نشيد الجوع والظمأ

نيسان ـ أشرف قاسم/ مصر
يجيء الليل..
تعود إليّ
تهزمني الحكايات القديمة
تستحل دمي
وهذا الليل ممتد
كأن الصبح فوق سطوح قريتنا
انطفأْ
***
ظلال مغارة الذكرى تلوح لي
تغيب مواسم الإخصاب
تبكي الأرض
جف الماء
من يحمي أديم الأرض
من هذا الظمأْ؟
_ 1 _
يغني السائرون الآن لحن الجوع
لحن الحزن
تحتاط الطيور الآن بالهجرةْ
***
ويعبر هؤلاء الطيبون الآن
بوابات دهشتهم
وينطلقون نحو
الهم والحسرةْ
***
تموج الأرض بالديدان
تمتص البقية من رحيق الزرع
والخضرةْ
***
معلقة عيون الأبرياء من الصغار
هناك بالمحراث
جثته كنافذة مغلقة
عليها ماتت النظرةْ!!
_ 2 _
يقول الجد:
صدر الأرض مفتوح
ولكن الهواء الآن
يشبه أسود الكربونْ
***
وغاض الماء
قال العالمون:
هناك مشكلة بجوف الأرض
والأوزونْ
***
كأن الأرض ملت من
شراهتنا التي انتشرت
كما الطاعونْ
***
نسينا أن هذي الأرض بنت الحب
بنت سماحة الإنسان
رمز عطاء رب الكون
عين الخير
والماعونْ
_ 3 _
يقول أبي:
وصلينا على هذا الثرى
زمنا
***
وصلينا لماء النهر
أصغينا لصوت خريره
لحناً يسامرنا
يطل على نوافذنا
فكان الأمن
والوطنَ
***
ومن أعشاب هذي الأرض
كان الدفء
من رقص السنابل كانت الأفراح
تزرع في المدى
سكنا
***
أتتنا ولولات الريح فاقتلعت
مساكننا
وأحرقت الحقول الخضر
فانكفأ الربيع هناك
واستشرى الخريف..
الجوع..
صار الحلم مرتهنا!
_ 4 _
كأن الأرض لم تحبل
ولم تنجب
كأن النهر غضبان
على الفقراءْ
***
كأن الشمس لم تطلع
على هذا المدى كي لا تضيء الأفق
من نور السنا الوضاءْ
***
إذا كانت خطايانا التي صنعت أيادينا جريمتنا
فما ذنب الصغار الآن؟
يرتشفون طمي النهر
يزدردون عشب الأرض
يلفحهم ظلام الليل
صهد الجوع
والأنواءْ!
_ 5 _
أمر على البلاد الآن يا أبتٍ
البلاد الآن لحن
ليس فيه الروحْ
***
أغاني النهر أسكتها الضجيج الفج
في هذا المدى
المفتوحْ
***
وهذي الأرض يسرح في رباها الدود
يلقف كل ما بذرت أيادينا
سنين القحط تقرأ حزن أعيننا
تقهقه دون أي شروحْ
***
كهوف الظلمة الرعناء يا أبتٍ
تظللنا
ونحن الآن منتظرون
تحملنا
سفينة «نوحْ»!