اتصل بنا
 

حظر ترامب لـ”الإخوان” سيدخل في مسار قانوني معقد

نيسان ـ نشر في 2025-11-29 الساعة 10:27

نيسان ـ دعونا لكي نفهم ما يجري ونربط الأمور بعضها ببعض، نقدم هذه الجزئية:
نتنياهو يريد حظر الإخوان المسلمين، ويقصد بذلك، الحركة الإسلامية الشمالية بقيادة الشيخ رائد صلاح المعادية له والتي تركز عملها على حماية المسجد الأقصى والمجتمع الفلسطيني في أراضي 1948، ولا يمانع نتنياهو في بقاء الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة عضو الكنيست منصور عباس عضو الكنيست، لأنه يحقق أهدافه وأغراضه من خلال وجوده بالمشهد الإسرائيلي.
في أوروبا الوضع معقد، فالإسلاميون يقيمون شبكة واسعة من المنظمات والهيئات من خلال واجهات مختلفة كالمراكز الثقافية والتعليمية والاجتماعية والجمعيات الخيرية، وتتلقى أحيانا تمويلا حكوميا من الدول الأوروبية، ولم يسبق أن اتهموا بممارسة العنف في دول الاتحاد الأوروبي.
لندخل في الموضوع الأمريكي، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تريد التخلص من مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) ليس لأنه حركة عنيفة أو “إسلام سياسي”، وإنما لأنه يعارض توجهات ترامب خصوصا ما يتعلق بالمهاجرين والإسلاموفوبيا، وأيضا لموقفه التاريخي منذ تأسيسها من اللوبي الصهيوني، وفي خطوة أيضا تستبق انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
لم يتمكن دونالد ترامب، في ولايته الأولى من تصنيف “الإخوان المسلمين”، منظمة “إرهابية أجنبية”، لأنه لا يوجد كيان محدد باسم “الإخوان المسلمين” في أمريكا، ويحتاج إلى دعائم وأدلة، لكنه يعيد فتح الملف من جديد، معلنا أن الوثائق النهائية بشأن القرار “قيد الإعداد”، وستكون “بأقوى وأشد العبارات”.
هل يستطيع ترامب أن يصنف الإخوان “جماعة إرهابية” هذه المرة؟
قرار ترامب جاء مباشرة بعد إصدار حاكم ولاية تكساس الجمهوري الصهيوني جريج أبوت، قرارا صنف بموجبه “الإخوان المسلمين”، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية المعروف اختصارا “كير”، “تنظيمات إرهابية أجنبية”، و”منظمات إجرامية عابرة للحدود الوطنية”.
ورغم أن ترامب رضخ في ولاياته الأولى لضغط زعيم دولة عربية لإدراج الإخوان ضمن قائمة “الإرهاب”، لكنه لم يواصل العملية لرفض المؤسسة العسكرية “البنتاغون” ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق ريكس تيلرسون.
المستشارون القانونيون يحذرون من أن التصنيف سيعقد العلاقات الدبلوماسية الأمريكية في دول رئيسية حليفة، مثل تركيا وقطر، وقد يزعزع الاستقرار في دول تشارك فيها فروع “الجماعة” في العمل السياسي بشكل سلمي، ويقتصر عملها في دول أخرى على المجال الاجتماعي.
لكن مع إعلان ترامب، وبضغط أعضاء من الكونغرس، على وزارة الخارجية، يعتقد البعض أن إدارة ترامب، “جادة هذه المرة”، مستندين بذلك إلى إعلان وزير الخارجية ماركو روبيو، بأن الأمر ” قيد الإعداد، لكن العملية كانت طويلة ودقيقة، لأن الجماعة لديها العديد من الفروع والشركات التي يجب فحصها بشكل فردي”، بحسب روبيو.
ويقود الحملة السيناتور الجمهوري تيد كروز، المتعصب للكيان الصهويني، حيث تقدم بمشروع قانون لمجلس الشيوخ زاعما أن “الفرع الفلسطيني للجماعة هو حركة حماس”، مدعيا أنها “جماعة إرهابية ارتكبت أكبر مذبحة لليهود منذ الهولوكوست”.
وتغذي مراكز البحث الغربية والإسرائيلية التوجه نحو تصنيف الإخوان “إرهابية”، ورغم دعوة “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، واشنطن لتصنيف “الإخوان منظمة إرهابية” إلا أنها اعترفت في تقريرها أن “فروع جماعة الإخوان في أمريكا وأوروبا ترفض استخدام العنف”.
خلال حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على غزة، شنت الأذرع الإعلامية والسياسية والأكاديمية الإسرائيلية حملة واسعة ضد الجماعة.
وتعتمد مشروعات دول أوروبية ومقدمي المشروعات الأمريكية، على حظر “الجماعة” في بلدها الأم، مصر، إلى جانب إدراجها بالسعودية، والإمارات، والبحرين، كـ”منظمة إرهابية” ثم حظر الأردن أنشطة الجماعة. وذلك رغم أن دولا أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا الذين لا تصنفان “الإخوان جماعة إرهابية”، ويعيش آلاف المنتمين لـ”الجماعة” على أراضيهما بشكل قانوني.
على الجانب الآخر، يدفاع الكثيرون بأن “الإخوان” كجماعة عامة، وفروع تابعة لها؛ لم تتورط بشكل مباشر في أعمال “إرهابية”، أو جرائم عنف في أي من البلدان التي تتواجد فيها عبر مؤسسات رسمية مقننة، يتم مراجعة أعمالها بشكل دوري من قبل الجهات الرقابية بتلك الدول.
وفي بريطانيا، وعام 2014، وبضغوط عربية، طلب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، مراجعة أنشطة “الجماعة”، ليصدر العام التالي تقرير “جون جنكينز” الذي لم يرق لأن تستند عليه لندن لتصنيف ” الجماعة إرهابية”، حيث اكتفت بمراقبة أنشطتها من كثب.
“كير” لا تبدو في موقف الدفاع حتى الآن رغم أنها رفعت دعوى قضائية ضد حكومة تكساس، متهمة حاكم الولاية جريج أبوت، بـ”التعصب ضد المسلمين”، قائلة إنه من أتباع “إسرائيل أولا”، ويساهم في “تأجيج الهستيريا المعادية للمسلمين المنتقدين للحكومة الإسرائيلية”. وهي ستخوض معركة قضائية طويلة ضد إدارة ترامب التي تواجه سيلا من القضايا أمام المحاكم الأمريكية في ملفات أخرى مثل الهجرة.
القرار في حال اعتماده سيجرم التعاملات المالية مع “الجماعة” وأفرادها داخل الولايات المتحدة، مع تجميد أصولهم وممتلكاتهم، وبجانب احتمال الملاحقة بتهمة تقديم الدعم لـ”منظمة إرهابية”.
الحظر سيفاقم من عزلة “الإخوان” السياسية والمالية دوليا، ويحد قدرتها على الحركة والتواصل، خاصة مع تجميد الموارد المالية وما يتبعه من صعوبة بتحويل الأموال، وتلقي تبرعات عبر القنوات المصرفية الرسمية خوفا من الملاحقة الأمريكية، لكنها على الصعيد الجماهيري قد تستفيد بحكم كراهية شعوب العالم للسياسة الخارجية الأمريكية خصوصا دورها المباشر في الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

نيسان ـ نشر في 2025-11-29 الساعة 10:27


رأي: علي سعادة

الكلمات الأكثر بحثاً