اتصل بنا
 

السياحة العلاجية ما زالت الفرصة موجودة.

نيسان ـ نشر في 2025-11-01 الساعة 12:52

نيسان ـ رغم ما يملكه الأردن من سمعة طبية عربية راسخة وكفاءات بشرية تضاهي أرقى الدول، إلا أن بريق السياحة العلاجية بدأ يخفت في السنوات الأخيرة. تراجعٌ لا يعود إلى ضعف في الطبيب الأردني ولا في علمه، بل إلى غياب التكامل في المنظومة التي تحيط به.
فمنذ سنوات، اعتمدنا على مهارة الطبيب وخبرة الجراح، وتركنا بقية عناصر الخدمة تتآكل: مستشفيات لم تُحدّث بما يكفي، أدوات تشخيصية متقادمة، وتمريض هاجر بحثًا عن فرص أفضل، وإجراءات تأشيرات بطيئة تثقل المريض وذويه قبل أن يبدأ العلاج. تركنا كل ذلك بلا إدارة موحدة تنسق الجهود، فسبقنا الآخرون، رغم أننا كنا في المقدمة.
المعادلة ليست سرًّا؛ النجاح في السياحة العلاجية لا يقوم على الطبيب وحده، بل على منظومة متكاملة تبدأ من المطار وتنتهي بابتسامة المريض عند عودته إلى وطنه. يحتاج القادم للعلاج إلى حزمة متكاملة: نقل مريح، إقامة كريمة، دواء بسعر منطقي، ومتابعة بعد الشفاء. يحتاج إلى وضوح في التكلفة، وإلى ثقة بأنه لن يُفاجأ بتعقيدات أو مصاريف مخفية.
الأردن قادر على ذلك وأكثر، إن توحّدت الرؤية وتكاتفت الجهات المعنية: وزارة الصحة، السياحة، الداخلية، والنقل، إضافة إلى القطاع الخاص. المطلوب إنشاء دائرة وطنية للسياحة العلاجية تكون مرجعًا واحدًا ينظم ويخطط ويراقب، ويضع معايير جودة واضحة لكل مستشفى ومركز طبي. دائرة تعمل بذكاء وتفكر خارج الصندوق بعيدا عن البيرقراطية تعمل 24 ساعة في سبع ايام من الأسبوع تعطى صلاحيات لتُعيد الثقة بالمنظومة، وتضمن أن كل مريض يدخل الأردن للعلاج يجد نفسه في بيئة إنسانية منظمة وآمنة.
وفي المقابل، لا بد من استثمار حقيقي في البنية الطبية: تحديث المعدات، دعم الكوادر التمريضية، وخلق حوافز تبقيهم في الوطن بدل البحث عن فرص خارجية. فالعقل الأردني واليد الأردنية حين يجدان التقدير والمستقبل، يُبدعان كما لا يفعل أحد.
كما أننا بحاجة لتسويق ذكي ومدروس وليس تقليدي وتفعيل دور السفارات الأردنية في كل بقاع الأرض لتسويق الأردن كوجهة علاجية وإنسانية، لا كمجرد خيار أقل كلفة. تسويقٌ يبرز قصص النجاح، ومزايا الأمن والاستقرار، وتاريخ الأردن في الطب والخدمة العامة.
نحن لا نفتقر إلى الكفاءات، بل إلى التنظيم والرؤية الطويلة. وعندما تتوحد الجهود في منظومة تحكمها الرقابة، والحوكمة، والتحديث المستمر، فسنستعيد موقعنا الطبيعي: الأردن عاصمة الطب العربي الإنساني والنزيه.
الفرصة ما زالت موجودة، لكنها تنتظر من يلتقطها بعقل منظم، وإرادة تعرف أن الريادة لا تُمنح،بلتُصنع.

نيسان ـ نشر في 2025-11-01 الساعة 12:52


رأي: الدكتور معن نصر العليان

الكلمات الأكثر بحثاً