اتصل بنا
 

2025.. عام عودة خدمة العلم إلى الأردن بعد 3 عقود من التوقف

نيسان ـ نشر في 2025-12-29 الساعة 12:24

2025.. عام عودة خدمة العلم إلى
نيسان ـ في 17 آب 2025 أعلن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، عن إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم خلال لقائه مجموعة من الشباب في محافظة إربد، مؤكدا ضرورة "تهيئة الشباب ليكونوا جاهزين لخدمة الوطن والدفاع عنه وأن كل من التحق سابقًا بخدمة العلم يعي أهمية هذه التجربة".
جاءت هذه الخطوة في توقيت اعتبره العديد من المراقبين حساسًا، حيث تواجه المنطقة تحديات إقليمية متزايدة، وقد رحّب الأردنيون على نطاق واسع بهذا الإعلان وعدّوه "قرارًا تاريخيًا" يعزز الهوية الوطنية والانضباط لدى الأجيال الشابة.
وتمثّل عودة خدمة العلم رسالة واضحة بأن الشباب الأردني سيكون في صميم مشروع بناء الدولة وحماية الوطن في المرحلة المقبلة، وفق ما أكد سياسيون وبرلمانيون وصحفيون.
خطة البرنامج
أعقب إعلان ولي العهد سلسلة إجراءات حكومية وتنظيمية لوضع برنامج خدمة العلم بحلته الجديدة.
في 19 آب 2025 عقدت الحكومة والقوات المسلحة الأردنية مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا قدّم خلاله وزير الاتصال الحكومي الناطق باسم الحكومة محمد المومني والعميد مصطفى الحياري مدير الإعلام العسكري في الجيش العربي تفاصيل إعادة تفعيل خدمة العلم.
وأوضح المومني حينها أن إعلان ولي العهد يأتي في إطار رؤية وطنية شاملة لاستثمار طاقات الشباب وإعداد جيل منضبط وواعٍ قادر على الإسهام في التنمية وصون الوطن.
وأعلن أن البرنامج المحدّث ليس نسخة عن برامج التدريب المهني أو "الجيش الشعبي" السابقة، بل يشمل مسارين: مسارًا عسكريًا يشكّل غالبية مدة الخدمة، ومسارًا نظريًا تثقيفيًا يتضمن محاضرات حول المواطنة والهوية الوطنية والثقافة الاقتصادية والمالية وسوق العمل.
وشدّد المومني على أن القوات المسلحة الأردنية ستُشرف بالكامل على تنفيذ البرنامج، بالتعاون مع لجنة وزارية وأمنية مختصة شُكِّلت لمتابعة التنفيذ برئاسة وزير الداخلية وعضوية جميع الجهات المعنية (مثل وزارة العمل ووزارات أخرى ذات صلة)، كما أكّد تخصيص الموارد المالية اللازمة لإطلاق البرنامج، جزء منها من مخصصات الطوارئ لعام 2025 والجزء الآخر ضمن موازنة 2026.
وضمن التحضيرات القانونية اللازمة، أشار المومني خلال المؤتمر الصحفي في آب إلى أن مجلس الوزراء سيعرض مشروع تعديل قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية في جلسته يوم 21 آب لإقراره وإرساله إلى مجلس الأمة بصفة الاستعجال.
ومضت الحكومة قدمًا في ذلك؛ إذ أكد رئيس الوزراء جعفر حسان أن مشروع تعديل قانون خدمة العلم سيكون ضمن أولويات الحكومة التشريعية تمهيدًا لبدء تنفيذ البرنامج مطلع شباط 2026.
وفي 14 أيلول 2025 وافق مجلس الوزراء على مشروع القانون المعدّل لقانون خدمة العلم لعام 2025 وإرساله إلى مجلس النواب حسب الأصول الدستورية.
وتضمن المشروع الأسباب الموجبة لإعادة التفعيل، ومنها تنظيم الأحكام القانونية الجديدة وتحديد حالات التأجيل المقبولة للخدمة.
كما تضمّن تمكين القوات المسلحة من تقديم برامج تدريبية للمكلفين في مراكزها، وإقرار ضمانات تتعلق باستمرار دراسة الطلاب أثناء تأدية الخدمة.
وجرى التأكيد على أن الخدمة المقترحة مدتها 3 أشهر تبدأ من تاريخ تجنيد المكلف، بحسب التعديل الجديد المستند إلى المادة 5 من القانون.
كما جرى تقسيم الفئة المستهدفة (مواليد عام 2007) إلى مجموعات تُستدعى على دفعات متتالية بناءً على نتائج القرعة الإلكترونية.
إقرار قانون خدمة العلم
ومع بداية الدورة العادية لمجلس الأمة، أُحيل مشروع القانون المعدّل لخدمة العلم إلى البرلمان بصفة الاستعجال.
وناقشت اللجنة القانونية في مجلس النواب المشروع وأوصت بإقراره، فيما أكد وزير الدولة للشؤون السياسية والبرلمانية عبد المنعم العودات أمام النواب أن القانون المقترح يمثل "أقصى أنواع الولاء" والوحدة الوطنية، وسيُمكّن الشباب من رسم المستقبل وتسليحهم بقيم الانضباط والانتماء المستمدة من المؤسسة العسكرية.
وفي 17 تشرين الثاني 2025 عقد مجلس النواب جلسة تشريعية مطوّلة برئاسة رئيس المجلس مازن القاضي وحضور رئيس الوزراء وفريقه الوزاري، تم خلالها إقرار مشروع تعديل قانون خدمة العلم لعام 2025 بالأغلبية كما ورد من الحكومة.
وشهدت الجلسة نقاشات موسعة، حيث تحدث نحو 97 نائبًا دعموا المشروع باعتباره خطوة وطنية تتجاوز الإطار التشريعي إلى تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم الانتماء والعمل الجماعي لدى الشباب.
وأشار نواب إلى أن إعادة خدمة العلم جاءت أيضًا استجابة لمطالب شعبية وبرلمانية رأت فيها ضرورة لمعالجة فراغ الشباب وتعزيز روح المسؤولية لديهم.
كما شدد النواب على ضمانات القانون لحقوق المكلفين، فلا يفقد الطالب الجامعي مقعده الدراسي خلال خدمته حيث يبقى محفوظًا له، إضافة إلى أن القانون المعدّل يتقدم على أي قوانين أخرى فيما يخص إلزامية الخدمة.
وبعد إقرار النواب، رُفع المشروع إلى مجلس الأعيان الذي أقرّه بالإجماع دون تعديل في جلسته يوم 23 تشرين الثاني 2025 برئاسة رئيس المجلس فيصل الفايز.
وبإقرار الأعيان للمشروع كما ورد من النواب تمهيدا لاستكمال القانون لجميع مراحله الدستورية، ليصدر بعد ذلك بموجب الإرادة الملكية وينشر في الجريدة الرسمية.
وبذلك أصبح القانون المعدّل نافذًا أواخر تشرين الثاني 2025، مما أتاح البدء الفعلي بتنفيذ برنامج خدمة العلم المجدّد.
وأبرز ما تضمنه القانون النهائي شمل: اختيار المكلفين بالقرعة الإلكترونية الشفافة دون أي استثناءات تنفيذًا لتوجيهات ولي العهد، وربط الخدمة بالتعليم العالي بحيث يمكن احتساب فترة الخدمة ضمن متطلبات مادة العلوم العسكرية أو خدمة المجتمع في الجامعات، وضمان عدم فقدان المقعد الدراسي للمكلفين الطلبة، وإلغاء أي أولوية للتعيين الوظيفي لمن أنهوا الخدمة تكريسًا لمبدأ تكافؤ الفرص.
كذلك حدد القانون معايير التأجيل والإعفاء بشكل صارم، حيث يُعفى فقط وحيد الوالدين ومن تثبت عدم لياقته الطبية، ويؤجل الطلبة ضمن نظام الدراسة السنوي وطلاب المدارس والمقيمون في الخارج إلى حين زوال سبب التأجيل.
وأكدت الحكومة أن البرنامج لن يستثني أحدًا ممن تنطبق عليهم الشروط، تطبيقًا لمبدأ العدالة والمساواة أمام الواجب الوطني.
ويُذكر أن آخر دفعة خدمة علم في الأردن كانت تحمل الرقم 53 عام 1992 قبل وقف التجنيد الإلزامي، ومع عودة الخدمة سيُمنح الرقم 54 للدفعة المقبلة المستأنفة بعد هذه السنوات.
القرعة الإلكترونية وإعلان الدفعة الأولى
بعد إقرار الإطار القانوني وصدور التعليمات التنفيذية، انتقلت الجهات المختصة إلى مرحلة تنفيذ برنامج خدمة العلم على أرض الواقع.
حُدد مطلع عام 2026 موعدًا لبدء تدريب أول دفعة، وفق ما أكد رئيس الوزراء جعفر حسان بأن التنفيذ الفعلي سيبدأ في شهر شباط 2026 بالتعاون مع القوات المسلحة.
ولضمان الشفافية في اختيار المكلفين، أعلنت وزارة الاتصال الحكومي أنه سيتم إجراء القرعة الإلكترونية العلنية لاختيار المكلفين لخدمة العلم لعام 2026 عند الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين 8 كانون الأول 2025.
وبالفعل، في ذلك الموعد أشرفت الحكومة بالتنسيق مع القوات المسلحة على إجراء سحب إلكتروني عشوائي لاختيار 6000 مكلف من مواليد سنة 2007 (وهي الفئة المستهدفة التي أتمّت 18 عامًا بحلول 1 كانون الثاني 2026).
وجرت عملية السحب بحضور لجنة فنية مختصة وبثّ مباشرة عبر قنوات التلفزة المحلية لتحقيق أعلى درجات الشفافية.
وأكد الوزير محمد المومني أن "مجريات القرعة ستتسم بأعلى درجات الشفافية" ببثها حيًا ليتمكن الشباب وذووهم من متابعة الحدث لحظة بلحظة.
كما صرّح وزير الاقتصاد الرقمي والريادة سامي سميرات خلال الحدث أنه تم اعتماد نظام قرعة إلكترونية "دقيقة ومحكمة" لاختيار الأسماء، بحضور اللجنة الفنية لضمان النزاهة وحماية البيانات.
وأسفرت القرعة عن اختيار 6000 شاب سيتم استدعاؤهم على ثلاث دفعات خلال عام 2026، بواقع 2000 مكلف في كل دفعة.
ورُوعي في اختيار الدفعة الأولى التوزيع الجغرافي العادل بين المحافظات، بحيث تم تخصيص حصة لكل محافظة (300 مكلف لكل محافظة، باستثناء العاصمة عمّان 1500، ومحافظتي الزرقاء وإربد 900 لكل منهما) لتحقيق تمثيل متوازن.
وعقب انتهاء القرعة الإلكترونية وإتمام فرز الأسماء، أُعلن عن إطلاق منصة إلكترونية رسمية خاصة ببرنامج خدمة العلم لتمكين الشباب من التحقق من شمولهم في الدفعة الأولى ومعرفة الإجراءات اللاحقة.
وفعّلت القوات المسلحة الرابط الإلكتروني المخصص للاستعلام؛ حيث دعت دائرة التعبئة والجيش الشعبي كل شاب للاستفسار عن موقفه من الاستدعاء لخدمة العلم لعام 2026 عبر الموقع المخصص لذلك.
وعلى الفور باشرت الجهات التنظيمية بإبلاغ من وقع عليهم الاختيار وترتيب المراحل التالية.
ووفق خطة التنفيذ، خُصصت الفترة بين 17 و23 كانون الأول 2025 لإجراء الفحوصات الطبية للمكلفين ضمن مراكز طبية عسكرية موزعة في مختلف أقاليم المملكة.
وتلا ذلك استكمال إجراءات التجنيد والإلحاق في مراكز التدريب خلال شهر كانون الثاني 2026، على أن يكون التحاق الدفعة الأولى بالخدمة فعليًا في 31 كانون الثاني 2026 وبدء تدريبهم العسكري صبيحة 1 شباط 2026.
وبهذا الإعلان عن أسماء الدفعة الأولى من المكلفين واستدعائهم، يكون الأردن قد أحيا خدمة العلم بعد توقف دام أكثر من ثلاثة عقود.
وجاء هذا الإحياء تتويجًا لجهود مشتركة بين الحكومة والقوات المسلحة الأردنية، وبدعم مباشر من سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، إذ جسّد البرنامج توجه الدولة نحو الاستثمار في شبابها وتعزيز جاهزيتها الوطنية.

نيسان ـ نشر في 2025-12-29 الساعة 12:24

الكلمات الأكثر بحثاً