اتصل بنا
 

جيمي ديمون: هذه المهارات ستحمي وظيفتك في عصر الذكاء الاصطناعي

نيسان ـ نشر في 2025-12-16 الساعة 12:41

جيمي ديمون: هذه المهارات ستحمي وظيفتك
نيسان ـ في لحظة يتسارع فيها التحول الرقمي على نحو غير مسبوق، أطلق جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي مورجان تشيس واحداً من أكثر تصريحاته وضوحاً وجرأة حول مستقبل سوق العمل. فمع تزايد حضور الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الكبرى، يرى ديمون أن العالم يقف اليوم أمام حقبة جديدة ستعيد تشكيل مفهوم العمل نفسه، وستجبر الدول والشركات والأفراد على إعادة ترتيب أولوياتهم المهنية والمعرفية.
ورغم أن التوقعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي غالباً ما تميل نحو التفاؤل أو المبالغة، فإن تصريحات ديمون جاءت متوازنة فهو لا يقرع جرس الإنذار من أجل التخويف، بل لعرض واقع يتبلور تدريجياً، واقع لن يختفي فيه الإنسان من بيئة العمل، بل سيُطلب منه أن يتحوّل ويتطوّر.
ويؤكد جيمي ديمون أن المهارات القادرة على حماية الوظائف في المرحلة المقبلة يأتي على رأسها التفكير النقدي، والإبداع، والذكاء العاطفي، والقدرة على التواصل والتعبير بوضوح، إضافة إلى المرونة وسرعة التعلّم، إلى جانب امتلاك فهم أساسي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي مما يتيح للعاملين التعامل بوعي مع الأدوات الرقمية بدل أن يحلّوا محلها.
ثورة غير مرئية: وظائف تتلاشى ومهن جديدة تولد
بحسب ديمون، فإن اختفاء بعض الوظائف لم يعد احتمالاً نظرياً، بل مساراً حتمياً يتسارع مع كل ابتكار تقني جديد. الأعمال التي تعتمد على التكرار، أو التي يمكن تحويلها إلى إجراءات رقمية، ستكون أول المتأثرين. وتشمل هذه الفئة طيفاً واسعاً من الوظائف الإدارية والمحاسبية وأعمال خدمة العملاء والعديد من المهام المكتبية التقليدية.
لكن مقابل هذا التراجع، يشير ديمون إلى جانب آخر لا يقل أهمية، فالذكاء الاصطناعي، رغم قدرته على الاستحواذ على المهام، يخلق في المقابل فرصاً مهنية جديدة تتطلب مهارات أعلى، وأكثر إنسانية، وأعمق فهماً للتكنولوجيا. هذه المفارقة هي التي ستحدد شكل المنافسة في السنوات المقبلة، حيث لن يكون النجاح في “القيام بالمهام” فحسب، وإنما في فهم مستقبلها أيضاً
المهارات الإنسانية… السلاح الذي لا يفقد قيمته
يوضح ديمون أن التحول القادم يفرض على العاملين اكتساب مجموعة من المهارات التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقليدها بالكامل. وعلى رأس هذه المهارات يأتي التفكير النقدي، باعتباره أحد أهم الأدوات التي تتيح للموظف تحليل المشكلات واتخاذ القرارات الصائبة في مواقف معقدة. فالآلة قد تتفوق في المعالجة، لكنها لا تفهم السياق ولا تعيد تقييم الأمور بمرونة العقل البشري.
إلى جانب ذلك، تبرز القدرة الإبداعية كخط دفاع أساسي. فالإبداع، بحسب ديمون، ليس مجرد مهارة، بل هو القيمة التي تميّز الإنسان عن الخوارزميات. إذ يستطيع البشر خلق أفكار جديدة، والربط بين عناصر متباعدة، وصياغة حلول غير تقليدية، وهو ما لا تزال أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إليه على الرغم من تطورها.
أما الذكاء العاطفي، فيحتل مكانة محورية في المستقبل المهني. فالتعامل مع البشر، وإدارة الفرق، وفهم الدوافع والمخاوف، والتواصل الفعّال… كلها مهارات لا يمكن أتمتتها. وتحتاج المؤسسات إلى أشخاص يستطيعون قيادة الآخرين خلال التحولات، وليس فقط متابعة التقنيات.
وتشمل المهارات كذلك قوة التعبير والكتابة، التي باتت ضرورية في عالم يعتمد على التواصل السريع والمباشر. القدرة على تقديم الفكرة بوضوح وإقناع، أصبحت اليوم من أهم العوامل المؤثرة في تقييم الموظفين.
المهارات التقنية
ورغم أن عدداً كبيراً من الموظفين قد لا يرغبون في التحول إلى مجالات تقنية بحتة، يؤكد ديمون أن امتلاك معرفة تقنية أساسية لم يعد خياراً. فالعمل في المستقبل، مهما كان مجاله، سيتطلب فهماً لأساسيات الذكاء الاصطناعي، وللطرق التي تعمل بها البيانات، وللأدوات الرقمية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من بيئات العمل الحديثة.
القدرة على التكيف
في ختام رؤيته، يشدّد ديمون على أن العالم يدخل مرحلة من التحولات المتسارعة، حيث تتغير الوظائف والمهن بوتيرة أسرع من قدرة الأنظمة التعليمية التقليدية على مواكبتها. ومن هنا، يصبح التكيف السريع مهارة مركزية، بل شرطاً أساسياً للنجاح. فالموظف القادر على التعلم السريع، وتغيير مساره وفق احتياجات السوق، سيكون في موقع متقدم مقارنة بغيره، وفقا لموقع"cnbc".
الرسالة الأعمق
لا يرى ديمون أن الذكاء الاصطناعي تهديد للبشر، بل هو فرصة لإعادة بناء بيئة العمل بشكل أكثر كفاءة وإبداعاً. لكنه في الوقت نفسه يحذر من أن هذا المستقبل لن ينتظر أحداً. فالفجوة بين من يتعلم ومن يتجمد في مكانه ستتسع، وسوق العمل لن يكافئ سوى أولئك الذين يستثمرون في تطوير أنفسهم.
وبينما يستعد العالم لهذه القفزة، تبقى الحقيقة التي يكررها ديمون واضحة وهي أن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الإنسان… بل سيستبدل الإنسان الذي لا يريد أن يتطور.

نيسان ـ نشر في 2025-12-16 الساعة 12:41

الكلمات الأكثر بحثاً