ما سر إقبال الشباب في ألمانيا على الإسلام؟
نيسان ـ نشر في 2025-12-10 الساعة 12:44
فوفقا للتقرير الأخير الصادر عن الشعبة الداخلية للمخابرات الألمانية ، "يستخدم مؤثرون متطرفون وسائل التواصل الاجتماعي بمهارة لنشر أفكارهم المتطرفة بين الشباب ويستغلون منصات مثل تيك توك وإنستغرام لاجتذاب المراهقين من خلال محتوى سريع وبسيط ومشوق.هؤلاء (المراهقون) يتفاعلون مع هذا المحتوى ويشاركونه دون الإدراك بأنهم يرتكبون جرائم يعاقب عليها القانون"
هذه الظاهرة لا تقلق المخابرات الألمانية وحسب، بل إنها تقلق أيضا 2750 مسجدا ومئات المراكز الإسلامية التي تحرص على عدم ترك شباب وشابات مثل لِيا وإيفا وماكس فريسة سهلة للمتطرفين.
دراسة فريدة من نوعها أشرفت عليها المؤسسة المختصة تشير إلى أن غالبية المساجد (480 مسجدا) والمراكز (أكثر من 100 مركز) التي شملها المسح كثّفت في الأعوام الماضية استخدامها وسائل التواصل الاجتماعي (تيك توك وإنستغرام وإكس) من أجل الوصول إلى المهتمين علما أن فيسبوك يأتي في المرتبة الأولى من ناحية الاستخدام.
وخلصت الدراسة إلى أن معظم المساجد والمراكز بدأت بالتوجه إلى مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للتواصل مع الجمهور أثناء انتشار وباء كورونا وإلى أن لمعظمها نظرة إيجابية إلى دور السوشيال ميديا لا سيما "فيسبوك" في التواصل علما أنها تشتكي من نقص الموارد المالية والخبرات والبنية التحتية اللازمة.
ورغم ذلك يستطيع مهتمون مثل لِيا وإيفا وماكس من خلال زيارة مواقع هذه المساجد والمراكز الحصول على معلومات موثوقة باللغة الألمانية حول كل ما يتعلق بالإسلام.
حقائق وأرقام:
ـ يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا 5.5 ملايين شخص (قرابة النصف يحملون الجنسية الألمانية).
ـ المسلمون يشكلون 6.6% من العدد الإجمالي لسكان ألمانيا البالغ 83.5 مليون نسمة). أي أن المسلمين يشكلون ثاني أكبر مجموعة دينية بعد المسيحيين.
ـ 52% منهم رجال و48% نساء.
ـ متوسط أعمار المسلمين 32 عاما (متوسط الأعمار في ألمانيا 44 عاما).
ـ 45% منهم ينحدرون من تركيا و27% من بلدان عربية و19% من جنوب شرق أوروبا 9% من أفغانسان وإيران.
ـ قرابة 75% منهم سُنة، بينما تبلغ نسبة الشيعة 4% والعلويين 8%.
ـ "المسلمون الجدد": لا توجد أرقام رسمية حول أعداد المتحولين إلى الإسلام في ألمانيا. بحسب دراسات تتراوح أعداد هؤلاء بين 10 آلاف و100 ألف، بينما تقدر هذه المصادر إسلام من ألفين شخص إلى 4 آلاف في العام.
المصدر: مؤتمر الإسلام (Islam-konferenz) التابع للحكومة الألمانية
الخبراء يتحدثون عن ظاهرة جديدة ويسجلون ارتفاعا كبيرا في أعداد الشابات والشبان الذين يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تعريف المتابعين بتجاربهم الشخصية وفي بعض الأحيان دعوتهم لبدء رحلة البحث عن الذات وعن إجابات عن أسئلة بدؤوا لِتَوّهم بالبحث عنها.
فما دور الإعلام الجديد في تعزيز ظاهرة إقبال الشباب الألماني على الإسلام؟وما أسباب هذا التحول ومن يُقبل أكثر على الإسلام الرجال أم النساء؟وهل للحرب في غزة أي دور في تعزيز الظاهرة؟وكيف يتعامل محيط "المسلمين الجدد" والمجتمع مع هذا التحول؟ولأن العلاقة مع الإسلام تعتبر من أكثر القضايا إثارة للجدل في المجتمع الألماني وفي جميع المجتمعات الغربية، ارتأت الجزيرة نت الإضاءة على جميع هذه الأسئلة من خلال أخذ رأي مختصين اثنين ونقل رأيهما إلى المركز الألماني الإسلامي في برلين
البروفسور فيليكس كورنر والباحث محمد منصور دوغان من كرسي نيكولاس كوزانوس لعلم الأديان في جامعة هومبولت ببرلين يتفقان على دور وأهمية مواقع التواصل الاجتماعي في لفت انتباه الأجيال الشابة إلى الإسلام، ولكنهما يختلفان على بعض التفاصيل.
البروفسور فيليكس كورنر (واقفا) والباحث محمد منصور دوغان من كرسي نيكولاس كوزانوس لعلم الأديان في جامعة هومبولت ببرلين (كرسي نيكولاس كوزانوس في جامعة هومبولت)يقول دوغان إنه "يلاحظ أن مواقع التواصل أصبحت بمثابة منصة لعرض التجارب الشخصية والروحانية وتحديدا منصة "تيك توك" التي تمنح الشباب مساحة لمشاركة تجاربهم الشخصية مع الدين بشكل علني وغالبا ما يكون ذلك بشكل عاطفي وقريب من القلب".
ورغم أن الخوارزميات ـبحسب دوغانـ "تولي في الغالب أهمية للعاطفة على حساب العمق"، فإنه لا يريد التقليل من أهمية دور السوشيال ميديا في ذلك، لأنها "توفر لبعض الشباب فرصة للاهتمام لأول مرة بأسئلة تتعلق بمغزى الحياة والأخلاق والمجتمع".
البروفيسور كورنر يرى أن هناك تحولات بخصوص القناعات الدينية من كلا الاتجاهين. فبينما يجد البعض في هذه المواقع طريقهم إلى الإسلام، يقترب آخرون من المسيحية.
في الوقت ذاته، يعتبر كورنر أن استخدام وسائل التواصل كمنصة لعرض القناعات الدينية أمر "مبالغ فيه وصاخب وغير مناسب للتحول الروحي العميق، لأن التعامل مع الدين يتطلب الهدوء والصبر والمزيد من العمق الروحاني".
الموقع المختص في علم الاجتماع (Sozialwissenschaft) يضع دور مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثرين بخصوص زيادة الإقبال بين الشباب على اعتناق الإسلام في المرتبة الثالثة.
ويقول إن منصة مثل "تيك توك" يقدم الإسلام للشباب كنمط حياة عصري ويجيب بأسلوب شبابي عن جميع أسئلتهم المتعلقة بحياتهم اليومية.
ولكن "تيك توك" يقدم أيضا أسبابا أخرى لإقبال الشباب على الإسلام في ألمانيا مثل البحث عن مغزى الحياة وعن الانتماء وعن هوية جامعة، حسب موقع (Sozialwissenschaft).
الجزيرة


