اتصل بنا
 

منتخب يتفوق على الحكومة

كاتب أردني مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية- نيويورك

نيسان ـ نشر في 2025-12-20 الساعة 10:17

نيسان ـ .
لقد فاق منتخبنا، في إنجازاته المتوالية، ما أنجزته حكوماتنا، لقد قام "بكل الواجبات الموكلة إليه بكل أمانة" بلا حلفان وبلا طقوس..
لقد كان حكومة حقيقية، حكومة تشبه حكومات الرجال والشهداء..!
فقد كان بمثابة وزارة الخارجية التي أعادت تشكيل الصورة الحقيقية عن الأردني ومواقفه، عن صموده وصلابته، عن إيمانه وثوابته، في المحافل الدولية والعربية!
وكان أيضاً وزارة الداخلية التي جمعت الأردنيين «من شتى الأصول والمنابت » في خندق واحد عنوانه الانتماء لوطن واحد، هو الأردن!
وكان وزارة الإعلام التي تحدثت للأردنيين «بصدق وشفافية ونزاهة»، وبلعب على المكشوف، دون تزييف أو تمويه، ودون «ميرمية»..!
وكان وزارة السياحة التي رسمت صورة جذابة مشرقة عن كل ما هو أردني، والتي جعلت المنتخب وجماهيره أيقونة الحدث، وروحه المشرقة التي أضاءت سماء العرب.
لقد كان المنتخب حكومة بأعلى درجات الانتماء والمسؤولية، حكومة أدارت المشهد بكل صدق وانتماء واقتدار، حكومة وحدت ولم تفرق، جمعت ولم تشتت، حكومة ليست ككل الحكومات التي عجزت أجهزتها، وميزانياتها، ووزراؤها، على مر عقود، أن تمنح الأردني إحساساً حقيقياً بالهوية والكرامة!
لقد كان المنتخب حكومة من نوع آخر؛ حكومة للوطن وليس عليه..حكومة أكثر ولاءً وأعمق تجذراً في الأرض..! لم يساوم ولم يهادن، ولم يملأ الدنيا صراخاً أو خطابا.. ملأ الدنيا فعلاً وهيبة وانتصار.
لقد كان حكومة لم تعجز أن تعيد للأردني قيمته الحقيقية. حكومة جعلت من شعار «ارفع راسك أنت أردني» واقعاً يفرض نفسه بكل أبعاده الحقيقية، لا مجرد أغنية وطنية، أو مهرجان خطابي!
لقد عجزت أمام وطنيته، كل القنوات، وكل الشاشات، وكل الأدوات، حتى «سرايا العَلَم الحديدية»، وحتى أناشيد البطولة ومهرجانات الولاء، أن تُحيي في الأردني أردنيته الكامنة فيه جذوره، كما فعل هذا المنتخب..
لم يكن جنود هذا المنتخب يلعبون، بل كانوا يقاتلون، كانوا يستبسلون لأنهم نشامى من طينة هذا الوطن. كانت كل مباراة بمثابة معركة، تطغى عليها روح الأردني الباسلة، وتعلو فيها صهوته، لا يقبل هزيمة، ولا يستسلم لعدو، ولا يرضخ لقلة الحيلة، ولا لشح المورد، ولا تغريه عن القيام بواجباته «مكاسب مادية» عرضها نادٍ هنا، أو سيعرضها نادٍ هناك..!!
نعم إنها مجرد كرة، لكنها مدرسة.. يُدرّس فيها الانتماء والعزم والتضحية ..فليتعلم كبار القوم لدينا، أن الوطن غاية وليس وسيلة، وأن راية الوطن تعلو ولا يُعلى عليها.
الحمد لله انكم لستم كحكوماتنا، فلم تشبعونا وعوداً وهمية بالخروج من «عنق الزجاجة»، ولم تضحكوا على لحانا بأن «القادم أفضل»، بل رأينا في نجاح مسيرتكم عزاً وفخراً..بأننا أردنيون!
لقد شاهد العالم، كيف يستبسل الأردني عندما يكون له قضية، وكيف يكسر سطوة الظرف وسوء الحال عندما يكون أمام عينيه غاية، وكيف يسطر من العزيمة بطولة، وكيف يكسب في الصمود معركة!
إنه فعلاً منتخب، انتخاباً حقيقياً، لا بالمال الأسود ولا «بالألو».. انتخاباً من ملح هذه الارض وعجاجها..انتخاباً كانت الكفاءة فيه هي معيار الأداء، وكانت أرض الواقع معيار النتيجة!
وكانت روح الفريق وإصرار الفرد، طوقاً من أغصان الزيتون يزين صدر عُقاب!! كان هذا هو الإنجاز الحقيقي الذي سطره المنتخب خارج أرض الملعب..وداخل حدود الوطن!!

نيسان ـ نشر في 2025-12-20 الساعة 10:17


رأي: إقبال حمايدة كاتب أردني مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية- نيويورك

الكلمات الأكثر بحثاً