اتصل بنا
 

هل تجاوز ترامب ذروة قوته بعد الخسائر الكبيرة أمام الديمقراطيين؟

نيسان ـ نشر في 2025-11-09 الساعة 14:38

هل تجاوز ترامب ذروة قوته بعد
نيسان ـ قفزت إلى السطح سلسلة من التصريحات السابقة لأوانها عن نهاية دونالد ترامب السياسية، ومع ذلك فإنه يمكن مسامحة الديمقراطيين على تفسير انتصاراتهم الكبيرة منذ أيام على أنها لمحة من نهاية ترامب، فالأمر لم يقتصر على اكتساح الديمقراطيين الوسطيين والاشتراكيين على حد سواء ـــ في فرجينيا ونيوجيرسي ومدينة نيويورك، وعدد قليل من السباقات الانتخابية في أماكن أخرى ـــ بل تضاعفت انتصاراتهم، بفضل الإقبال الكبير على التصويت.
ويميل الناخبون عادة إلى الانتظار فيما يسمى انتخابات السنوات غير الرسمية، لكن يوم الثلاثاء الماضي توافد الهسبان (الأمريكيون من أصول إسبانية ومن بلدان أمريكا اللاتينية)، والشباب من جميع الأعراق بأعداد كبيرة، ومن الواضح أن ما يفعله ترامب أدى إلى تشكيل ائتلاف مضاد متعدد الأعراق من الطبقة العاملة.
على أية حال يشعر معارضو ترامب ببزوغ فجر محتمل، ففي العام الذي انقضى منذ إعادة انتخابه كان الديمقراطيون يعانون من النسخة المؤسسية من الكساد، ففي ظل استمرار قيادة مجموعة من كبار السن، الذين بدوا في حالة من الضياع أمام جرأة مناورات ترامب، استمر تراجع نسبة تأييد الحزب الديمقراطي.
وظلت هذه النسب منخفضة، ليلة الثلاثاء، عندما حصد مرشحوهم الأصوات، وهذا يفسر بعض الصدمة التي أحدثتها تلك الانتصارات، إذ كيف يمكن لحزب منهك ذي سمعة بهذا التدهور أن يتوج بالفوز؟
الجواب ببساطة هو أن المرشحين وجهوا الأسلحة التي استخدمها ترامب ضده، فقد كان انتصاره على كامالا هاريس عام 2024 متعلقاً في الأساس بالاقتصاد، وخلافاً للأدلة السائدة حولهما استمر جو بايدن، ثم كامالا هاريس، في الإصرار على أن الأمريكيين نادراً ما كانوا في وضعٍ أفضل من ذلك الوضع، وألقوا باللوم في قلة الامتنان، التي أظهرها الجمهور على ضعف التواصل، وقال الديمقراطيون لأنفسهم: «لو استطعنا التعبير بوضوح أكبر عن مدى تحسن حال الناخبين، لصوتوا لنا».
لقد فاز ترامب، لأنه تعهد بإصلاح ما كان يثير غضب الناخبين - خصوصاً التضخم.
علاوة على ذلك وعد بإنهاء عصر الديمقراطيين المتمثل في الإفراط في الوعظ والحديث عن الضمائر والقضايا الأخلاقية، ولذلك جاء إعلانه الكاسح: «كامالا من أجلهم/من أجلهم. الرئيس ترامب من أجلكم». واستوعب الفائزون منذ أيام هذه الدروس جيداً، وركز كل منهم بلا هوادة على الأسعار.
وتحدث زهران ممداني، عمدة نيويورك الجديد، كثيراً بشكل رئيسي عن القدرة على تحمل ارتفاع التكاليف، ورغم أن حلوله أكثر جذرية، بما في ذلك تجميد الإيجارات على مستوى المدينة إلا أن انضباط ممداني في رسالته كان لافتاً للنظر، فعندما سئل يوم الاثنين الماضي عن رده على ادعاء ترامب بأنه أكثر وسامة من المرشح البالغ من العمر 34 عاماً، قال ممداني: «إنني أفضل التركيز على أزمة غلاء المعيشة يا رجل».
وبطريقتين مختلفتين فعلت أبيجيل سبانبرغر وميكي شيريل، الحاكمتان الجديدتان لولايتي فرجينيا ونيوجيرسي، الشيء نفسه، بينما كان تركيز خصم سبانبرغر الجمهوري إلصاق قضية المتحولين جنسياً بها، رغم أنها لم تثرها قط، وهكذا انشغل الجمهوريون في المقابل بخوض حرب ثقافية وهمية.
في الوقت نفسه، بدأ ترامب يشبه بايدن في حديثه، ففي مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» يوم الأحد الماضي قال: «لا يوجد تضخم لدينا. أسعار بقالتنا انخفضت.. ونحن مستعدون للانطلاق بقوة».
ألقى ترامب باللوم في نتائج يوم الثلاثاء على عدم وجود اسمه على ورقة الاقتراع، بينما استطلاعات الرأي عند الخروج من مراكز الاقتراع أظهرت عكس ذلك، حيث يلقي أكثر من 60 % من الأمريكيين باللوم على ترامب فيما يعتبرونه اقتصاداً ضعيفاً،
وهذا التحليل الذي أعقب الانتخابات يضع ترامب في مأزق حقيقي، حيث يجب أن تكون خطوته المنطقية هي الاعتراف بغضب أمريكا من غلاء المعيشة، واتخاذ إجراء حيال ذلك، وأمامه عام كامل للتحرك قبل أن يصدر الناخبون ما قد يكون حكماً أكثر أهمية في انتخابات التجديد النصفي في 2026، فسيطرة الديمقراطيين على الكابيتول هيل ستحول ترامب إلى بطة عرجاء، أو ما هو أسوأ، ويشير أداؤه السابق إلى أنه سيسعى للفوز بأي ثمن، ومع ذلك ليس لديه أمل في الحد من التضخم إذا استمر في حروب التعريفات الجمركية العالمية، ومن الواضح أن الرسوم الجمركية هي الأداة الرئيسية لسياسة ترامب الاقتصادية والخارجية، بل إنه يطلق على نفسه اسم «رجل الرسوم الجمركية».
وربما تكون الصين قد سارعت لإنقاذ ترامب دون قصد، ففي الأسبوع السابق في كوريا الجنوبية أبرم ترامب هدنة لمدة عام مع شي جين بينغ بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وقد استغل ترامب المفعم بالحيوية عاطفته الداخلية ليصنف اتفاقهما بأنه «اثنا عشر من عشرة»، وعلى النقيض من ذلك لم يستطع شي المتجهم أن يجبر نفسه على النظر إلى ترامب، وباستخدامه سلاحاً أقوى - التهديد بحظر تصدير المعادن النادرة الصينية التي لا غنى عنها - تمكن شي من إجبار ترامب على الرضوخ.
ويمتلك ترامب الآن حافزاً قوياً لإعلان انتصارات مماثلة في حروب تجارية أخرى، وفي هذا الصدد،كانت ليلة الثلاثاء أيضاً ليلة جيدة للبرازيل والهند وكندا، وغيرها من الدول التي تعد أهداف غضب ترامب، ولغرابة التوقيت عقدت المحكمة العليا الأمريكية، يوم الأربعاء، جلسات استماع بشأن قانونية حربه الجمركية، فهل كان من قبيل الصدفة أن يبدو القضاة المحافظون جريئين بشكل غير عادي بالتشكيك في ذلك؟ إنهم قد يساعدون ترامب أيضاً دون قصد بإلغاء الرسوم الجمركية.
على أية حال فقد انتهى الفصل الأول من ولاية ترامب الثانية، وسيواصل الموالون له الذين يديرون ما يسمى الوزارات النافذة تنفيذ أهوائه.
توقعوا أن يتم تكثيف أدوار المدعي العام، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ودائرة الهجرة والجمارك، والبنتاغون مع اقتراب موعد انتخابات العام المقبل.
من المرجح أن تعزز نكسة الأيام القليلة الماضي غرائزه كونه رجلاً قوياً، وحدهم السذج من يراهنون على انتخابات منتصف المدة، فمهما كانت ملامح رد فعل ترامب فإن إرادته للسلطة شرسة.
ولأول مرة منذ فترة يعتقد الديمقراطيون أنهم يرون مخرجاً من هذا الوضع الكئيب، وهوامش النصر الكبيرة ستكون بلا شك أفضل سور حماية ضد التدخلات والاحتيال.

نيسان ـ نشر في 2025-11-09 الساعة 14:38

الكلمات الأكثر بحثاً