اتصل بنا
 

عن كلاب حراسة الديمقراطية.. شاهد

نيسان ـ نشر في 2025-10-16 الساعة 13:15

عن كلاب حراسة الديمقراطية.. شاهد
نيسان ـ إبراهيم قبيلات
أثناء مشاهدتي للقاء قناة "الحدث" السعودية مع رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر الفلسطينية، أبو سلمان حسني المغني، شدّ انتباهي إصرار القناة الواضح على تأكيد خطها التحريري المعادي لحركة "حماس" .
ولفتني كذلك حجم التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي مع إجابات الشيخ المغني، التي خالفت توقعات القناة. لقد أرادت القناة أن يقول ضيفها كلاما محددا، فقال ما أراده هو ، لا ما أرادته هي.
كانت تلك بمثابة صفعة لإعلام يُصوَّر على أنه يتبنى خطًا مناهضا للمقاومة، أو يركز على انتقاد الوضع الداخلي في غزة. فخرج اللقاء بنتائج مغايرة تماما، خاصة عندما دافع الشيخ المغني عن الإجراءات التي اتخذتها كتائب القسام بحق ما وصفهم بالمليشيات واللصوص.
في الواقع، هذه المساحة ليست دفاعا عن طرف بعينه، بل محاولة لقراءة مشهد إعلامي مشوّه، انكشف أمامنا تماما. لقد انتهى الزمن الذي كنا نتغنى فيه خلال العقود الماضية بـ "حرية الإعلام" و"عرض الرأي والرأي الآخر". اليوم، صار الرأي واحدا، وكل فريق لديه مريدوه. إذا كتبت مقالا تحاول فيه إقناع فئة ما بصحة وجهة نظرك، فلن تفلح في ذلك. كل ما ستفعله هو تعزيز قناعات من هم مقتنعون أساسا بالرأي الذي تقدمه.
بعد السابع من أكتوبر، انكشف الجميع للعامة. كان الأمر واضحا للمتخصصين من قبل، لكنه لم يكن جليا للجميع. أما اليوم، فقد تعرى الإعلام حرفيا. نظرة سريعة على المشهد الإعلامي العربي والعالمي تكشف واقعا مختلفا ومقلقا: لقد أصبح هذا الإعلام مسيَّرا بخطوط سياسية واضحة، حيث يتم الدفاع عن الأجندة أكثر من الدفاع عن الحقيقة.
في الماضي القريب، كانت المؤسسات الإعلامية الكبرى تُصوَّر على أنها "كلاب حراسة للديمقراطية"، ملتزمة – ولو ظاهريا – بميثاق أخلاقي يفرض عليها عرض الرأي والرأي الآخر، حتى لو كان في إطار مشهد زائف. أما اليوم، فقد سقطت حتى هذه الأقنعة. الكل تعرّى، سواء أكانت محطة تلفزيونية ضخمة أم موقعا إلكترونيا رائدا، فجميعها تملك خطا سياسيا ثابتا لا تحيد عنه.
كأننا عدنا إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية. نحن إزاء تفجير لكل المبادئ التي تعلمناها في في الإعلام. وإن كان الكثيرون يرفضون الاعتراف بذلك. إن الاستقطاب السياسي العالمي يعيش حدة غير مسبوقة، من اليمين واليسار في الغرب، إلى المحاور الإقليمية في الشرق. وهذا الاستقطاب يجد صداه طبيعيا في الإعلام، حيث لم تعد هناك مساحة رمادية تذكر؛ فإما أن تكون معنا، أو ضدنا.

نيسان ـ نشر في 2025-10-16 الساعة 13:15

الكلمات الأكثر بحثاً