اتصل بنا
 

طبول الحرب تقرع، وما هو المطلوب من الاردن في هذه الأحداث المتسارعة

نيسان ـ نشر في 2025-09-10 الساعة 20:43

نيسان ـ في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتعالى فيه طبول الحرب في الشرق الأوسط، يدرك الأردنيون أن المواجهة الحقيقية ليست فقط على الحدود، بل في الداخل، حيث صلابة المجتمع وقدرته على الصمود أمام الأزمات. وهنا تصبح الأولوية المطلقة هي بناء جبهة داخلية قوية، تقوم على تمكين المواطن اقتصادياً واجتماعياً، لا على الاكتفاء بخطابات التطمين.
فالمواطن الذي يملك عملاً، ويطمئن إلى قوت يومه، ويشعر أن دولته تضع خططاً حقيقية لحاضره ومستقبله، هو المواطن الذي يقف صلباً في وجه أي أزمة أو تهديد. لذلك فإن الاستثمار في محاربة البطالة، ودعم المشاريع الصغيرة، وتحويل الطاقات الشابة إلى قوة منتجة، يجب أن يكون الخيار الأول للحكومة، مهما بلغت كلفته. فالكلفة المادية اليوم، مهما كانت، أقل ألماً وأخف وطأة من كلفة التفكك أو فقدان الثقة غداً.
والأردن، بموارده الطبيعية والموقع الجغرافي الفريد، يملك أوراق قوة لم تُستغل بعد بالقدر الكافي. فالشمس التي تسطع طوال العام ليست مجرد مناخ، بل هي كنز استراتيجي يمكن أن يحول الأردن إلى مركز إقليمي لإنتاج الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة. إن استثمار أموالنا في الطاقة الشمسية يعني استقلالاً في القرار الطاقي، وتخفيفاً من أعباء فاتورة الاستيراد، ومجالاً جديداً لفرص العمل والصناعات الداعمة.
كما أن المياه الجوفية غير الصالحة للشرب يمكن أن تتحول من عبء إلى فرصة، إذا استُخدمت بذكاء في الزراعة. هذه المياه، مع التقنيات الحديثة، قادرة على إنبات مساحات واسعة من الأراضي الشاسعة التي طالما بقيت غير مستغلة. وحين تُدار هذه العملية بشكل مدروس، لا نضمن فقط غذاءً كافياً، بل نؤسس لاقتصاد زراعي متين يقلل من تبعيتنا للخارج ويمنح المزارع الأردني قيمة ودخلاً يليق بتعبه.
والزراعة وحدها لا تكفي إن لم تترافق مع التصنيع الغذائي. فالقيمة الحقيقية لا تُخلق من حبة القمح وحدها، بل من تحويلها إلى منتج غذائي مُعَبّأ يُنافس في الأسواق. الأردن قادر على أن يكون مركزاً إقليمياً للتصنيع الغذائي إذا ما دُعمت الاستثمارات في هذا القطاع وربطت بالمزارع والحقول. بهذه الطريقة، نصبح لا ننتج فقط ما نأكل، بل نصدر ما يصنع الفارق في اقتصادنا.
إن كل هذه الخطوات – من التمكين الاقتصادي للشباب، إلى استغلال الشمس، وتوظيف المياه الجوفية، واستثمار الأراضي الواسعة، وتحفيز الصناعات الغذائية – ليست مشاريع ترفية ولا أحلاماً بعيدة، بل هي صمامات أمان لأمننا القومي، وهي الجدار الحقيقي في وجه أي أزمة إقليمية أو تهديد خارجي.
لقد آن الأوان أن تنتقل الحكومة من مرحلة إدارة الأزمات إلى مرحلة صناعة المستقبل. فالشعب الأردني الذي يرى مشروعات على أرضه، ويشارك في بناء اقتصاده، ويشعر أن دولته تصارحه وتثق به، سيكون السند الأول لوطنه في مواجهة العواصف المقبلة. وبهذا فقط، نكون قد حصّنا الداخل وواجهنا الخارج بثقة وإرادة لا تهتز.
اللهم احفظ الأردن قيادة وشعب بحفظك.

نيسان ـ نشر في 2025-09-10 الساعة 20:43


رأي: الدكتور معن نصر العليان

الكلمات الأكثر بحثاً