اتصل بنا
 

الأصول الطبقية لليسار العربي

نيسان ـ نشر في 2015-12-27 الساعة 21:27

x
نيسان ـ

.

محمد قبيلات ... حسب الرؤية المادية التاريخية، هناك طبقة البروليتاريا، وهي طبقة العمال التي تبيع قوّتها في سوق العمل مقابل أجر هو حق لها، تعيده إليها الطبقات المُستغلة، وهو جزء بسيط من فائض القيمة المتحقق من عملية الإنتاج القائم على قوة عضلات هذه الطبقة ومهاراتها وكدّها لساعات عمل طويلة في المصانع والمعامل المملوكة للطبقة البرجوازية.

في المقابل تتشكل طبقة أو فئة اجتماعية نظيرة أطلق عليها ماركس مسمى "البروليتاريا الرثة"، وتتكون من المهمشين، العاطلين من العمل، والمعدمين من الذين لم تستوعبهم السوق، ويفتقدون رعاية الدولة الاجتماعية ، فيعيشون على التسول والسرقة أو جمع النفايات أو التجول والتسكع بتجارات بسيطة أقرب ما تكون للتسول، وغيره من نشاطات لا تكفي لسد الرمق.

الفرق بين الطبقتين من ناحية القابلية للمساهمة في الثورة، أن الطبقة البروليتارية تستطيع ان تنتظم بتشكيل أو تنظيم حزبي أو نقابي أو غيره، بحكم انضواء هؤلاء العمال تحت سقف مصنع واحد، مملوك لعدوهم الطبقي، بينما البروليتاريا الرثة أبعد ما تكون عن التنظيم، وليس لها أي دور في عمليات التغيير، بل إنها تصبح لاحقا عبئا على "مجتمع ما بعد الثورة" بما تحتاجه من عمليات جبارة لتأهيلها في المجتمع.

أما الطبقة الوسطى التي أصبحت تشكل أغلبية عدد السكان بسبب اضطرار الطبقات المستغلة لتقديم تنازلات لها، إضافة الى أسباب تطور الإنتاج وارتفاع منسوب العدالة في توزيع الثروات الوطنية، وتوسع قطاع الخدمات، وزيادة عدد الموظفين في الدولة، وهي بذلك طبقة المصالح المؤقتة، تتشكل لها طليعة من النقابيين والانتلجنسيا والمتقاعدين الكبار وملاك الحيازات العقارية، وتتبنى فكر البرجوازية الصغيرة وتتحلى بصفاتها كاملة، كما أسبغها عليها رواد الفكر الماركسي.

أخيرا، تبقى لدينا الطبقة البرجوازية التي تتكون من كبار الملّاك والتجار والصناعيين ووكلاء الفابريكات العالمية وكبار المسؤولين في الدولة، وتُوصف في الأدبيات الماركسية بالطبقة المُستغِلة التي تعتاش على أرباحها من ثمن وجهد جميع طبقات المجتمع المُستغَلة من قبلها.

لكنها توصف أحيانا بالبرجوازية الوطنية، وذلك في حالات دخول الدولة في صراعات مع أعداء خارجيين.

ومن ضمن تشكيلات هذه الطبقة تظهر فئات طفيلية تعتاش على الوساطات التجارية، ومنها الطبقة الكمبرادورية التي تعتاش على العلاقات مع الخارج، وتقوم بالعمليات الكبيرة لتبادل السلع مع الدول الأخرى، ولا تتسم بالإخلاص الكامل للفكر البرجوازي الوطني بحكم وظيفتها.

والنظير للطبقة الكمبرادورية، هي الكومبرادورية الرثّة، التي تكونت لاحقا من المهربين و"تجار الشنطة"، وعملاء غسيل الأموال ووكلاء التمويل الاجنبي، وبعض المستفيدين من خرق قوانين الجمارك داخل دولهم، أو في دول أخرى، وغالبا ما يقع هؤلاء ضحايا للاستغلال السياسي والتجسسي والتذيّل للأنظمة، بسبب ضعف موقفهم القانوني واعتمادهم على التنقل بين الدول، وليس بالضرورة أن تنتمي هذه الشريحة الى الطبقة البرجوازية، بل ان أصولها قد تنحدر من مختلف الطبقات الاجتماعية.

وبالعودة على بدء، هذه مجرد قراءة لا ترتقي للعلمية المحكمة، بل اعتمدت الوصفية، ولا يحتاج الأمر منا إلا للتأمل في تشكيلة كوادر اليسار العربي، فلن نجد بينهم البروليتاري الحقيقي أو المنتمي للطبقة الوسطى أو البرجوازية الوطنية، بل ما سنجده أنّ جلّهم - مع الأسف- يتحدّرون من الطبقات النظيرة غير الفاعلة في عملية التغيير.

نيسان ـ نشر في 2015-12-27 الساعة 21:27

الكلمات الأكثر بحثاً