خرج ولم يعد
شاهر الشريدة
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-01-07 الساعة 13:34
.
بالاول ثانوي، كنا شلة شباب مش ملتزمين بحضور الحصص، فكنا كل يوم بالفرصة، نطلع نفطر بمطعم بعيد عن المدرسة، ونتأخر بالرجعة.
وباحدى المرات وانا بتصفح بالجريدة بالمطعم، كان فيها صورة لختيار تحت عنوان (خرج ولم يعد )، وكانت الصدفة ان فيه عالطاولة اللي جنبنا، ختيار غريب عن المنطقة، هو نفسه اللي بالجريدة.
الختيار شافنا بنتفرج عليه أنا والشباب، وكأنه عرف ان فيه خبر عنه، قام وترك المطعم وطلع.
صرنا نسولف شو اللي بخلي هالختيار يفل من دار ابنه، ختيار بالستين عمره، ومبين بصحته وعافيته، وليش اظهرلنا انه ما بده يرجع.
هالختيار مش الوحيد اللي بهرب من بيته، لأن فيه كثير ناس بطلعوا من بيوتهم، وشباب بهاجروا وبتركوا الوطن وما برجعوا، وناس كثير بتتمنى تطلع حتى لو بدون هدف، ولو بناموا بالشوارع ببلاد الغربة، المهم يطلعوا.
لكن الفرق بين الفترة اللي صارت فيها قصة الختيار قبل 25 سنة وبين هسا، ان زمان كان فيه وطن موجود، ومهما بعدنا بنظل عارفين ان فيه وطن بجمعنا، وطن بحمينا من الحرامية، وبدفينا بليالي البرد والمربعانية.
لكن هسا الوطن مفقود، ومش عارفين نلاقيه، عارفين وشايفين مين اللي سرقوه وضيعوه، لكن مش قادرين نمسكهم.
كل ما نمسك واحد فيهم بنفرح ان الوطن بكرا برجع، و بنتفاجأ ثاني يوم بحرامي جديد أكبر من اللي قبله، و بنتفاجأ اكثر لما بنشوف اللي انمسكوا رجعوا يعيشوا بيناتنا ببساطة وبدون عقوبة.
من هون لبين نمسك كل الحرامية اللي سرقونا وبعدهم بسرقونا، بده يظل الوطن تحت عنوان (خرج ولم يعد).