نضحك في كل اتجاه
كامل نصيرات
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2025-09-25 الساعة 10:57
نيسان ـ نضحك يا عرب لكن ضحكنا صار مثل دواء منتهي الصلاحية: لا يُعالج ولا يُشفي، بل يزيد الوجع ألماً. نضحك كي لا ننفجر من الداخل، نضحك على جوعٍ صار «حياة»، وعلى فقرٍ تحوّل إلى «إرث»، وعلى خرابٍ يقدّمونه لنا مدهونًا بشعارات برّاقة، كأنّ الخراب يمكن أن يصبح ديكورًا عصريًا.
نضحك ونحن نرى أحلامنا تُسحق تحت أقدام الأيام، ثم نعود لنبيع لبعضنا بعضًا بقايا أوهام رخيصة: «اشترِ نصف ابتسامة مع ضمانة قصيرة الأجل». صرنا تتقن فنّ التهريج على رصيف التاريخ؛ كل واحد منّا كومبارس في مشهد عبثي طويل، لا بطل فيه إلا الألم.
نضحك على جراحنا كما لو كانت نكات باهتة، نضحك من عجزنا ونحن نتصنّع البطولة، نضحك من حاضرٍ هشّ كبيت من ورق، ومن مستقبل يشبه دلوًا مثقوبًا؛ كلما ملأناه فرغ بسرعة، وكلما رمّمناه تهدّم في أيدينا.
حتى العالم صار يتسلى بنا: يصفق حين نسقط، يقهقه حين ننزف، ونحن بكرمٍ عربيّ أصيل نضحك معهم أيضًا، نضحك كي لا نُفضح، كي لا نعترف أننا تعبنا حتى من الضحك ذاته.
ضحكٌ مُرّ لا يشبه الفرح في شيء، بل يشبه صفعةً على وجهٍ مبتسم. ومع ذلك نضحك نضحك لأننا إن توقّفنا عن الضحك، سيكشف الصمت حجم المأساة، وساعتها قد ينفجر المسرح كلّه بلا جمهور ولا ستارة.
نضحك ونحن نرى أحلامنا تُسحق تحت أقدام الأيام، ثم نعود لنبيع لبعضنا بعضًا بقايا أوهام رخيصة: «اشترِ نصف ابتسامة مع ضمانة قصيرة الأجل». صرنا تتقن فنّ التهريج على رصيف التاريخ؛ كل واحد منّا كومبارس في مشهد عبثي طويل، لا بطل فيه إلا الألم.
نضحك على جراحنا كما لو كانت نكات باهتة، نضحك من عجزنا ونحن نتصنّع البطولة، نضحك من حاضرٍ هشّ كبيت من ورق، ومن مستقبل يشبه دلوًا مثقوبًا؛ كلما ملأناه فرغ بسرعة، وكلما رمّمناه تهدّم في أيدينا.
حتى العالم صار يتسلى بنا: يصفق حين نسقط، يقهقه حين ننزف، ونحن بكرمٍ عربيّ أصيل نضحك معهم أيضًا، نضحك كي لا نُفضح، كي لا نعترف أننا تعبنا حتى من الضحك ذاته.
ضحكٌ مُرّ لا يشبه الفرح في شيء، بل يشبه صفعةً على وجهٍ مبتسم. ومع ذلك نضحك نضحك لأننا إن توقّفنا عن الضحك، سيكشف الصمت حجم المأساة، وساعتها قد ينفجر المسرح كلّه بلا جمهور ولا ستارة.
نيسان ـ نشر في 2025-09-25 الساعة 10:57
رأي: كامل نصيرات كاتب صحافي


