اتصل بنا
 

هل فقد الأردنيون الحصانة ضد الفقر؟

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2015-12-25 الساعة 13:47

نيسان ـ

كان لمعظم الأردنيين في السبعينات والثمانينات أمام الفقر حصانة. في السبعينات وما قبلها كان صحن الطبيخ يتجول في الحارة وكان الناس يقرضون بعضهم كل شيء ومن يفتقر يعرف الجميع قصته فورا ويسارع اليه أهل الخير.

من يسير في هموم الناس وحوائجهم الآن يرى عجبا.

يدمي القلب القول أن من يفتقر هذه الأيامقد يفطن إليه بعد أن يكون قد بلغ منه الفقر مبلغا ولا سيما من لا يسألون الناس إلحافا.

قد تجد شابا يخرج من بيته صباحا والكل يظن أنه مكتف ويعمل لتكتشف بالصدفة أن بيته لم يدخله جرة غاز أو كيلو لحم أو كرتونة بيض منذ أشهر وقد تدخل بيته لتجد أطفاله قد توقفوا عن الذهاب للمدرسة لعدم وجود أي قدرة للعائلة على إرسالهم للمدرسة ولا سيما في ظل حاجة جزء هام من طلبة المدارس الى وسائل نقل تعتبر مكلفة جدا لنسبة كبيرة من الشعب الأردني.

الذين نتحدث عنهم أعلاه كانوا موجودين دائما ولكن المرعب الآن أن النسبة تزداد بشكل جنوني ولا سيما أن أبسط متطلبات الحياة ولنقل أجرة بيت مع فواتير مياه وكهرباء وقبل احتساب رغيف خبز واحد تكلف ما لا يقل عن مائة وخمسين دينارا وهذا طبعا يعني بيتا متهالكا في الأغلب مع اقتصاد شديد في نفقات المياه والكهرباء وحتى هذا المستوى من الإيجارات أصبح توفره صعبا جدا في ظل وجود طلب شديد على استئجار البيوت.

المفزع أكثر أن تكتشف أنه في حالات كثيرة فإن وجود ما يفترض أنه معيل أسرة أصبح سببا في جوع الأسرة فلا الحكومة ولا المجتمع يعترف بحاجة أسرة مع وجود معيل لها في معظم الحالات وقد رأينا بأم أعيننا أن موت الأب تسبب في انفراج أحوال كثير من الأسر.

أنا وكثيرون ممن أناقشهم في مسائل كهذه يعتقدون أن رحمة الله بهذا البلد سببها أن الخير لا يزال موجودا والناس الى حد ما لا تزال تتراحم ولكن لا بد من استجابة سريعة لما يحصل وعلى أعلى المستويات.

هناك أزمة إدارة على مستوى الحكومة وأزمة فوضى في المجتمع.

لا نريد أن نتحدث في أمثلة عجز الإدارة الحكومية ولا في أمثلة فوضى المجتمع فأدنى الأردنيين ثقافة لديه مئات الأمثلة على ذلك.

ما نريد أن نقوله أن النمط الاجتماعي الموروث في هذا البلد في التراحم والتكافل قد أصبح ضعيفا وبالتالي لم يعد لمعظم الأردنيين أي حصانة ضد الدخول سريعا في خانة الفقر المستور بالحياء ولا أدري من عليه أن يعلق الجرس.

نيسان ـ نشر في 2015-12-25 الساعة 13:47

الكلمات الأكثر بحثاً