اتصل بنا
 

صناعة القادة في الأردن طريقنا نحو المستقبل

نيسان ـ نشر في 2025-10-01 الساعة 14:05

نيسان ـ في عالم يتغيّر بسرعة تفوق الخيال، لا مكان للأمم التي تقف في طوابير الانتظار، ولا مستقبل لمن يكتفي بردّ الفعل بدل صناعة الحدث. وإذا أردنا للأردن أن يخطو بثقة نحو الغد، فإن المفتاح الحقيقي لذلك ليس المال ولا الموارد، بل الإنسان القادر على القيادة. قيادة تُبنى على الكفاءة لا المجاملة، وعلى الإنجاز لا الشعارات، وعلى القدرة على الفعل لا الاكتفاء بالكلام.
القائد الحقيقي لا يُولد صدفة، ولا يُمنح المنصب بالوراثة أو الولاء، بل يُصنع صناعة دقيقة تبدأ من التعليم الراسخ، وتتشكل من شخصية متزنة قادرة على اتخاذ القرار في اللحظات الصعبة، وتُصقل بخبرات عملية ومهارات تواصل وإبداع وقدرة على الإنجاز. لذلك فإن إنشاء برنامج وطني لإعداد القادة لم يعد ترفًا، بل ضرورة وطنية إذا أردنا أن نبني دولة قوية وعصرية.
هذا البرنامج يجب أن يكون مختلفًا عن كل ما سبق: لا يعتمد فقط على المحاضرات أو التدريب النظري، بل يجعل من يعيش التجربة جزءًا من المجتمع الذي سيقوده. فالقائد الذي سيصنع الفرق يجب أن يعرف كيف يفكر المزارع وهو ينتظر المطر، وكيف يعيش سائق المركبة في زحمة الطرق، وأن يفهم معاناة المعلم في صف مزدحم، وأن يلامس بيده تعب العامل في المصنع، وأن يدرك معنى الانضباط والتضحية في حياة الجيش والأمن. عندها فقط سيعرف معنى القرار الذي يتخذه، وأثره الحقيقي على الناس.
وفي ختام مرحلة الإعداد، لا مكان للشعارات ولا للاجتهادات النظرية. كل مشارك يُطلب منه أن يقدّم مشروعًا عمليًا لحل مشكلة كبرى من مشاكل المجتمع، وبخاصة الاقتصادية منها، ليُقيَّم المشروع بأعلى درجات الاحترافية. من ينجح يُكلّف بتنفيذه، ويصبح القائد الفعلي للمشروع. النجاح يعني مكافأة مستحقة، والفشل يعني مساءلة واضحة، لأن من يريد أن يقود عليه أن يتحمّل المسؤولية كاملة.
ولأن القيادة ليست محطة بل مسيرة، فإن القائد الذي ينجح في مهمته سيكون مسؤولًا لاحقًا عن إعداد قادة جدد في مجاله، لتتحول العملية إلى سلسلة متواصلة من البناء والتطوير.
بهذا النهج، نصنع قادة يعرفون الناس لا من التقارير، بل من الميدان. قادة يرون التحديات بعيون الأردنيين، ويملكون الإرادة والقدرة لتحويلها إلى فرص. وحينها فقط سنرى وطنًا يقوده أبناؤه نحو المستقبل، لا يخاف الأزمات بل يصنع الحلول، ولا ينتظر المعجزات بل يصنعها بيده.

نيسان ـ نشر في 2025-10-01 الساعة 14:05


رأي: الدكتور معن نصر العليان

الكلمات الأكثر بحثاً