ ديوانه» من وردة الكتابة إلى غابة الرماد2005» بمنزلة التقديم لديوانهِ التالي، وهو ديوان « مَشْهدٌ مختلف « (2008)، الأمر الذي يعني أنَّ تجارب الشاعر بعد العام 2003 يتصل المتقدم منها باللاحق، والمبكـّر بالمتأخر، مما يستدعي دراستها دراسة شمولية، تراكميّة، لا دراسة جزئية أو إفرادية.
وأما المختلف في ديوانه «مشهد مختلف» 2008 فيتَّضح في أن المقاومة لديه لا تكتفي بالتركيز على ما وقعَ ويقعُ ببغداد، من دمار وخراب، ومن تقتيل وتعذيب، ومن اعتقال واضطهاد للعراقيين، ومن نهب لثروات البلاد، ومن تصعيد لمراتب الفاسدين، والطائفيين، الذين جاءوا إلى البلاد على دبابات الفاتحين، واستقووا بالأغراب على إذلال الشعب العراقي، ودقّ الأسافين بين مكوناته لفكفكة نسيجهِ الاجْتماعي، والوطني، وإنما هو شاعرٌ ينظر إلى الغد نظرة المؤمن بأن نكسات الشعوب تشْحذُ قدراتِها، وتبتعث فيها إرادة الصمود، والتصدي، والثورة، لدَحْر الاحتلال، وتصفية الفاسدين. وما يعد مستحيلا في نظر الغزاة، وعملائهم، من الخونة الجواسيس، يغدو ممكنًا، والزمن الرديءُ يتحول عندئذ زمنا جميلا تتوحّد فيه الأرواح الثائرةُ، المتمردة، بورْدِ العراق، ونخيله، الذي يطاولُ عنان السماء.
وعن أوراق المورسكي، وحقيقة الشِعْر فيها، يقول المؤلف: تعيدُ للقارئ الشوق القديم للقريض المعافى، وتوقظ فيه حنينه الدائم للشعر الرائق المُصفّى، والأدب الرفيع،الذي يخلو من شوائب الهذْر الوضيع، إنْ كان ذلك على مستوى الخطاب الذي تعبر عنْه القصائد تعبيرًا غير مباشر، أوْ على مستوى النسيج اللفظي، والخيارات الأسلوبيّة المتعدّدة، التي يلجأ الشاعر إليها باعتدالٍ تارَةً، وبغزارة تارَة أخْرى: كالتوازي، والتكرار، والتداعي الصوتي، والتناغم الرشيق، والاقتباس، الذي يُوظَّفُ توظيفًا جديدًا يُتيح للشاعر التعبير عن الفردي، والذاتي، بألفاظٍ، وكلماتٍ، صاغها الآخرون، مؤكدًا بذلك تضافرَ الأصَالة، والمعاصرة، في نسق عجيبٍ، وغريب.
انفتاج النصّ الشِعْري
ومن المنظور النقدي يؤكد المؤلف أن الدارس لشعر حميد سعيد في ديوانه ( أولئك أصحابي) 2015 يرى في استخدامه لعدد غير قليل من الشخوص، أكثرهم من أبطال الروايات المشهورة، استخداما يؤكد انفتاح النص الشعري على غير فنٍّ من الفنون الأدبيَّة، لا سيما الرواية، دون أن تفقد القصيدة شروط بِنيتها الدرامية التي لا تستغني قطعًا عما فيها من البُعْد الغنائيّ، ذلك البعد الجدليّ الذي يتيح للشاعر أنْ يتكلَّم بصوتهِ الخاصّ مندغمًا بأصوات الآخرين، وتلك تجربة رائدة، ومزيّة نادرة، لا نجدها إلا في الشعر العظيم الذي تتوافر نماذج منه في «أولئك اصحابي» وهو مشروع شعري تطلّب إنجازه نحو عشرين من السنين.
وفي الفصل الخامس يقفُ الدكتور خليل بنا إزاء نصّ عنوانه « القصيدة المقدسية» فقد شاع تداولها وانتشر في العام 2009 لمناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية. ونشرت القصيدة في ديوانه أوراق المورسكي(2012). فالمؤلف يشير لما فيها من صور يتألق بها البناء النامي الذي يصلنا بتخوم الرؤية الشعرية المستقبليَّة، وإلى ما يُسْفر عنه الانتظار الوقور، ومجيء العواصف، والانفجار، بعد الهدوء والسكينة. وهو ما يُقصي عن المدينة المقدسة ما يصفه الشاعر بسُعار الكَهَنوت. أيْ ما نبَّه عليه المتكلمُ بإشارته لما يتركه الغاصبون على صفحات تاريخها، وما يَسْطرون. مؤكدًا انبعاث المدينة بما توحي به كلمة « النُشور» من معنى، وهو انبعاث يشبهُ انبعاث طائر الفينيق من رماده.
وعن ديوانه « ما تأخر من القول» 2019 يضيف المؤلف» نحن إذًا أمام شاعرٍ يحاولُ بما أوتي من قدرة فنية، وبما يمتلكه من رؤية شعرية، أن يقدِّم لنا نموذجًا شعريّا جديدًا، وفريدًا، في تعبيره عن الإحْساس بالزمَن، وهذا النَموذجُ، على جوْدته، قلَّ نظيره في الشعر العربي؛ قديمه وجديده «.
و يغلبُ في نصوصٍ قليلةٍ من ديوانه «نجمة بعد حين»2022 على البناء الإيقاعُ السَرْديُّ، ويطغى الزمنُ على النسق الشعري المكاني. بحيث تبدو المقاطع، والعباراتُ، كأنها تروي حكايةً وقعَت في مكان ما، وفي زمن ما، وحوار بين شخوص، الفقير إلى الله مثلا، وتبعًا لهذا البناء، تنْقسم القصيدة إلى عدَدٍ من المرويّات، أو المحكيّات، يفْتـَتِحُ الشاعرُ كل واحدة منها بعبارة في المدينة س. أو تنتهي بتلك العبارة؟ وهذا النسقُ، الذي نعني به توالي المحكيات، يتكرر في غير قصيدة، وذلك يؤكد، في ما يؤكده، أنَّ الشعر، على الرغم من غنائيته اللافتة، لا مندوحة له عن اللجوء – من وقت لآخر- لذكر ما يمرُّ به الشاعرُ منْ مواقفَ على سبيل السرد الذي لا يذْهبُ بألَقِ القصيدةِ، ولا يجورُ على طابَعها الغِنائي.
ما كُتب في نقد شعره
وعلى الرغم من كثرة ما كتبَ، ونُشر، عن حميد سعيد من نقد، وهي كثرة تصعب الإحاطة بها في كتاب كهذا فقد اختار المؤلف عددا من الكتب تمثل عينة من الدراسات التي وقف فيها مؤلفوها إزاء تجربته الشعرية. فمن هذه الكتب كتابان لحمدي الحديثي.
أولهما عن قصيدة حميد سعيد التشكيلية، والثاني فرط الرمان، وهو عنوان يوحي بما في الكتاب من دراسة تفصيلية تقف لدى الدقيق، والمضمر، من رؤاه الشعرية. ومنها كتاب ثالث بعنوان شاعر البدايات لمصطفى لكيلاني من تونس. وآخر رابع للسوري عصام شرتح، وهو بعنوان فضاءات جمالية في شعر حميد سعيد، وآخر سادس بعنوان حميد سعيد شاعرًا. وهذا أقدم زمنا من الكتب المذكورة، وهو كتاب ذو طابع احتفالي، يضاف لما ذكر كتاب التحليق خارج السرب لمحمد صابر عبيد، وأخيرا الكتاب الموسوم بعنوان « سنين عمان « وهو يشذ عن سائر الكتب لكونه سيرة، أو شبه سيرة.
وفي الكتاب الأول غلب على المؤلف أنه فنان لا ناقد أدبي. فقد استقصى ما يمكن استقصاؤه عن طفولة الشاعر، وعن صباه، وعن دراسته، وتنقلاته، وجولاته، وأسفاره، والأصدقاء الفنانين الذين عايشهم، وتذوق أعمالهم، والمتاحف التي أتيح له أن يزورها، ويقضي فيها الساعات الطوال؛ متأملا، مندهشًا، منْبهرًا فيما يراه، مما كـوّن رصيدًا معرفيا ثريًا يمده بالكثير من التصورات عن التعبير بالصورة.. ولم يخلُ استقصاؤه أيضا من ذِكْر الظروف التي أحاطتْ ببعض تلك القصائد، وهذا كله لا يتسنى لأيّ دارس مثلما تسنى للمؤلف، مما يلقي على كاهل الحديثي مسئولية أكبر في هذا المقام، وقد نلتمس له العذر في أنه فنان تشكيليٌّ أساسًا، وليسَ ناقدًا. أما فرط الرمان، فهو كتابٌ يغني مكتبة الدراسات النقدية عن شعر حميد سعيد من جهة، ويسد خللا في نقديات الشعر العربي الحديث من جهة أخرى.
أما «شاعر البدايات» لمصطفى الكيلاني ففيه الكثير الجم من التفسيرات، والتحليلات، لشعر حميد سعيد تُعمّق الهوة بين الشعر والقارئ، وتسيءُ لحميد وشعرهِ منْ حيثُ أرادَ الإحسان. وهذا ينسحب على كثير مما جاء في التغريد خارج السرب. وتنفردُ سيرة الشاعر في كتاب سليم النجار(سنين عمان) بما تلقيه من ضوء على عالم الشاعر الذاتي، الداخلي، وتجربته الشعرية ذات الأفق المتسع، والمدى الأكثر سِعَة.
يذكر أن في الكتاب ست قصائد مختارة من شعره الذي نشر بعد عام 2005.


