اتصل بنا
 

الحكومة على الإعلام

نيسان ـ نشر في 2025-12-08 الساعة 11:26

نيسان ـ بين حين وآخر يكتشف إعلامي بالصدفة جيوب فقر وتهميش، فينشر، ويستغرب الناس ويتفاعلون وتتفاعل الحكومة، ثم يخبو التفاعل، حتى يأتي اعلامي آخر فيكتشف ما اكتشفه صاحبه، فيرتفع التفاعل قليلاً ثم يخبو ثانية، ويستمر الإعلام باكتشاف جيوب الفقر أو أخطاء في البنية التحتية أو غيرها، ويرتفع التفاعل أياماً، ولكن يبقى الواقع كما هو..
كان التفاعل يتصاعد عبر الشاشات فقط، وكذلك الحكومة لم تتعدَّ الشاشات الى الواقع، وكأنها شخص يقلب المقاطع المصورة!! فتتفاعل برأس أصفر دامع، ثم تمضي في ما خُطط لها متناسبة دورها في تحسين واقع المواطن عبر خطط مدروسة تنهض به.
الفرق بين وسيلة الإعلام والحكومة هو في طبيعة دور كل منهما، فدور وسائل الاعلام ينحصر في اصطياد مادة للنشر والانتشار لتزيد المشاهدات وتوصل صفحتها الى جمهور أكثر "ترند"، ودور الإعلام الأكبر هو تحفيز الحكومة للقيام بدورها، وهذا هو صلب العمل الصحفي..
أما دور الحكومة فهو التقاط ما سلط الإعلام عليه الضوء، وتباشر في وضع الحلول ومعالجة الخلل من جذوره وليس من قشوره.. فلا يجوز للحكومة أن تتصرف كوسيلة إعلام، لأنها صاحبة الولاية وتملك كوادر منتشرة في كل مكان تابعة لها يتقاضون أجراً من موازنة الدولة وبالتالي من الضرائب التي يدفعها الشعب، وصلب عملها هو معرفة أحوال المواطنين لإعطائهم حقهم وتحسين حياتهم، بمعنى إعطاؤهم حقوق المواطنة غير منقوصة، من البنية التحتية والخدمات ..الى ما تستطيعه من خدمات ترفيهية.
وجود حكومة لا يعني أنها تعتني بالجوانب الأمنية وحل نزاعات الناس فقط، بل حل نزاعات الناس يكون في توفير بيئة آمنة من خلال إعطاء كل ذي حق حقه، وتمكين المواطن من العيش الآمن بتوفير سبل العيش الكريم، والاعتناء بالمواطن في جميع نشاطات الوزارات، نشاطات تعني كل وزارة تقوم بدورها على أكمل وجه، دون أن تنشط إعلامياً دون نتائج على الأرض، يلمس أثرها المواطن، وتنعكس على حياته وبالتالي على قوة الدولة، لأن المواطن المسحوق يُضعف أول ما يضعف الدولة..!!
أنا لا أقول أن تتخلى الحكومة عن الجانب الإعلامي، وتنشغل بعملها دون استعراض إعلامي.. لكن لا تدمن الاستعراض دون نتائج تعود على المواطن!! والاستعراض غير المرغوب هو الاستعراض الفردي لمسؤول يحاول أن يتألق بمواقف ليجاري جيل الشباب ويركب موجتهم، وتتداول صورته مواقع التواصل ليحصد انتشاراً واسعاً في بلده، والأصل أن يتألق بالقيام بدوره على أكمل وجه، ويجعل الشباب يقدرونه ويُخلد في ذاكرة الأجيال بأنه قدم لهم ولبلده أيادٍ لا تنسى ولا تقشّعها رياح مواقع التواصل، بل تبقى في ذاكرة الوطن بناءً يبقى للحاضر والمستقبل!!!.
الحكومة المؤثرة والمتألقة وصاحبة الانتشار الواسع الذي لا ينتهي هي حكومة لا "يضبعها الإعلام" ترتهن له وتظل تلاحق "الترندات" وتنسى عملها على الأرض ونتائجه على حياة المواطن.. إلى أن ترتطم بحدث يعيد لها وعيها، بعد أن يكون الوقت قد انتهى والعودة إلى الواقع تصبح مستحيلة...!!!

نيسان ـ نشر في 2025-12-08 الساعة 11:26


رأي: صابر العبادي

الكلمات الأكثر بحثاً