اتصل بنا
 

داعش

أديب أردني

نيسان ـ نشر في 2015-12-30 الساعة 12:45

نيسان ـ

لا أعرف لِمَ الاستغراب من هذه الكثرة الداعشيّة الموجودة في مجتمعاتنا ولم تنضو فعليا تحت رايات التنظيم بعد، ومن تلك الكثرة التي إنضوت فعليا للتنظيم؟!

هذه التنظيمات تنشأ في اللادول عادةً وتهاجم اللادول أيضًا، كالجراثيم الضارة التي تهاجم الجسد ذا المناعة الضعيفة وتنشأ به بالضرورة، الدواعش موجودون من قرون بيننا وإن اختلفت التسميات، فالسلطة السياسيّة العربيّة هي داعش، والسلطة الدينيّة العربيّة هي داعش، والسلطة الاجتماعيّة هي داعش، هذه السلطات الثلاث داعشيّة وإن اختلفت التسميّات.

الحقيقة انني لم أستغرب أبدًا من نشأة هذه التنظيمات ولن أستغرب، فمن منّا لا يعاني إذا ناقش في الدين أو في أيّ موضوع خلافي في هذه المجتمعات؟ مَنْ منّا لا يعاني من النبذ من الأكثريّة الساحقة، وليس بالضرور أن تكون هذه الأكثريّة متدينة وتقوم بواجباتها الدينيّة مثل الصوم والصلاة، منْ منّا لا يعاني ومنذ زمان بعيد، خصوصًا إذا كان ذا فكر واضح ومبدأ واضح لا يحيد عنه بسهولة، لا يعاني من هذا الفصام الغريب العجيب؟

تجدهم يسكرون أمامك ويغشوّن في العمل، وكلّ يوم يمارسون الرذائل، افتح أمامهم أي موضوع في الدين وناقشه بأسلوبٍ ليس تقليديًا، تراهم يتحولون مباشرةً إلى أنبياء !

هؤلاء الفصاميون أصدفُهم في مجتمعي، وحتى الذين يعيشون في الغرب المتحضر، فلقد حدّثني أخي المغترب في أوروبا عن نفس الإشكال، قال إن الأكثريّة العربيّة هناك لا مشكلَ عندها أن تشرب الخمر، وأن تدخل بيوت وعلب الليل، لكن ما إنْ تفتح أمام الواحد منهم موضوعا في الدين حتى تثور ثائرته، كذلك حدّثني صديقي الذي يعيش في أمريكيا عن نفس الإشكال، قال إنّ العرب يمارسون هناك كلّ شيءٍ لا أخلاقيّ وما إن ناقشتهم في الدين حتى تثور ثائرتهم أيضًا، وليس هم بالضرورة من الفقراء، بل إن بعضهم من أصحاب الملايين.

إذاً، هؤلاء جميعا هم دواعش، أو ينتظرون الفرصة، هؤلاء هم الذين يجلسون معك يوميًا حتى لو لم تعتقد أنهم من الممكن أن يلتحقوا بالجماعات الإرّهابيّة.

هذه نتائج طبيعيّة لسوء مناهج التعليم والتربيّة، هذه نتائج طبيعيّة لمجتمعات تقرأ خارج المنهاج ربع صفحة سنويًا، هذه نتائج طبيعيّة لتحالف الدينيّ مع السياسيّ، وتحالف السياسيّ مع الدينيّ، هذه نتائج طبيعيّة للبطالة الفعليّة والمقنعة أيضًا، فالذين يعملون ولا يُنتجون هم أسوأ حالاً من المعطلين عن العمل، فمن هو مشغول بعمله ليس لديه الوقت للانضمام لداعش أو حتى تأييدها.

هذه نتائج طبيعيّة لمجتمعات لا فرق بينَ غنيّها وفقيرها، فالفقراء يعانون الضحالة الفكرية، والأغنياء ليسو بالأحسن حالا، هذه نتائج طبيعيّة في مجتمعات لا فرق بين متعلميها وأميّيها.

الفئتان حينما تناقشهما يظهران ثقافة سطحيّة لا توفر لهما المناعة الكافيّة من أن تكونا إرهابيتين، فلم الإستغراب؟!

نيسان ـ نشر في 2015-12-30 الساعة 12:45

الكلمات الأكثر بحثاً