متوالية تشويه المبادئ: من الماضي إلى الحاضر
عبد الرحمن نجم
كاتب وصحفي اردني
نيسان ـ نشر في 2025-11-22 الساعة 10:38
نيسان ـ إن القارئ في علوم النفس والفلسفة والاجتماع الإنساني والرياضيات والهندسة والتاريخ لَيَكاد يَلْحظ تجاهلًا أقرب إلى التهميش المتعمد لسقراط الفيلسوف الإغريقي ونظرياته، على حين لا يخلو كتاب فيها من الاستشهاد أو الإشارة إلى تلميذه المزعوم أفلاطون بتطويل واستطراد وعظيم تبجيل، فضلًا عن الإشادة لأرسطوطاليس تلميذ الأخير.
لقد صَاغ أفلاطون تعاليمه الفوقية، ودَبَّج “جمهوريته” الخيالية، وشيد “أكاديميته” لفئة دون فئة، زاعمًا أنها وصايا المعلم الشهيد سقراط! وهنا مكمن الغرابة والريبة؛ فسقراط “الفقير” “المتزوج” الذي دعا الناس إلى ترك عبادة آلهة اليونان القديمة، وحُوكم على هذا بشرب السم القاتل؛ جزاءً لكفره وتشكيكه في دين الآباء والأجداد، يَخْلُفه على عرش الفلسفة تلميذه “النبيل” “اللوطي” عابد الأوثان التي كان أستاذه يُشكك في أُلوهيتها، ومات من أجل تشكيكه هذا، إنه لأمر عُجَاب!
لكن القرائن التاريخية المتوفرة تُكذِّب تَلْمَذة أفلاطون لسقراط، وإلى هذا يميل كثير من الباحثين؛ إذ ليس مَقْبولًا لنبيل كأفلاطون يؤمن بضرورة حَبْس العلم عن الرعية أنْ ينزل من عالمه العلوي إلى قارعة الطريق مثل سقراط، ليُجالس الناس، ويُناصحهم، ويُؤاكلهم، ويُعلِّمهم، ولا سيما أن العالم –كما يقول المؤرخون- لم يشهد قومًا أشد انحرافًا في غرائزهم كما اتفق للإغريق؛ ما حَمَلَ عالم الاجتماع د.علي الوردي في كتابه “مهزلة العقل البشري” على أن يقول إن “سقراط قد يكون لوطًا والإغريق قومه”.
ونحن لا يَعْنينا إنْ كان قوم لوط المخسوف بهم هم إغريق اليونان في عصور ما قبل الميلاد، أو الناس الذين سكنوا قارة أتلانتس الضائعة التي لا نعرف الكثير عنها؛ لأن هذه المعرفة المكانية لا تنفعنا في حاضرنا، وحَسْبنا من النفع فيها أن نتدبر عاقبة الأمم المنحرفة عن سبيل الفطرة، وما أدى إلى إهلاكها من الفَعْلات الشاذة.
إنما الذي يَعْنينا في هذا الشأن هو قضية تشويه العقائد أو المبادئ، والدَّسّ عليها بما ليس منها في شيء، ثم نِسبتُها إلى أصحابها مُشوَّهة مَثْلوبة؛ زيادةً في توكيد التضليل، وتثبيت أركانه.
ذلك أننا في ماضينا وحاضرنا لا نزال نشهد يوميًا تشويهًا أفلاطونيًا لسقراط على وجه من الوجوه المجازية؛ ففي الماضي قص علينا القرآن الكريم من خبر أحبار بني إسرائيل -الذين كانوا خُدام المعبد، وحفظة العهد القديم (التوراة) دون الناس في عصرهم- كلامًا يُشَابه هذا الذي نَبْسُط الحديث فيه؛ فلقد طَوَّعت لهم أنفسهم الكذب على الله، والافتراء عليه كما قال تعالى عنهم في مواضع شتى كثيرة في كتابه:
(وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) و(أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) ..إلخ.
كذلك حدثنا القرآن الكريم عن أهل الجاهلية (يُقصد بها معنًى ديني وليس ثقافيًا؛ أي: الحقبة التي لم يكن للعرب فيها كتاب مقدس) الذين لَبَّسوا على غيرهم وثنيتهم؛ جُحودًا وعصبيةً، بأنِ احْتَجُّوا على شِرْكهم بأنه من أوامر الله، يقول الله عز وجل: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون).
وفي الحاضر يضيق المَقَام عن حَصْر أولئك الذي سَوَّلت لهم أنفسهم استبدال الباطل بالحق؛ بكَسْو الأشياء والأفعال أسماء جذابة مُحَبَّبة للأذن:
فالخمور مشروبات روحية، والمواخير دور متعة، والمُومسة بائعة هوى، والدِّياثة عَصْرنة، والتخنث حرية، والربا فوائد بنكية، والتدين تطرف، والعفاف عقدة نفسية، والشهادة انتحار، وانفتاح المجتمعات بانفلات تحضر، والذبح جهاد، واستعمار الشعوب ديمقراطية وتبادل ثقافي، والحِلْم جبن، والاحتشام إرهاب، والرشوة إكرامية، والتبرج تمدن، وهز الخصر فن، والظلم عدل كما قال قاسم أمين: “أعرف قضاةً حكموا بالظلم؛ ليشتهروا بين الناس بالعدل”.
وفي الجملة، فإن العقائد الصالحة والمبادئ السامية أحوج ما يكون أصحابها أن يعوا ثلاث قواعد؛ الأولى: التاريخ يكتبه القوي -كما ذهب إلى ذلك ابن خلدون في “المقدمة” وكثيرون- ومنطق التأريخ يضعه كاتبه الغالب، فيَدُس عليه ما شاء إظهاره، ويُشوه أو يُسقط عنه ما شاء إخفاءه.
إنه الأمر الذي فات بعض فلاسفة المسلمين الذين ترجموا عن اليونان فلسفتهم كما هي، دون أن يَعْلموا حكاية “السفسطائيين” أصحاب المنطق الاجتماعي المتواضع، ونهايتهم على يد “الأفلاطونيين” أصحاب المنطق الرياضي المتعالي.
فلم يعد غريبًا بعد هذا أن ترى الفارابي وقد بَهَره أفلاطون يقول: “أفلاطون في ثوب محمد صلى الله عليه وسلم”! أما ابن رشد فسماه “الفيسلوف الإلهي”! إنه لَأَمر مخجل أن نقرأ مثل هذه النعوت السخية على مَنْ لا يستحقها في وجود مَن يستحقها!
وعلى هذا عَلَّق المستشرق أوليري بقوله: “إن المفكرين المسلمين اعتبروا المنطق الأرسطوطاليسي مكملًا للقرآن”! وهذا أشد غرابةً، وأجلب للدهشة.
والثانية: لا بد من نشر المبادئ السامية على الناس وتدوينها في عصر التكنولوجيا؛ لئلا يكتبها عن أصحابها غيرهم، فيُحرِّفوها عن فكر أصحابها؛ فتُنْسَب لأصحابها وليست لأصحابها، ولقد أخطأ أولئك الذين قالوا إن “المبادئ لا تموت”، فالمبادئ لا جرم تموت إن قَصَّر حَمَلتها عن نشرها شفاهية وكتابة.
إن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن الكريم دون سائر الكتب السماوية؛ لأنه كتاب ناسخ غير منسوخ، فكونه للعالمين اقتضى أنْ يتعهد الله بحمايته من التحريف والتغيير، ورغم ذلك رأينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل نشوب القتال في بدر يدعو بدعاء غريب له دلالة اجتماعية: “اللهم إنْ تَهْلِك هذه العصابة لا تُعْبَد في الأرض أبدًا”، كأنه كان يريد الأخذ بأسباب بقاء الإسلام بحياة أصحابه، فرهن بقاء الإسلام ببقاء أصحابه.
والحَقُّ أن موت الأتباع كفيل بوأد المذاهب والمبادئ مهما بلغت عظمتها، ولولا ذلك ما تكفل الله بحفظ آخر كتبه، والمسلمون جميعًا يعلمون اليوم أنهم يقرؤون القرآن قراءة جبريل نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم نفسها على أصحابه وذلك رغم مرور أكثر من 1400 عام.
ولكن هذا لا يَنْسحب يقينًا على كتب البشر غير المعصوم أصحابها، وغير المتكفل حفظها من الله، ولذا رأينا الإمام الشافعي يقول: “الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به”.
والثالثة: النص التاريخي المقدس الوحيد الذي لم يُخالطه زَيْف قط إنما هو ما أتى القرآن على ذكره، ونحن نعلم أن الله أرسل أنبياء ورسلًا إلى الأمم من قبل، ولكنا لسنا نعلم على وجه التحديد عددهم وأسماءهم، فإذا قرأنا قوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) قطعنا أن الأمم الإنسانية كان فيها أنبياء ورسل كثر ربما بلغوا عدد الأمم نفسها، أو زادوا عليها باعتبار أن كثيرًا من أنبياء بني إسرائيل تعاصروا في الوقت نفسه.
ونحن نفهم من الآية كذلك أن ثمة أنبياء جاؤوا في التاريخ بأسماء مجردة من صفة النبوة، ولكنا لم نر لهم ذكرًا في كتب التاريخ، أو بعبارة أخرى أُسقط ذكرهم، وكأن كَتَبة التاريخ تعمدوا إخفاءهم عنا، فهل يكون كونفوشيوس وبوذا وغيرهما من المصلحين الاجتماعيين نبيين؟
اللهُ أعلم حيث يَجْعَلُ رسالتَه.
مصنف في:المقالات
لقد صَاغ أفلاطون تعاليمه الفوقية، ودَبَّج “جمهوريته” الخيالية، وشيد “أكاديميته” لفئة دون فئة، زاعمًا أنها وصايا المعلم الشهيد سقراط! وهنا مكمن الغرابة والريبة؛ فسقراط “الفقير” “المتزوج” الذي دعا الناس إلى ترك عبادة آلهة اليونان القديمة، وحُوكم على هذا بشرب السم القاتل؛ جزاءً لكفره وتشكيكه في دين الآباء والأجداد، يَخْلُفه على عرش الفلسفة تلميذه “النبيل” “اللوطي” عابد الأوثان التي كان أستاذه يُشكك في أُلوهيتها، ومات من أجل تشكيكه هذا، إنه لأمر عُجَاب!
لكن القرائن التاريخية المتوفرة تُكذِّب تَلْمَذة أفلاطون لسقراط، وإلى هذا يميل كثير من الباحثين؛ إذ ليس مَقْبولًا لنبيل كأفلاطون يؤمن بضرورة حَبْس العلم عن الرعية أنْ ينزل من عالمه العلوي إلى قارعة الطريق مثل سقراط، ليُجالس الناس، ويُناصحهم، ويُؤاكلهم، ويُعلِّمهم، ولا سيما أن العالم –كما يقول المؤرخون- لم يشهد قومًا أشد انحرافًا في غرائزهم كما اتفق للإغريق؛ ما حَمَلَ عالم الاجتماع د.علي الوردي في كتابه “مهزلة العقل البشري” على أن يقول إن “سقراط قد يكون لوطًا والإغريق قومه”.
ونحن لا يَعْنينا إنْ كان قوم لوط المخسوف بهم هم إغريق اليونان في عصور ما قبل الميلاد، أو الناس الذين سكنوا قارة أتلانتس الضائعة التي لا نعرف الكثير عنها؛ لأن هذه المعرفة المكانية لا تنفعنا في حاضرنا، وحَسْبنا من النفع فيها أن نتدبر عاقبة الأمم المنحرفة عن سبيل الفطرة، وما أدى إلى إهلاكها من الفَعْلات الشاذة.
إنما الذي يَعْنينا في هذا الشأن هو قضية تشويه العقائد أو المبادئ، والدَّسّ عليها بما ليس منها في شيء، ثم نِسبتُها إلى أصحابها مُشوَّهة مَثْلوبة؛ زيادةً في توكيد التضليل، وتثبيت أركانه.
ذلك أننا في ماضينا وحاضرنا لا نزال نشهد يوميًا تشويهًا أفلاطونيًا لسقراط على وجه من الوجوه المجازية؛ ففي الماضي قص علينا القرآن الكريم من خبر أحبار بني إسرائيل -الذين كانوا خُدام المعبد، وحفظة العهد القديم (التوراة) دون الناس في عصرهم- كلامًا يُشَابه هذا الذي نَبْسُط الحديث فيه؛ فلقد طَوَّعت لهم أنفسهم الكذب على الله، والافتراء عليه كما قال تعالى عنهم في مواضع شتى كثيرة في كتابه:
(وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) و(أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) ..إلخ.
كذلك حدثنا القرآن الكريم عن أهل الجاهلية (يُقصد بها معنًى ديني وليس ثقافيًا؛ أي: الحقبة التي لم يكن للعرب فيها كتاب مقدس) الذين لَبَّسوا على غيرهم وثنيتهم؛ جُحودًا وعصبيةً، بأنِ احْتَجُّوا على شِرْكهم بأنه من أوامر الله، يقول الله عز وجل: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون).
وفي الحاضر يضيق المَقَام عن حَصْر أولئك الذي سَوَّلت لهم أنفسهم استبدال الباطل بالحق؛ بكَسْو الأشياء والأفعال أسماء جذابة مُحَبَّبة للأذن:
فالخمور مشروبات روحية، والمواخير دور متعة، والمُومسة بائعة هوى، والدِّياثة عَصْرنة، والتخنث حرية، والربا فوائد بنكية، والتدين تطرف، والعفاف عقدة نفسية، والشهادة انتحار، وانفتاح المجتمعات بانفلات تحضر، والذبح جهاد، واستعمار الشعوب ديمقراطية وتبادل ثقافي، والحِلْم جبن، والاحتشام إرهاب، والرشوة إكرامية، والتبرج تمدن، وهز الخصر فن، والظلم عدل كما قال قاسم أمين: “أعرف قضاةً حكموا بالظلم؛ ليشتهروا بين الناس بالعدل”.
وفي الجملة، فإن العقائد الصالحة والمبادئ السامية أحوج ما يكون أصحابها أن يعوا ثلاث قواعد؛ الأولى: التاريخ يكتبه القوي -كما ذهب إلى ذلك ابن خلدون في “المقدمة” وكثيرون- ومنطق التأريخ يضعه كاتبه الغالب، فيَدُس عليه ما شاء إظهاره، ويُشوه أو يُسقط عنه ما شاء إخفاءه.
إنه الأمر الذي فات بعض فلاسفة المسلمين الذين ترجموا عن اليونان فلسفتهم كما هي، دون أن يَعْلموا حكاية “السفسطائيين” أصحاب المنطق الاجتماعي المتواضع، ونهايتهم على يد “الأفلاطونيين” أصحاب المنطق الرياضي المتعالي.
فلم يعد غريبًا بعد هذا أن ترى الفارابي وقد بَهَره أفلاطون يقول: “أفلاطون في ثوب محمد صلى الله عليه وسلم”! أما ابن رشد فسماه “الفيسلوف الإلهي”! إنه لَأَمر مخجل أن نقرأ مثل هذه النعوت السخية على مَنْ لا يستحقها في وجود مَن يستحقها!
وعلى هذا عَلَّق المستشرق أوليري بقوله: “إن المفكرين المسلمين اعتبروا المنطق الأرسطوطاليسي مكملًا للقرآن”! وهذا أشد غرابةً، وأجلب للدهشة.
والثانية: لا بد من نشر المبادئ السامية على الناس وتدوينها في عصر التكنولوجيا؛ لئلا يكتبها عن أصحابها غيرهم، فيُحرِّفوها عن فكر أصحابها؛ فتُنْسَب لأصحابها وليست لأصحابها، ولقد أخطأ أولئك الذين قالوا إن “المبادئ لا تموت”، فالمبادئ لا جرم تموت إن قَصَّر حَمَلتها عن نشرها شفاهية وكتابة.
إن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن الكريم دون سائر الكتب السماوية؛ لأنه كتاب ناسخ غير منسوخ، فكونه للعالمين اقتضى أنْ يتعهد الله بحمايته من التحريف والتغيير، ورغم ذلك رأينا النبي صلى الله عليه وسلم قبل نشوب القتال في بدر يدعو بدعاء غريب له دلالة اجتماعية: “اللهم إنْ تَهْلِك هذه العصابة لا تُعْبَد في الأرض أبدًا”، كأنه كان يريد الأخذ بأسباب بقاء الإسلام بحياة أصحابه، فرهن بقاء الإسلام ببقاء أصحابه.
والحَقُّ أن موت الأتباع كفيل بوأد المذاهب والمبادئ مهما بلغت عظمتها، ولولا ذلك ما تكفل الله بحفظ آخر كتبه، والمسلمون جميعًا يعلمون اليوم أنهم يقرؤون القرآن قراءة جبريل نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم نفسها على أصحابه وذلك رغم مرور أكثر من 1400 عام.
ولكن هذا لا يَنْسحب يقينًا على كتب البشر غير المعصوم أصحابها، وغير المتكفل حفظها من الله، ولذا رأينا الإمام الشافعي يقول: “الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به”.
والثالثة: النص التاريخي المقدس الوحيد الذي لم يُخالطه زَيْف قط إنما هو ما أتى القرآن على ذكره، ونحن نعلم أن الله أرسل أنبياء ورسلًا إلى الأمم من قبل، ولكنا لسنا نعلم على وجه التحديد عددهم وأسماءهم، فإذا قرأنا قوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) قطعنا أن الأمم الإنسانية كان فيها أنبياء ورسل كثر ربما بلغوا عدد الأمم نفسها، أو زادوا عليها باعتبار أن كثيرًا من أنبياء بني إسرائيل تعاصروا في الوقت نفسه.
ونحن نفهم من الآية كذلك أن ثمة أنبياء جاؤوا في التاريخ بأسماء مجردة من صفة النبوة، ولكنا لم نر لهم ذكرًا في كتب التاريخ، أو بعبارة أخرى أُسقط ذكرهم، وكأن كَتَبة التاريخ تعمدوا إخفاءهم عنا، فهل يكون كونفوشيوس وبوذا وغيرهما من المصلحين الاجتماعيين نبيين؟
اللهُ أعلم حيث يَجْعَلُ رسالتَه.
مصنف في:المقالات
نيسان ـ نشر في 2025-11-22 الساعة 10:38
رأي: عبد الرحمن نجم كاتب وصحفي اردني


