الإدارة المحلية في الأردن (الداء والدواء)
نيسان ـ نشر في 2025-12-16 الساعة 17:03
نيسان ـ أستاذ القانون الإداري والإدارة المحلية في الجامعات الأردنية
في خضم الحديث عن تعديل قانون الإدارة المحلية والسباق المحموم بين الورش والندوات والمؤتمرات لتشخيص الداء وتقديم الدواء، أضع بين أيديكم خلاصة معرفتي وخبرتي بهذا الشأن، فعلاوة على كوني متخصص في القانون الإداري والإدارة المحلية ولي العديد من المؤلفات والأبحاث في هذا المجال، أتاحت لي الظروف أن أكون قريبا من مطبخ القرار عند بلورة فكرة اللامركزية في الأردن بثوبها الجديد عام 2014 وما تلاه، إذ عملت خبيرا قانونيا لإحدى الجهات أتيح لي من خلالها العمل مع مجلس النواب والحكومة معا لإصدار قانون اللامركزية، والذي صدر فعلا عام 2015، وقد تيقنت حينها أنه لا أحد يدرك مفهوم اللامركزية الإدارية الإقليمية أو الإدارة المحلية أو حقيقتها، وأن الهدف كان هو إصدار قانون لأجل إصدار القانون، وليس لتحقيق فكرة اللامركزية على أرض الواقع كما يجب أن تكون، وحينها عملت الحكومة على إخراج الموضوع من خلال نظام مستقل وفقا للمادة (120) من الدستور على غرار نظام التشكيلات الإدارية الذي كان يأخذ بالمجالس الاستشارية في المحافظات، لتحل مجالس المحافظات من خلال النظام الجديد محل المجالس الاستشارية مع المحافظة على عدم استقلاليتها وارتباطها بوزارة الداخلية، وابقائها ذات طبيعة استشارية بمسمى جديد، ولكن هذا اصطدم بكون المادة (120) من الدستور تنظم مسائل تدخل في صميم الإدارة المركزية وليس اللامركزية، وبالتالي لا تصلح أن تكون أساسا دستوريا للامركزية، فتم صرف النظر عن ذلك والتوجه نحو إصدار قانون بذلك، لكن مع المحافظة على ذات الفكرة، وهي ارتباط مجالس المحافظات بوزارة الداخلية وابقائها ذات طاع استشاري، وكان هذا واضحا من مناقشات اللجنة المشتركة بمجلس النواب آنذاك (الإدارية والقانونية)، إذ كانت ترفض مسألة استقلالية هذه المجالس عن السلطة المركزية وترفض منحها الشخصية الاعتبارية بداية الأمر، وكأن هذا متفق عليه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويؤكد ذلك محاولة السلطة التشريعية التملص من إنشاء مجالس محافظات مستقلة بقانون، ومن قبيل ذلك حاولت الاستعانة بالمحكمة الدستورية لعلها توافقها الرأي من خلال تفسير نص المادة (121) من الدستور الأردني، التي تعد الأساس الدستوري للإدارة المحلية في الأردن، وبناءً على قرار مجلس النواب المتخذ في جلسته السابعة عشرة من الدورة العادية الثانية والمنعقدة بتاريخ 17/3/2015 تم الطلب من المحكمة الدستورية تفسير المقصود بعبارة "ومناهج إدارتها" الواردة في المادة (120) من الدستور وما إذا كانت تعني أنه يجوز أن تنظم شؤون الإدارة الحكومية والمحلية بقانون وليس بنظام، وتفسير عبارة "المجالس المحلية" الواردة في المادة (121) من الدستور وعما إذا كانت تعني المجالس البلدية والقروية، وهل يمتد ذلك إلى أي مجلس محلي غير المجالس البلدية والقروية المنصوص عليها في هذه المادة والتي يتم تنظيمها بقوانين. إلا أن تفسير المحكمة الدستورية جاء واضحا وصريحا بجواز إنشاء مجالس محافظات بقانون وفقا للمادة (121) من الدستور. فجاء في قرارها "تجد المحكمة أن عبارة "المجالس المحلية" كما وردت في المادة (121) من الدستور قد جاءت عامة و مطلقة لتشمل المجالس البلدية والقروية وأية مجالس محلية أخرى، وبالتالي فإنه يتوجب أن لا تفسر هذه العبارة تفسيرا ضيقا لتنحصر بالمجالس البلدية والقروية فقط، بل يجوز أن يمتد نطاقها لتشمل أية وحدات أو مجالس محلية أخرى إذا اتجهت نية المشرع إلى منح هذه الوحدات أو المجالس الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويكون عنصر الانتخاب جزءا من تشكيل مجالس إدارتها، ما دامت هذه الوحدات والمجالس المحلية تخضع لرقابة الإدارة المركزية ضمن إطار الوصاية الإدارية بحدودها الواردة في متن هذا القرار". وبالرغم من صراحة القرار التفسيري والزاميته للسلطة التشريعية، إلا أن الإصرار على عدم استقلالية مجالس المحافظات ظل قائما، وتجسد ذلك برفض مجلس الامة (الأعيان تحديدا)منح مجالس المحافظات الشخصية الاعتبارية مع ما يتبع ذلك من استقلال مالي وإداري، فعند مناقشة مشروع قانون اللامركزية لسنة 2015 وتم إقرار مشروع القانون من قبل مجلسي النواب والأعيان باعتبار أن مجالس المحافظات جزء من السلطة المركزية وترتبط تحديدا بوزارة الداخلية ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، (طبعا مجلس الاعيان رفض ما قدمه مجلس النواب في مشروع القانون من منح الشخصية الاعتبارية لمجالس المحافظات، وهو ما أقره المجلسان لاحقا بجلسة مشتركة)، وعلى هذا الأساس تمت صياغة نصوص مشروع القانون فيما يتعلق باختصاصات مجالس المحافظات، ووسائل ممارسة هذه الاختصاصات، وتنظيم شؤونها المالية ومصادر تمويلها باعتبارها جزء من السلطة المركزية، ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتم رفع مشروع القانون آنذاك لجلالة الملك للتصديق عليه، إلا أن جلالة الملك رفض التصديق على مشروع القانون، "إذ أمر جلالة الملك، واستنادا إلى الصلاحيات المخولة لجلالته، وبموجب الفقرة الثالثة من المادة (93) من الدستور، برد مشروع قانون اللامركزية لسنة 2015، بعد إقراره من قبل مجلس الأمة ، وذلك لأن الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع القانون المشار إليه لا تتوافق والقرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية الموقرة رقم (1) لسنة 2015، والمستوفي لشروطه الدستورية، مما يسمُها بعدم الدستورية، ويجعلها مخالفة لإحكام المادة (121) من الدستور". وعند الاستجابة للإرادة الملكية برفض مشروع القانون اكتفى مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب بإضافة العبارة التالية لعجز الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع القانون "ويتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري". لتصبح الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015 والذي تمت المصادقة عليه لاحقا بعد التعديل من جلالة الملك على النحو التالي "يكون لكل محافظة مجلس يسمى (مجلس المحافظة) يتألف من عدد من الأعضاء ويتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري". إلا أن أي من نصوص القانون الأخرى لم يطلها أي تعديل وكلها جاءت متوافقة مع كون مجالس المحافظات لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية وما يتبعها من استقلال مالي وإداري، فصدر القانون مشوها، فهو يمنح مجالس المحافظات الشخصية الاعتبارية من جهة، إلا أن نصوصه تصادر ذلك وتبقي على هذه المجالس كجزء من السلطة المركزية من جهة أخرى، وتم كشف ذلك عند تطبيق القانون في الدورة الأولى لمجالس المحافظات من عام 2017 حتى عام 2021، فكانت هذه المجالس مُكبَّلة إداريا وماليا رغم تمتعها الصوري بالشخصية الاعتبارية، فوجدنا أنفسنا أمام نموذج هجين من التنظيم الإداري (هايبرد)، فهو لامركزي بالاسم، ومركزي بالفعل والمضمون، وعند محاولة تفادي الصعوبات والعقبات التي واجهت التجربة الأولى لمجالس المحافظات لم يتم التطرق أو البحث في أساس المشكلة، بل تم البحث عن حلول شكلية تجميلية، فتم تغيير اسم القانون ليصبح الإدارة المحلية بعد إلغاء قانوني البلديات واللامركزية، وتم ربط مجالس المحافظات بوزارة الإدارة المحلية بدلا من وزارة الداخلية، وتم إعادة النظر بتركيبة وتشكيل مجالس المحافظات لينظم أعضاء معينين بحكم المنصب بالإضافة للمنتخبين، وأمور شكلية أخرى، وجاء كل ذلك في قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021، الذي لم يعالج أساس وأسباب المشكلة، بل عالج بعض آثارها، وبقينا أمام مجالس محافظات هجينة دخيلة على التنظيم الإداري الأردني، تندرج بالاسم تحت الإدارة المحلية، وهي بالفعل جزء من الإدارة المركزية، وهذا ما دعا الجميع للإقرار بعدم نجاح فكرة اللامركزية في الأردن لغاية الآن، واللافت للنظر أنه وحتى يومنا هذا نجد أن معظم الحلول المطروحة والتعديلات المقترحة لقانون الإدارة المحلية لا تلامس جوهر المشكلة، وإنما تُجمِّل آثارها، فمشكلتنا ليست في عمر عضو المجلس أو مؤهلة العلمي، ولا في جنسه ذكر أو انثى، ولا في فئته شباب أو من كبار السن، ولا في تعيين أو انتخاب رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات، مشكلتنا أننا نتعاطى مع الإدارة المحلية كما نريد، لا كما يجب أن تكون.
في خضم الحديث عن تعديل قانون الإدارة المحلية والسباق المحموم بين الورش والندوات والمؤتمرات لتشخيص الداء وتقديم الدواء، أضع بين أيديكم خلاصة معرفتي وخبرتي بهذا الشأن، فعلاوة على كوني متخصص في القانون الإداري والإدارة المحلية ولي العديد من المؤلفات والأبحاث في هذا المجال، أتاحت لي الظروف أن أكون قريبا من مطبخ القرار عند بلورة فكرة اللامركزية في الأردن بثوبها الجديد عام 2014 وما تلاه، إذ عملت خبيرا قانونيا لإحدى الجهات أتيح لي من خلالها العمل مع مجلس النواب والحكومة معا لإصدار قانون اللامركزية، والذي صدر فعلا عام 2015، وقد تيقنت حينها أنه لا أحد يدرك مفهوم اللامركزية الإدارية الإقليمية أو الإدارة المحلية أو حقيقتها، وأن الهدف كان هو إصدار قانون لأجل إصدار القانون، وليس لتحقيق فكرة اللامركزية على أرض الواقع كما يجب أن تكون، وحينها عملت الحكومة على إخراج الموضوع من خلال نظام مستقل وفقا للمادة (120) من الدستور على غرار نظام التشكيلات الإدارية الذي كان يأخذ بالمجالس الاستشارية في المحافظات، لتحل مجالس المحافظات من خلال النظام الجديد محل المجالس الاستشارية مع المحافظة على عدم استقلاليتها وارتباطها بوزارة الداخلية، وابقائها ذات طبيعة استشارية بمسمى جديد، ولكن هذا اصطدم بكون المادة (120) من الدستور تنظم مسائل تدخل في صميم الإدارة المركزية وليس اللامركزية، وبالتالي لا تصلح أن تكون أساسا دستوريا للامركزية، فتم صرف النظر عن ذلك والتوجه نحو إصدار قانون بذلك، لكن مع المحافظة على ذات الفكرة، وهي ارتباط مجالس المحافظات بوزارة الداخلية وابقائها ذات طاع استشاري، وكان هذا واضحا من مناقشات اللجنة المشتركة بمجلس النواب آنذاك (الإدارية والقانونية)، إذ كانت ترفض مسألة استقلالية هذه المجالس عن السلطة المركزية وترفض منحها الشخصية الاعتبارية بداية الأمر، وكأن هذا متفق عليه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويؤكد ذلك محاولة السلطة التشريعية التملص من إنشاء مجالس محافظات مستقلة بقانون، ومن قبيل ذلك حاولت الاستعانة بالمحكمة الدستورية لعلها توافقها الرأي من خلال تفسير نص المادة (121) من الدستور الأردني، التي تعد الأساس الدستوري للإدارة المحلية في الأردن، وبناءً على قرار مجلس النواب المتخذ في جلسته السابعة عشرة من الدورة العادية الثانية والمنعقدة بتاريخ 17/3/2015 تم الطلب من المحكمة الدستورية تفسير المقصود بعبارة "ومناهج إدارتها" الواردة في المادة (120) من الدستور وما إذا كانت تعني أنه يجوز أن تنظم شؤون الإدارة الحكومية والمحلية بقانون وليس بنظام، وتفسير عبارة "المجالس المحلية" الواردة في المادة (121) من الدستور وعما إذا كانت تعني المجالس البلدية والقروية، وهل يمتد ذلك إلى أي مجلس محلي غير المجالس البلدية والقروية المنصوص عليها في هذه المادة والتي يتم تنظيمها بقوانين. إلا أن تفسير المحكمة الدستورية جاء واضحا وصريحا بجواز إنشاء مجالس محافظات بقانون وفقا للمادة (121) من الدستور. فجاء في قرارها "تجد المحكمة أن عبارة "المجالس المحلية" كما وردت في المادة (121) من الدستور قد جاءت عامة و مطلقة لتشمل المجالس البلدية والقروية وأية مجالس محلية أخرى، وبالتالي فإنه يتوجب أن لا تفسر هذه العبارة تفسيرا ضيقا لتنحصر بالمجالس البلدية والقروية فقط، بل يجوز أن يمتد نطاقها لتشمل أية وحدات أو مجالس محلية أخرى إذا اتجهت نية المشرع إلى منح هذه الوحدات أو المجالس الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويكون عنصر الانتخاب جزءا من تشكيل مجالس إدارتها، ما دامت هذه الوحدات والمجالس المحلية تخضع لرقابة الإدارة المركزية ضمن إطار الوصاية الإدارية بحدودها الواردة في متن هذا القرار". وبالرغم من صراحة القرار التفسيري والزاميته للسلطة التشريعية، إلا أن الإصرار على عدم استقلالية مجالس المحافظات ظل قائما، وتجسد ذلك برفض مجلس الامة (الأعيان تحديدا)منح مجالس المحافظات الشخصية الاعتبارية مع ما يتبع ذلك من استقلال مالي وإداري، فعند مناقشة مشروع قانون اللامركزية لسنة 2015 وتم إقرار مشروع القانون من قبل مجلسي النواب والأعيان باعتبار أن مجالس المحافظات جزء من السلطة المركزية وترتبط تحديدا بوزارة الداخلية ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، (طبعا مجلس الاعيان رفض ما قدمه مجلس النواب في مشروع القانون من منح الشخصية الاعتبارية لمجالس المحافظات، وهو ما أقره المجلسان لاحقا بجلسة مشتركة)، وعلى هذا الأساس تمت صياغة نصوص مشروع القانون فيما يتعلق باختصاصات مجالس المحافظات، ووسائل ممارسة هذه الاختصاصات، وتنظيم شؤونها المالية ومصادر تمويلها باعتبارها جزء من السلطة المركزية، ولا تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتم رفع مشروع القانون آنذاك لجلالة الملك للتصديق عليه، إلا أن جلالة الملك رفض التصديق على مشروع القانون، "إذ أمر جلالة الملك، واستنادا إلى الصلاحيات المخولة لجلالته، وبموجب الفقرة الثالثة من المادة (93) من الدستور، برد مشروع قانون اللامركزية لسنة 2015، بعد إقراره من قبل مجلس الأمة ، وذلك لأن الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع القانون المشار إليه لا تتوافق والقرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية الموقرة رقم (1) لسنة 2015، والمستوفي لشروطه الدستورية، مما يسمُها بعدم الدستورية، ويجعلها مخالفة لإحكام المادة (121) من الدستور". وعند الاستجابة للإرادة الملكية برفض مشروع القانون اكتفى مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب بإضافة العبارة التالية لعجز الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع القانون "ويتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري". لتصبح الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون اللامركزية رقم (49) لسنة 2015 والذي تمت المصادقة عليه لاحقا بعد التعديل من جلالة الملك على النحو التالي "يكون لكل محافظة مجلس يسمى (مجلس المحافظة) يتألف من عدد من الأعضاء ويتمتع بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري". إلا أن أي من نصوص القانون الأخرى لم يطلها أي تعديل وكلها جاءت متوافقة مع كون مجالس المحافظات لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية وما يتبعها من استقلال مالي وإداري، فصدر القانون مشوها، فهو يمنح مجالس المحافظات الشخصية الاعتبارية من جهة، إلا أن نصوصه تصادر ذلك وتبقي على هذه المجالس كجزء من السلطة المركزية من جهة أخرى، وتم كشف ذلك عند تطبيق القانون في الدورة الأولى لمجالس المحافظات من عام 2017 حتى عام 2021، فكانت هذه المجالس مُكبَّلة إداريا وماليا رغم تمتعها الصوري بالشخصية الاعتبارية، فوجدنا أنفسنا أمام نموذج هجين من التنظيم الإداري (هايبرد)، فهو لامركزي بالاسم، ومركزي بالفعل والمضمون، وعند محاولة تفادي الصعوبات والعقبات التي واجهت التجربة الأولى لمجالس المحافظات لم يتم التطرق أو البحث في أساس المشكلة، بل تم البحث عن حلول شكلية تجميلية، فتم تغيير اسم القانون ليصبح الإدارة المحلية بعد إلغاء قانوني البلديات واللامركزية، وتم ربط مجالس المحافظات بوزارة الإدارة المحلية بدلا من وزارة الداخلية، وتم إعادة النظر بتركيبة وتشكيل مجالس المحافظات لينظم أعضاء معينين بحكم المنصب بالإضافة للمنتخبين، وأمور شكلية أخرى، وجاء كل ذلك في قانون الإدارة المحلية رقم (22) لسنة 2021، الذي لم يعالج أساس وأسباب المشكلة، بل عالج بعض آثارها، وبقينا أمام مجالس محافظات هجينة دخيلة على التنظيم الإداري الأردني، تندرج بالاسم تحت الإدارة المحلية، وهي بالفعل جزء من الإدارة المركزية، وهذا ما دعا الجميع للإقرار بعدم نجاح فكرة اللامركزية في الأردن لغاية الآن، واللافت للنظر أنه وحتى يومنا هذا نجد أن معظم الحلول المطروحة والتعديلات المقترحة لقانون الإدارة المحلية لا تلامس جوهر المشكلة، وإنما تُجمِّل آثارها، فمشكلتنا ليست في عمر عضو المجلس أو مؤهلة العلمي، ولا في جنسه ذكر أو انثى، ولا في فئته شباب أو من كبار السن، ولا في تعيين أو انتخاب رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات، مشكلتنا أننا نتعاطى مع الإدارة المحلية كما نريد، لا كما يجب أن تكون.
نيسان ـ نشر في 2025-12-16 الساعة 17:03
رأي: أ.د حمدي القبيلات


