اتصل بنا
 

أسواق تشتكي ومحال تغلق وتجارة تذبح .. ربط الرواتب بالتضخم ليس بذخا

نيسان ـ نشر في 2025-12-22 الساعة 11:33

أسواق تشتكي ومحال تغلق وتجارة تذبح
نيسان ـ إبراهيم قبيلات
يقول "تكتيك" إحدى "المزحات" الأردنية إن شاباً كان يرد على رفع الحكومة لأسعار المشتقات النفطية بحشو البنزين في سيارته بخمسة دنانير، ثم يرفع صوت المسجل على وقع أغنية حماسية او غاضبة مثلاً، ويمضي إلى طريقه. وإذا خفضته عبأها بالمبلغ نفسه.
كان ذلك منذ سنوات طويلة. واليوم ما زال حال صاحبنا على ما هو عليه، سوى أن "خمسته" لم تعد تكفيه لتعبئة "عبوة" صغيرة، ولم تعد الخمسة دنانير متوفرة في جيب الرجل أصلا .
المعالجات التي يقوم بها المواطن مُجبَراً على ما يجري من تضخم أو رفع أسعار، هي أن لديه الراتب نفسه، وعليه أن "يدبّر" راسه.
في العادة تربط الدول الرواتب بالتضخم رفعا أو خفضا. أما السياسة الاقتصادية الشعبية، فكما يجب أن يكون متوقعا، إذا ارتفعت الأسعار دخل المواطن إلى منزله أكثر. وإذا رفعت الأسعار أكثر، دخل أكثر. هذه ليست مزحة. الأسواق تشهد على ذلك.
أعلم أننا في عصر الكماليات، وأن المجتمع غرق منذ زمن في ثقافة استهلاكية رفعت الكماليات إلى مستوى الأساسيات. لكن المواطنين اليوم اكتشفوا أنهم يستطيعون الأكل من دون مطاعم، ويستطيعون التستر من دون شراء قميص جديد، ويستطيعون المشي بحذاء قديم.
السياسة الاقتصادية التي تربط الرواتب بالتضخم ليست بذخا. إنها تحمل الأسواق، وتحافظ على القوة الشرائية للمواطنين، لضمان عدم تأكل قيمة رواتب الموظفين الفعلية أمام موجات الغلاء التي لم تتوقف منذ عقود.
ليس بذخا أو أمرا ثانويا ربط الرواتب بالتضخم. فهذه السياسة تذهب إلى الحفاظ على المستويين الاجتماعي والاقتصادي للناس، وتساهم في تقليل الفجوة الطبقية والحد من الشعور بالظلم الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية والولاء الوظيفي، وبالتالي النمو الاقتصادي، ما ينتهي إلى تحفيز الدورة الاقتصادية.
من أجل ذلك، ولأننا لا نريد أن نمارس حماية لنا كمجتمع في ربط الرواتب بالتضخم؛ نرى اليوم أن أسواقا تشتكي، ومحالاً تغلق، وتجارة يراد البدء بذبحها .

نيسان ـ نشر في 2025-12-22 الساعة 11:33

الكلمات الأكثر بحثاً