اتصل بنا
 

منخفض جوي

نيسان ـ نشر في 2025-12-11 الساعة 13:01

نيسان ـ كانوا يهتمّون بمتابعة ثلاثة مواضيع على الأكثر. الأول: إن كان هناك خطاب أو أي ظهور لـ"أبو عبدالله" جلالة الملك حسين رحمه الله؛ فكل مناسبة أو قول له يأخذ حيزًا ليلتئذ من تعليلتهم، فيُدلي كلٌ منهم بما سمع عنه في حياته من قصص ومواقف إنسانية وشخصية.
الثاني: كان المسلسل، وخاصة إن كان البطل روحي الصفدي، ولطالما سمعت الجدات يعبّرن عن إعجابهن بهيبته وطلته البدوية الفريدة ...
أما الثالث: حالة الطقس — وكلمة "طقس" جديدة هنا — يطلبون منا الصمت والتوقف عن لعب "حاكم جلاد" حتى يسمعوا النشرة الجوية. يصخّون السمع، يريدون التأكّد: منخفض قطبي أم قبرصي؟ ولا أدري حتى الآن ما الفارق بين المنخفضين وكيف كانوا في ذلك الزمن يفرّقون هم بينهما. يتدخّلون في النشرة، "يتناقرون" مع الراصد الجوي، الأستاذ علي عبنده رحمه الله... يطلبون منه من خلف الشاشة أن يدع "الأنتيل" الذي يؤشّر به على الخارطة...: "حط عصاك... واعطنا الزبدة عاد". يرتفع صوت أحدهم فوق أصوات الجميع:"قبطي" ... قبطكم البين قبط....." يتدخل آخر: "كله سوالف يا رجل... لا 'قبطي' ولا مبطي... ليش هم يعرفون أكثر من الله؟ دخيل ربنا شلون يشتي علينا.. بس".
تمجّ جدّة غليونَها مردفة: "الدنيا ناوية على خير، أشوى اللي طشّينا القمحات بكير..." تردّ أخرى: " من أمس اشترينا برميل كاز... ملعونين الوالدين... كيف خلّوا كل شي نار؟ مِن قال يارب يصير البرميل بخمستعش نيرة وفوقهن نيرتين لسلامة.. أجار السيارة..." يتمتم آخر: "يوم الجمعة ندفت 'البكم' — ندف حطب من مزرعة الولجي... قطعوا شجر ليوم الشجر ..."
تنتهي قصة نوع المنخفض وتوقّعاتهم. الكاز واجد.. وصوبيّة البواري عامرة، واللي من الله حياه الله.
تنتهي النشرة الجوية وبالكاد نكون كصغار قد لقطنا بعض تعليقاتهم عليها. تقول جدّتي: " قومي نامي... كيف العيل يا ربي صاير 'يساهر الولادات'؟"... يصلني وأنا في الفراش صوت أبو حابس وهو يعد عليهم قصيدة "يا مربي الضان يا مهّوّي... تركض وركضك على الفاضي.. يبلاّك بمنخفض جوي.. يجيكوالعلفقاضي."

نيسان ـ نشر في 2025-12-11 الساعة 13:01


رأي: ميسر السردية

الكلمات الأكثر بحثاً