اتصل بنا
 

قمة شرم الشيخ الأردن يرسّخ حضوره في زمن التحوّلات الكبرى

نيسان ـ نشر في 2025-10-14 الساعة 16:59

نيسان ـ قمة شرم الشيخ أكدت أن الحضور الأردني لم يكن مجرد مشاركة، بل موقف دولة تعرف أين تقف ومتى تتكلم.
في زمن التحوّلات الكبرى، ظلّ الأردن ثابتًا على الحق، يحمل القدس في صوته، وفلسطين في بوصلته، والعقل في مواقفه.
اكتسبت قمة شرم الشيخ التي انعقدت أهمية استثنائية في توقيتها ومخرجاتها، إذ لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي بين الزعماء، بل محطة مفصلية في مشهدٍ إقليمي متغيّر يسعى لإعادة رسم توازنات الشرق الأوسط بعد عامٍ مثقل بالصراعات والتوترات. وفي هذا المشهد المعقد، برز الحضور الأردني كأحد أبرز ملامح القمة، بما حمله من وضوح في الموقف وعمق في الرؤية وواقعية في الطرح.
منذ اللحظة الأولى، تعامل الأردن مع القمة باعتبارها فرصة لتثبيت رؤيته تجاه القضية الفلسطينية، لا بوصفها ملفًا سياسيًا فحسب، بل جوهر الأمن الإقليمي ومفتاح الاستقرار الدولي. وقد جاء الخطاب الأردني حاسمًا حين جدّد الملك عبدالله الثاني التأكيد على أن لا سلام ولا استقرار دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، وأن محاولات تجاوز جوهر الصراع أو الالتفاف عليه مصيرها الفشل.
القمة التي خرجت ببيانٍ يؤكد على ضرورة وقف الحرب في غزة وإطلاق مسار سياسي جاد، شكّلت منصة عزّزت الحضور الأردني الإقليمي والدولي. فالمملكة لم تكن مجرّد مشارك، بل صوتًا عاقلًا في زمن المزايدات، حاملةً خطاب التوازن والمسؤولية، ومجدّدةً التذكير بأنّ الوصاية الهاشمية على المقدسات ليست امتيازًا سياسيًا، بل واجبٌ وطني وتاريخي لا يقبل المساومة.
وفي ختام القمة، بدت بصمة الأردن واضحة في صياغة التوجهات الإنسانية والسياسية، إذ دعا إلى مقاربة واقعية لإعادة إعمار غزة، تقوم على تنسيق عربي – دولي مستدام، يضمن أن لا تتحول المساعدات إلى أداة ضغط أو مساومة، وأن تبقى البوصلة نحو حماية المدنيين ورفع المعاناة عنهم.
سياسيًا، أعادت القمة تثبيت موقع الأردن في محور الاعتدال العربي، وعززت دوره كجسرٍ موثوق بين العواصم العربية والمجتمع الدولي. وقد أثبتت الدبلوماسية الأردنية مرة أخرى قدرتها على الجمع بين التمسّك بالثوابت القومية والتحرك البراغماتي الذكي الذي يحافظ على مصالح المملكة وأمنها الوطني دون التفريط بالمبدأ.
لقد خرج الأردن من قمة شرم الشيخ أكثر حضورًا وثقةً واحترامًا، بعد أن رسّخ صورته كدولة تعرف متى ترفع صوتها دفاعًا عن الحق، ومتى تمارس هدوء القوة الدبلوماسية في إدارة الأزمات. وهكذا، أثبتت القمة أن الاعتدال الأردني ليس حيادًا، بل خيارٌ استراتيجي ينبع من قوة الموقف وعدالة القضية وحنكة القيادة.

نيسان ـ نشر في 2025-10-14 الساعة 16:59


رأي: الدكتور معن نصر العليان

الكلمات الأكثر بحثاً