254 صحفياً استشهدوا في معركة الرواية الفلسطينية في غزة
نيسان ـ نشر في 2025-10-09 الساعة 09:38
نيسان ـ حصيلة غير مسبوقة في تاريخ الحروب لأعداد الصحفيين والإعلاميين الذي ارتقوا في الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ عامين كاملين.
على مدى عامين من حرب الإبادة في غزة، لم يسلم الصحفيون الفلسطينيون من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفتهم بشكل مباشر ومتعمد، وفق شهادات ميدانية وأممية ومنظمات مجتمع مدني، أثناء أداء عملهم الصحافي الميداني.
لا ينبغي أن يكون الصحافي والإعلامي جزءا من القصة الصحفية التي يغطيها، والتي يكتب عنها، لأنه الشاهد وناقل الحقيقة، لكن في فلسطين، وفي قطاع غزة بشكل خاص، يصبح الصحافي الفلسطيني، المحاصر بالموت ورائحة الدمار والدماء والمعاناة والجوع والقصف، جزءاً من المشهد، بل أحيانا هو المشهد بأكمله، حين يكون هو الشهيد أو الجريح أو الأسير والنازح المجوع.
استهداف مباشر لحراس الحقيقة
حتى اليوم اغتال الاحتلال 254 صحفيا منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 27 صحفية، وفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى433 صحفيا أصيبوا و48 اعتقلوا.
ويستهدف جيش الاحتلال بشكل مباشر مراسلي قناة الجزيرة، إذ استشهد بغارات إسرائيلية مباشرة نحو 11 مراسلا ومصورا في القطاع دأبوا على تأدية عملهم الصحفي رغم الإبادة والتجويع والتهجير، فضلا عن إصابة آخرين بجروح خطيرة بنيران إسرائيلية مباشرة.
في وقت استهدفت فيه قوات الاحتلال البنية التحتية الإعلامية في غزة بشكل ممنهج، دمر جيش الاحتلال 12 مؤسسة صحفية ورقية و23 رقمية و11 إذاعة و16 فضائية (منها 4 محلية و12 خارجية)، كما استهدف 5 مطابع كبرى و22 مطبعة صغيرة و5 مؤسسات نقابية وحقوقية معنية بحرية الصحافة، وقصف الاحتلال 53 منزلا لصحفيين ودمرها بالكامل خلال الحرب.
وتقدر خسائر القطاع الإعلامي بأكثر من 800 مليون دولار، ومع ذلك لا تزال 143 مؤسسة إعلامية تواصل عملها رغم القتل والتدمير.
اغتيال يستهدف الحقيقة والشهود
الخسائر البشرية والمادية ليست هي كل الحكاية فاستهداف الصحفيين هو استهداف للحقيقة ومحاولة لفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المشهد الإعلامي ومنع توثيق جرائمه بحق المدنيين، ومنع كشف الحقائق وطمس وإخفاء أي سرد آخر يناقض روايته أمام الرأي العام الدولي.
استهداف متعمد للشهود والمدافعين عن المظلومين والمهمشين رغم ما يتمتعون به من حصانة بموجب القوانين الدولية في سعيهم لتغطية مجريات الحرب في غزة وإيصالها إلى العالم.
لا يتمتع الصحفي بغزة بأية ميزة عن غيره من سكان القطاع فهم يعانون مثل غيرهم في رحلة البحث عن المياه العذبة والطعام ومكان للنوم والحمامات ونقاط الكهرباء لشحن أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف وحتى أبسط وسائل النقل، وهم مهددون بالموت وبالمجاعة والأمراض حالهم حال غالبية السكان.
وتقدر نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن هناك حوالي 1400 صحفي يغطون الأخبار من غزة، منهم 1200 منتسب للنقابة من أصل 3200 في فلسطين.
الحرب الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين
وتقول لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، إن الحرب الإسرائيلية على غزة كانت الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين، إذ سجل مقتل أكبر عدد من الصحفيين خلال عام واحد وفي مكان واحد.
ويفوق عدد الصحفيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة حتى اليوم، عدد الإعلاميين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية خلال 6 سنوات (1939-1945) والتي توصف بأنها الأكثر دموية التي شهدها العالم الحديث، وقتل فيها 69 صحفيا.
وبحسب المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي فإن الاحتلال قتل من الصحفيين في غزة أكثر مما قُتل في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
فيما لقي 63 صحفيا حتفهم خلال الاحتلال الأمريكي لفيتنام الذي استمر قرابة 20 عاما.
وهو ما يفوق عدد الصحفيين الذين قتلوا برصاص وصواريخ الاحتلال منذ عام 2000 وحتى تاريخ اغتيال شيرين أبو عاقلة عام 2022 والبالغ عددهم 50 صحفيا. ويفوق مجموع الصحفيين الذين قتلوا في العالم خلال عامي 2021 و2022، والذين بلغ عددهم 109 صحفيين.
بالإضافة إلى استهدافهم يتعرض الصحفيون للاعتقال والتعذيب والإساءة وتهديدهم بالقتل، وقتل أفراد عائلاتهم.
وتقول منظمة مراسلون بلا حدود، بعد تحقيقاتها، إن القوات الإسرائيلية تتعمد استهداف الصحفيين رغم وضعهم إشارة صحافة على ملابسهم.
منع دخول الصحافة الأجنبية
وليس هذا فقط فالصحافة محظورة من دخول قطاع غزة بعد أن منع الاحتلال المراسلين الأجانب من الدخول منذ العدوان على غزة، ومن يدخل يفرض عليه مرافقة القوات الإسرائيلية، وبالتالي تفرض عليه الرواية والسردية العسكرية الإسرائيلية، ويتحول إلى أداة إعلامية طيعة للاحتلال، مما يعني أن أمر تغطية الحرب ملقى على كاهل الصحفيين الفلسطينيين ممن شردوا وأسرهم بعد تدمير منازلهم.
مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPC) يؤكد في تقرير له بأن دولة الاحتلال ارتكبت خلال الحرب واحدة من أوسع وأبشع الجرائم بحق الصحافة في التاريخ الحديث.
ومع غياب الصحفيين الأجانب في القطاع، يعتمد رواد مواقع التواصل الاجتماعي والكثير من وسائل الإعلام على أصوات محلية لنقل الصورة والفيديو والخبر. كما تستخدم معظم وسائل الإعلام العالمية المحتوى الموجود على صفحاتهم.
لذلك يريد الاحتلال خنق هذه الأصوات وكتمها بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري، وحجب الصورة والرواية الفلسطينية، يريد أن يخفي جرائمه وتوحشه وسادية جنوده وضباطه و قادته.
الصحفي الفلسطيني ضحية الإبادة أيضاً
وهكذا يصبح الصحفي الفلسطيني في غزة هو القصة الصحفية رغماً عنه، فهو جزء من الشعب المنكوب الذي تطارده الطائرات والدبابات والقناصة في كل مكان على امتداد قطاع غزة الجريح الذي خذله ذوي القربة الذين قبلوا دور المشاهد الجبان الذي تحول بصمته إلى متواطئ رغما عنه.
وبحسب حملة دولية تضامنا مع الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة وإدانة للجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحقهم نظمتها مؤسسة “مراسلون بلا حدود” ومنظمة أفاز (Avaaz)، فإنه “بهذا المعدل لقتل الصحفيين على يد الجيش الإسرائيلي لن يتبقى -قريبا- أحد لتغطية أخبار غزة ويُعلمنا بما يجري فيها”، مع منع وصول أي وسيلة إعلام دولية إلى القطاع، ويواصل الاحتلال قتل الصحافيين دون عقاب ودون محاسبة من قبل القضاء الدولي ومن قبل الحكومات.
حتى في الوقت الذي يتضور فيه الصحفيون جوعا، ويفقدون أفراد عائلاتهم، وينامون في الخيام، ويستهدفهم الجيش الإسرائيلي مثل بقية سكان غزة، فقد واصلوا بشجاعة الشهادة على الفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي.
بقوا العدسة المهنية الوحيدة في العالم التي تغطي معاناة الإبادة الجماعية والمجاعة التي تتكشف في غزة.
مصنف في:المقالات
على مدى عامين من حرب الإبادة في غزة، لم يسلم الصحفيون الفلسطينيون من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفتهم بشكل مباشر ومتعمد، وفق شهادات ميدانية وأممية ومنظمات مجتمع مدني، أثناء أداء عملهم الصحافي الميداني.
لا ينبغي أن يكون الصحافي والإعلامي جزءا من القصة الصحفية التي يغطيها، والتي يكتب عنها، لأنه الشاهد وناقل الحقيقة، لكن في فلسطين، وفي قطاع غزة بشكل خاص، يصبح الصحافي الفلسطيني، المحاصر بالموت ورائحة الدمار والدماء والمعاناة والجوع والقصف، جزءاً من المشهد، بل أحيانا هو المشهد بأكمله، حين يكون هو الشهيد أو الجريح أو الأسير والنازح المجوع.
استهداف مباشر لحراس الحقيقة
حتى اليوم اغتال الاحتلال 254 صحفيا منذ بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 27 صحفية، وفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى433 صحفيا أصيبوا و48 اعتقلوا.
ويستهدف جيش الاحتلال بشكل مباشر مراسلي قناة الجزيرة، إذ استشهد بغارات إسرائيلية مباشرة نحو 11 مراسلا ومصورا في القطاع دأبوا على تأدية عملهم الصحفي رغم الإبادة والتجويع والتهجير، فضلا عن إصابة آخرين بجروح خطيرة بنيران إسرائيلية مباشرة.
في وقت استهدفت فيه قوات الاحتلال البنية التحتية الإعلامية في غزة بشكل ممنهج، دمر جيش الاحتلال 12 مؤسسة صحفية ورقية و23 رقمية و11 إذاعة و16 فضائية (منها 4 محلية و12 خارجية)، كما استهدف 5 مطابع كبرى و22 مطبعة صغيرة و5 مؤسسات نقابية وحقوقية معنية بحرية الصحافة، وقصف الاحتلال 53 منزلا لصحفيين ودمرها بالكامل خلال الحرب.
وتقدر خسائر القطاع الإعلامي بأكثر من 800 مليون دولار، ومع ذلك لا تزال 143 مؤسسة إعلامية تواصل عملها رغم القتل والتدمير.
اغتيال يستهدف الحقيقة والشهود
الخسائر البشرية والمادية ليست هي كل الحكاية فاستهداف الصحفيين هو استهداف للحقيقة ومحاولة لفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المشهد الإعلامي ومنع توثيق جرائمه بحق المدنيين، ومنع كشف الحقائق وطمس وإخفاء أي سرد آخر يناقض روايته أمام الرأي العام الدولي.
استهداف متعمد للشهود والمدافعين عن المظلومين والمهمشين رغم ما يتمتعون به من حصانة بموجب القوانين الدولية في سعيهم لتغطية مجريات الحرب في غزة وإيصالها إلى العالم.
لا يتمتع الصحفي بغزة بأية ميزة عن غيره من سكان القطاع فهم يعانون مثل غيرهم في رحلة البحث عن المياه العذبة والطعام ومكان للنوم والحمامات ونقاط الكهرباء لشحن أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف وحتى أبسط وسائل النقل، وهم مهددون بالموت وبالمجاعة والأمراض حالهم حال غالبية السكان.
وتقدر نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن هناك حوالي 1400 صحفي يغطون الأخبار من غزة، منهم 1200 منتسب للنقابة من أصل 3200 في فلسطين.
الحرب الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين
وتقول لجنة حماية الصحفيين الدولية، ومقرها الولايات المتحدة، إن الحرب الإسرائيلية على غزة كانت الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين، إذ سجل مقتل أكبر عدد من الصحفيين خلال عام واحد وفي مكان واحد.
ويفوق عدد الصحفيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة حتى اليوم، عدد الإعلاميين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية خلال 6 سنوات (1939-1945) والتي توصف بأنها الأكثر دموية التي شهدها العالم الحديث، وقتل فيها 69 صحفيا.
وبحسب المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي فإن الاحتلال قتل من الصحفيين في غزة أكثر مما قُتل في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
فيما لقي 63 صحفيا حتفهم خلال الاحتلال الأمريكي لفيتنام الذي استمر قرابة 20 عاما.
وهو ما يفوق عدد الصحفيين الذين قتلوا برصاص وصواريخ الاحتلال منذ عام 2000 وحتى تاريخ اغتيال شيرين أبو عاقلة عام 2022 والبالغ عددهم 50 صحفيا. ويفوق مجموع الصحفيين الذين قتلوا في العالم خلال عامي 2021 و2022، والذين بلغ عددهم 109 صحفيين.
بالإضافة إلى استهدافهم يتعرض الصحفيون للاعتقال والتعذيب والإساءة وتهديدهم بالقتل، وقتل أفراد عائلاتهم.
وتقول منظمة مراسلون بلا حدود، بعد تحقيقاتها، إن القوات الإسرائيلية تتعمد استهداف الصحفيين رغم وضعهم إشارة صحافة على ملابسهم.
منع دخول الصحافة الأجنبية
وليس هذا فقط فالصحافة محظورة من دخول قطاع غزة بعد أن منع الاحتلال المراسلين الأجانب من الدخول منذ العدوان على غزة، ومن يدخل يفرض عليه مرافقة القوات الإسرائيلية، وبالتالي تفرض عليه الرواية والسردية العسكرية الإسرائيلية، ويتحول إلى أداة إعلامية طيعة للاحتلال، مما يعني أن أمر تغطية الحرب ملقى على كاهل الصحفيين الفلسطينيين ممن شردوا وأسرهم بعد تدمير منازلهم.
مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPC) يؤكد في تقرير له بأن دولة الاحتلال ارتكبت خلال الحرب واحدة من أوسع وأبشع الجرائم بحق الصحافة في التاريخ الحديث.
ومع غياب الصحفيين الأجانب في القطاع، يعتمد رواد مواقع التواصل الاجتماعي والكثير من وسائل الإعلام على أصوات محلية لنقل الصورة والفيديو والخبر. كما تستخدم معظم وسائل الإعلام العالمية المحتوى الموجود على صفحاتهم.
لذلك يريد الاحتلال خنق هذه الأصوات وكتمها بالقتل والاعتقال والإخفاء القسري، وحجب الصورة والرواية الفلسطينية، يريد أن يخفي جرائمه وتوحشه وسادية جنوده وضباطه و قادته.
الصحفي الفلسطيني ضحية الإبادة أيضاً
وهكذا يصبح الصحفي الفلسطيني في غزة هو القصة الصحفية رغماً عنه، فهو جزء من الشعب المنكوب الذي تطارده الطائرات والدبابات والقناصة في كل مكان على امتداد قطاع غزة الجريح الذي خذله ذوي القربة الذين قبلوا دور المشاهد الجبان الذي تحول بصمته إلى متواطئ رغما عنه.
وبحسب حملة دولية تضامنا مع الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة وإدانة للجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحقهم نظمتها مؤسسة “مراسلون بلا حدود” ومنظمة أفاز (Avaaz)، فإنه “بهذا المعدل لقتل الصحفيين على يد الجيش الإسرائيلي لن يتبقى -قريبا- أحد لتغطية أخبار غزة ويُعلمنا بما يجري فيها”، مع منع وصول أي وسيلة إعلام دولية إلى القطاع، ويواصل الاحتلال قتل الصحافيين دون عقاب ودون محاسبة من قبل القضاء الدولي ومن قبل الحكومات.
حتى في الوقت الذي يتضور فيه الصحفيون جوعا، ويفقدون أفراد عائلاتهم، وينامون في الخيام، ويستهدفهم الجيش الإسرائيلي مثل بقية سكان غزة، فقد واصلوا بشجاعة الشهادة على الفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي.
بقوا العدسة المهنية الوحيدة في العالم التي تغطي معاناة الإبادة الجماعية والمجاعة التي تتكشف في غزة.
مصنف في:المقالات


