سانتا كلوز الفلسطيني
نيسان ـ نشر في 2015-12-26 الساعة 12:07
محمد قبيلات.. يشيخ الفلسطيني منذ الولادة وينشأ مفطورا على الفجيعة بالخسارة ويترعرع في ظل اختطاف الوطن.
لا ينتظره غير التشرد أو السجن أو الموت، لذلك هو لا ينتظر من "سانتا كلوز" الطيب الهدايا، ولا تروق له ألاعيب الكبار المُختلقة لصناعة الأفراح الصغيرة.
ماذا يفعل بالفرح الزائف وهو محاصر بكل هذا الكم من الحقيقي المُرعب؟
ففي غمرة الإنتظار المشوب بالقلق، لا يجيد الطفل الفلسطيني اللهو بألعاب الفرح، فعلى الدوام هو في حالة انتظار للأخبار الفلسطينية المفتوحة على الفجيعة، أخبار من نوع القتل على الحواجز، الإعتقال ، هدم البيوت.
على هيئة سانتا الطيب يخرج الفلسطيني مقاتلا الى تلك التلال المحيطة ببيت لحم، يخرج ليحمي زيتونة من الإقتلاع، زيتونة طالما واجهت الرياح وصمدت، زيتونة غرسها الأجداد كتذكار للأحفاد، فاستفزت بأبهتها العسكر ومعاول الإحتلال.
ماذا يفعل سانتا كلوز إذا هاجمه العسكر؟ ترتبك خطواته الأولى نعم. لأنه لم يعتد أسلحة غير تلك المتعلقة ببث الفرح، ماذا يفعل في مواجهته المفتوحة مع هذه الوحوش الضارية وليس له ظهر يستند إليه؟
يلتقط حجرا ويرسلها فيزيائيا الى ثلة الغاصبين، يرسلها عاطفيا كهدية الميلاد الى الفلسطيني المتفتحة عينه على الألم.
شكليا يخرج سانتا عن طوره، لكنه يظل وفيا لروحه العاشقة لنظرات الفرح المنبثقة للتو في عيون الأطفال.
لا ضير أن يتحول سانتا عن حرفته الأولى، صناعات الافرح الصغيرة، ويغادر الى احتراف الصناعات الكبيرة.
هو الآن ينتج حراسة الوطن، يقاوم، ويؤمن نومة الأطفال في مخادعهم، نعم فأسرة نومهم مخادع تدعي أنها آمنة، بينما اللحظة تنطوي على كل الكثير من المخاطر.
هذا هو زمان الشدِة، وليس في هذه الآونة من لحظات منذورة للدعة ولترف إصطناع الإبتسامات، هي لحظات منذورة للمجابهة وللحماية من غول الإحتلال.
فأي عيد مزكرش بالأحمر وبالورد في زمان السبطانات المسلطة الى رؤوس الأطفال ؟ أي عيد هذا غير المؤثث بمفردات وعناصر المقاومة؟ وأية أفراح تلك التي تصنعها "تأتأت" الخنوع؟
فينطلق سانتا مقارعا جنود الإحتلال، غير آبه بما يتذخّرون به من أسمال وعدد، ينطلق هذا الحالم المسلح بالحب، يصنع مواجهته، يجندلهم، يأخذهم على حين لحظة حقيقة، ينتصر.


